• الصلاة القادمة

    الفجر 04:23

 
news Image
منذ ثانيتين

أرجوكم دعونا نتعفن وراء هذا الأمل الذي لا ينفك يُفلت طاقة الغضب من انتهاكاتكم وسفاهاتكم من داخل قلوبنا.

أرجوكم دعوه يموت منتصرًا كما عاش مناضلاً، أعطونا الفرصة لنكرهكم أكثر وأكثر، وننزع عنا تلك الميوعة التي جعلتنا يومًا ننظر لأحدكم بعين الرحمة.

انسجوا مستقبلكم بخيوط لا التباس فيها، لا مراعاة لسنٍ ولا لظرفٍ صحيٍّ ولا لتاريخٍ ولا حتى لكذبٍ مفضوح بتهمةٍ ملفَّقة لا دليل لديكم على ارتكابها.

أرجوكم أطلقوا كلابَكم ليرددوا كثيرًا مقولة "طز في مصر"، التي إن مات عاكف في سجونِكم ستُصبِحُ رمزًا لمصر التي تَقتُل، ولن تصبحَ حجةً على خطأ وقع فيه عاكف.

لا يبدو لي أن هذا الرجل بحاجة إلى أن يُفرِجَ عنه مجموعة من القتلة والسفاحين محدودي الذكاء وعديمي الموهبة، فالأستاذ الذي شارف على التسعين، كان قد أنفق عمرَه في تقديم دروسٍ يصعب على أمثال سجَّانيه أن يستوعبوا محتواها أو قيمتها.

أعرف أن الجميعَ يطالبون الآن بالإفراجِ عن الأستاذ مهدي عاكف، وفي مواجهة كل مطالبة بالإفراج عنه يخرج عليك أحد الجهال ليردد كلامًا لا ينبئ إلا عن جهله بشأن الرجل.

عاكف الذي بدأ حياته مقاومًا للاحتلال الإنجليزي؛ حيث رأس معسكرات جامعة عين شمس للمقاومة في القناة إلى أن قامت الثورة، وسلَّم هذه المعسكرات إلى مسؤول الحرس الوطني آنذاك كمال الدين حسين، لن يأبه لأشخاص باعوا الأرض وخذلوا كرامة هذا الشعب وأيَّدوا خائناً في خياناته، عندما يدَّعون أن الأستاذ ليس وطنياً بما يكفي، من وجهة عدم نظرهم.

الرجل الذي سُجن في عهد عبد الناصر والسادات ومبارك لن تبتلعه جدران السجن، فها هو يقضي في غياهب سجون السيسي حكمًا لا نهائيًّا، وها نحن لا نتوقف عن الحديث عنه؛ بل ولا نتوقف عن تذكير الجهال، مَن هو مهدي عاكف؟

الرجل الذي يكاد يكون الوحيد الذي ترك منصبًا رئاسيًّا عندما كان المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين طواعيةً؛ ليضرب مثالاً يصعُب على انقلابيين جاءوا للسلطة على فوهة دبابة أن يدركوه أو حتى يحترموه.

أرجوكم لا تفرجوا عن مهدي عاكف، فهو لن ينفق كل هذا العمر ليأتي أحدهم ويشعر بالزهو في ذاته وهو يكتب قرارًا ملوثًا بالإفراج الصحي عن رجل لم يضع لحياته حسبانًا طالما تعلق الأمر بقضيته ووطنيته.

أرجوكم لا تفرجوا عن مهدي عاكف، فهناك جيل بكامله بحاجة إلى رمز قدم الكثير وأنفق الكثير، وليس كعرائس الماريونيت التي طالما خدعتمونا بها وتساقطت واحدة تلو الأخرى، وأنتم لستم أقل حماقة من أن تُهدوا هذا الجيل رمزًا بقوة وعزيمة مهدي عاكف.

كان يمكنُ أن يموت عاكف في منزله وعلى سريره وسط أهله ككل الذين ينتزعهم الموت يوميًّا دون أن نشعر بهم، لكن رجلاً بهذا الحجم لا يبدو أنه صُنع لذلك، ومن الواضح أن هذا الحجم من الظلم والجهالة قد سخَّره الله خصيصًا لكي يكون موتُه فارقًا كحياته.

أضف تعليقك