• الصلاة القادمة

    الفجر 04:23

 
news Image
منذ ثانيتين

سجناء في أجسادنا

لم نخترها، فرضت علينا بما فيها من أمراض، هذا سجين الكبد وهذا سجين الكلى وهذا سجين السكر وهذا سجين السمنة وهذا سجين المفاصل، أمراض تلهب الظهور وتكوى الجوارح وتكبل الحركة.

 سجون دون سجان، ولا سجن أضيق من المرض ولا سجان أصعب ولا أقسى من المرض .

سجناء أجسادنا

 بشكلها الذى يعجبنا أو لا يعجبنا بألوانها ومقاييسها وجمالها وعيوبها ونقائصها لا نستطيع تركها إلى أجساد أكثر صحة ووجوه أكثر نضارة وجوارح أكثر كفاءة.

سجناء فى عقولنا

 بما هى عليه من ذكاء وعبقرية أو غباء وضيق أفق لا نستطيع التحول عنها إلى عقول أكثر ذكاءا وأكثر إدراكا وأحسن فهما.

سجناء فى مكاننا

لا نستطيع أن نعيش فى المكان الذى نحب وقت ما نحب لدواعى الانشغال بالدراسة وبالعمل وتحصيل الرزق وضيقه هنا وسعته هناك ودواعى تكاليف وقوانين السفر ودواعى عدم الأمان داخل الأوطان .

سجناء فى زماننا

 فرض علينا زمان لا نستطيع التحول عنه بهزائمه وتراجعه  وعاداته وقيمه وتقاليده وحروبه وناسه إلى زمان أجمل، أكثر أمنا أو أكثر سعادة وأحسن ناسا وألطف أخلاقا وأفضل دينا .

سجناء فى من يعيشون معنا وحولنا

 فى أشغالنا وبيوتنا وأولادنا ومديرينا وجيراننا وزملاء الدراسة وزملاء العمل، هم يشكلون مفردات حياتنا وتفاصيل أيامنا وليالينا، ولم نخترهم ولو اخترنا لابعدنا من حياتنا الكثيرين منهم .

سجناء فى طعامنا وشرابنا

فهذا غير متوفر وهذا هو الموجود وهذا مسرطن وهذا خطير على صحتك وهذا باهظ الثمن ولو اخترنا لكان لنا شأن آخر فيما نأكل ونشرب .

سجناء فى ما وجدناه مفروضا علينا

 ما ولدنا به، آبائنا وسيرتهم الطيبة أو غير ذلك، مهنة الأب المرموقة أو الوضيعة، طيب أم غير ذلك، طريقة معاملته وإدارته لحياتنا، أمهاتنا وطريقتهم فى تربيتنا، إخواننا وأبناءنا وهل هم على خلق وهل هم كما نحب ونريد؟ أسمائنا التى ولدنا بها وفرضت علينا كما هى  جميلة أو قبيحة، عائلتنا الكبيرة وسيرتها ومكانتها وعزتها أو وضاعتها، أجدادنا وسيرتهم وسلوكهم ووظائفهم وما ورثوه وما ورثناه منهم .

بلدتنا ودولتنا التى نعيش فيها وهل هى قوية أو ضعيفة، غنية أم فقيرة، متراجعة أم متقدمة عادلة أم ظالمة وماذا لو اخترنا البلد الذى نولد فيه ونعيش فيه .

سجناء نحن فى سجن كبير، ربما لا يقل قسوة عن سجون الظالمين فى هذه الدنيا، سجناء والكل سجناء، الغنى والفقير والقوى والضعيف وصاحب السلطان وخادم السلطان .

سجناء نحن فى سجن كبير، لا خيار لنا ولا اختيار إلا فيما نعبد ونعتقد ونمارس من عبادة ونستعد للخروج من السجن الكبير إلى رحاب أوسع وحرية أكبر ومتعة الزمان ومتعة المكان ومتعة الصحبة، إلى صحبة نختارها وأجساد وأشكال نختارها، وانتقال بسهولة ويسر دون جاذبية الأرض الثقيلة، إلى ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر .

 نستعد للخروج  للآخرة التى هى الباقية لحسن حظ المؤمنين وسوء حظ المجرمين والظالمين .

سجناء جميعنا وللأسف، كلنا حريص على استمرار العيش فى هذا السجن الكبير.

( بل تؤثرون الحياة الدنيا والآخرة خير وأبقى .... )

أضف تعليقك