• الصلاة القادمة

    العشاء 17:29

 
news Image
منذ ثانيتين

عندما تجوب العالم في رأس السنة، بغض النظر عن تلك الجولات سواء كانت حقيقية أو افتراضية من خلال مواقع التواصل أو وقنوات الأخبار، فإن انطباعك الأول عن تلك الشعوب التي تحتفل برأس السنة بأنها تنتظر الأفضل في السنة المقبلة، يملأها الأمل والتفاؤل، إلا في مصر وكثير من بلاد الأعراب، لكن، يبدو أن حالة مصر من تشاؤم شعبها هي الأشد والأخطر بين جيرانها.

فعندما تسير في شوارع القاهرة مثلا، أو تجلس في مقاهيها الشعبية المنتشرة على نواصي الشوارع والطرقات، فإنك تلمس ذاك التحول الجذري في رأي وآراء أولئك الذين أيدوا السيسي يوما، والذين دافعوا باستماتة عمياء عنه وعن سيطرته على السلطة في مصر، تلمس أنهم أصبحوا الأكثر تشاؤما من غيرهم، والأكثر سخطا على السيسي من غيرهم، والأكثر خيبة أمل بالسيسي من غيرهم، والأكثر شعورا بالخطر القادم على البلد من غيرهم، والأكثر تذمرا من الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والسياسية والأمنية من غيرهم.

يبدوأن المصريين جميعا بلا استثناء في طريقهم لإدراك بعد ستون عاما وحكم السيسي أخيرا، بأن العسكر لا يصلحون للحكم، فهم قد يصلحوا لأي شيء إلا الحكم.

لذلك باتت تلك الفئة من الشعب المصري بالذات -وهنا بيت القصيد- لا يمكن لها أن تتصور أو تستوعب تلك التوقعات المرعبة دون تغيرات وتبدلات سياسية من رأس السلطة إلى أسفلها، إلى جانب تلك التغيرات الاقتصادية الجذرية والحقيقية المهمة قبل أن يبقى السيسي في السلطة لنهاية هذا العام، لذلك نجد تلك التساؤلات الواضحة من خلال تعبيرات وجوههم والتي انحصرت ب "متى سيذهب السيسي؟" تساؤلا دون غيره وحتى دون التفكير بخلف للسيسي قبلا، أو بوجوب ذهاب السيسي من عدمه!.

ويبدو اﻵن أن المصريين جميعا بلا استثناء في طريقهم لإدراك بعد ستون عاما وحكم السيسي أخيرا، بأن العسكر لا يصلحون للحكم، فهم قد يصلحوا لأي شيء إلا الحكم، ولا يصلحوا للاستمرار بحكم المصريين بعد هذه مرة، فربما تخيل البعض ومعهم السيسي بأن نموذجا جديدا وعصريا ظهر يحاكي نموذج جمال عبد الناصر بعقلية العسكري المعروفة بأنه سيخلص البلد من مأزقها الاقتصادي والسياسي، كان تخيلا صبيانيا بات يتضح للجميع الآن، ونحن رأينا ونرى تلك الاستطلاعات حول شعبية السيسي بين الشعب المصري كيف أنها لا تنفك تنحدر بشكل مخيف ومستمر، بل ربما أن هذه الشعبية لم تعد موجودة إلا بين أبواقه وأذرعه الإعلامية فقط وإلى أمد ليس ببعيد.

باتت تدرك تلك الفئة من الشعب أيضا أن السجون المصرية امتلأت عن آخرها بسجناء الرأي، ليس بسجناء الفساد والفاسدين والمفسدين والمجرمين، وبأن أبرز إنجاز للسيسي منذ سيطرته على الحكم هو إنشاء المزيد من السجون، كيف لا وقد بات مبارك وأبنائه ووزرائه وكل أولئك الذين قامت عليهم ثورة 25 يناير باتوا الآن خارج السجون وأن رئيسا منتخبا يقبع خلف القضبان!

إن أكبر ما سيؤدي بالسيسي إلى نهايته، هو تحويله كامل الشعب المصري إلى مجرد شعب جائع وغاضب لا يقوى على شراء السكر والأرز والسمنة.

فباﻹضافة إلى أن السيسي خسر ويخسر مؤيديه في الداخل أيضا بسبب تسويقه لمشاريع اقتصادية وهمية أو مشاريع فاشلة وعلى رأسها يأتي مشروع قناة السويس -تفريعة السويس- الذي كلف مصر والمصريين 8.5 مليار دولار وها هو كمشروع لم يحقق حتي عشر تلك العوائد التي كانت قبل التفريعة، ولم يزيد من استقطاب السفن سوى بنسبة 0.0033 بالمئة، وقرار تعويم الجنيه أحد إملاءات البنك الدولي للموافقة على قرض أل12 مليار دولار الذي أدى إلى أن ترتفع الأسعار بشكل جنوني محموم دفع أغنياء البلد للشكوى من هذا الارتفاع قبل المعدمين منهم، ها هو يخسر أيضا داعميه من دول الخليج خاصة، من خلال سياساته الخارجية الفاشلة والمتخبطة، فشعور الخذلان الذي أصاب الشعب المصري بالكامل بما فيه الأقباط ورجال الأعمال الذين قدموا له الدعم، ها هو يتعدى الشعب ليصل السعودية والإمارات أكبر من قدم له الدعم يوما.

لكن إن أكبر ما سيؤدي بالسيسي إلى نهايته، هو باﻹضافة إلى تحويله كامل الشعب المصري إلى مجرد شعب جائع وغاضب لا يقوى على شراء السكر والأرز والسمنة، نجده لا يستطيع أن يمارس وظيفته كرئيس إلا بصفته العسكرية البحتة، حيث قدم مصر لتكون أكبر مستورد للأسلحة بين الدول النامية، حيث أنفق 15 مليار دولار على شراء السلاح في 2015، وعندما يقارن الشعب الجائع الغاضب بين الأمرين فإنه في حالات مماثلة تكون النهايات مأساوية وجنونية للغاية على الطرفين الشعب والحاكم، خاصة وأن نظام السيسي جعل من مصر في مرحلة لم تحلم بها إسرائيل ولا قادتها من طيب وانسجام العلائق بينهما، وفي أفضل الأحوال سوف تستخدم تلك الأسلحة في تنفيذ إملاءات خارجية هذا إن لم تستخدم في قمع الشعب الذي وجهت له رسائل كثيرة من السيسي من قبيل "أن خطة الجيش أن ينتشر في مصر بأقل من ستة ساعات".

أضف تعليقك