• الصلاة القادمة

    الظهر 11:01

 
news Image
منذ ثانيتين

تحت شعار "الشباب وثقافة المستقبل" وبمشاركة 670 ناشرًا، من 35 دولة عربية وأجنبية، انطلقت فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الثامنة والأربعين، في الفترة من 26 من يناير إلى 10 من فبراير القادم، وسط إقبال جماهيري ضعيف مقارنة بالأعوام السابقة.

يأتي معرض القاهرة للكتاب هذا العام وسط موجة كاسحة من الغلاء وارتفاع الأسعار التي أرهقت كاهل المواطن، وأفقدته الكثير من عاداته التي حرص عليها في حياته، وفي مقدمتها الجولات الأسرية داخل المعرض، والتزود بأحدث الكتب والمجلدات والألعاب التي تضفي البهجة والسرور على جميع أفراد الأسرة طول العام.

وفي هذه الجولة التفقدية نلقي الضوء على أبرز ملامح المعرض هذا العام، والوقوف على خارطة اهتمام الزوار، وتقييم أدائه هذا العام مقارنة بالأعوام السابقة.

فخر للثقافة العربية

"معرض القاهرة الدولي للكتاب أحد أبرز المحافل الثقافية ليس في العالم العربي فقط، بل في العالم أجمع، وشرف للجميع المشاركة فيه" بهذه الكلمات أجاب الدكتور خالد النامي، الملحق الثقافي السعودي بالقاهرة، على سؤال "نون بوست" عن رأيه في المعرض في دورته الحالية.

النامي لفت إلى أن المملكة العربية السعودية حريصة كل الحرص على الحضور والمشاركة في مثل هذه الفعاليات التي تقدم صورة إيجابية عن الثقافة العربية في مختلف دول العالم، مشيرًا إلى أن للثقافة دورًا دبلوماسيًا مهمًا جدًا في التقريب بين الشعوب والدول، وهو ما يجب الحرص عليه بشتى السبل.

الملحق الثقافي السعودي بالقاهرة ثمن العلاقات الثقافية بين البلدين، ملفتًا أن مصر ستكون ضيف شرف مهرجان "الجنادرية" لهذا العام في المملكة العربية السعودية، تقديرًا لدورها الثقافي - عربيًا ودوليًا - ولتعميق التواصل الثقافي بين البلدين.

قلة الزوار سمة هذا العام

منذ الوهلة الأولى التي تطئ فيها أقدامك ثرى أرض المعارض بمدينة نصر حيث مقر إقامة معرض القاهرة الدولي للكتاب تتلمس الإقبال المتواضع، حيث شبابيك التذاكر شبه الخاوية، واختفاء طوابير الزوار، مما عكس صورة إيجابية عن تنظيم عملية الدخول، إلا أنه في نفس الوقت جسد تراجع أعداد الحضور إن تم مقارنتها بما كانت عليه في السنوات الماضية، حيث الطوابير التي كانت تغلق شارع صلاح سالم الموازي لمكان إقامة المعرض والشوارع الجانبية له.

وعقب تخطي بوابة الأمن ودخول أرض المعرض من ناحية صلاح سالم، لوحظ أن معظم الزائرين موجودين داخل الصالة الرئيسية والمسماة بـ"صالة هيئة الاستثمار" والتي تضم كبار العارضين، خاصة أن سعر إيجار المتر بها غالي الثمن مقارنة بغيرها من صالات العرض الأخرى، حيث يوجد بها وزارتي الدفاع والداخلية، والهيئة العامة للكتاب، ودور النشر الإماراتية والكويتية والبحرينية، إضافة إلى ضيفة شرف هذا المعرض، المملكة المغربية.

الداخلية والدفاع.. للتصوير فقط

وبجولة تفقدية داخل مقرات وزارتي الدفاع والداخلية والتي تعد الأضخم والأكثر إبهارًا وكلفة داخل جنبات المعرض بلا استثناء، وجد أن النشاط الرئيسي تمثل في مساعي بعض الحضور لالتقاط الصور التذكارية سواء داخل المقرات أو مع رجال الأمن الموجودين بها.

وبسؤال أحد الضباط الموجودين عن الهدف من المشاركة في معرض الكتاب، أشار إلى أن من حق المواطنين التعرف على جيش بلادهم ومنظومة بلادهم الأمنية، وأن المشاركة في مثل هذه الفعاليات حتى وإن لم تتعلق بحركة البيع والشراء للكتب والمؤلفات الثقافية وهو الهدف الرئيسي لإقامة المعرض، إلا أنها تعكس صورة إيجابية وتعمق روح الانتماء لدى المواطن خاصة من الشباب، وهو ما يتجسد في حرص المئات على التقاط الصور مع الضباط الحضور داخل تلك المقرات، أو المؤلفات المعروضة عن تاريخ الجيش والشرطة، والإصدارات الإعلامية عن الوزارتين.

المغرب..  ضيف الشرف

جاء اختيار المملكة المغربية لتكون ضيف شرف معرض الكتاب في دورته الحالية تتويجًا للعلاقات المميزة بين مصر والمغرب، حسبما جاء على لسان الدكتور أحمد التازي سفير المغرب في القاهرة، ملفتًا أن فكرة اختيار المغرب كضيف شرف ليست وليدة اليوم، بل قد تم طرح هذه الفكرة منذ عامين تقريبًا خلال لقاءات ثقافية جمعت بين البلدين.

السفير المغربي أشار إلى أن تميز وتفرد العلاقات المصرية المغربية يعود إلى بعدين، شعبي وتضامني،  فالبعد الشعبي "يحمل الفكر والثقافة والإنسان" أما البعد التضامني فمعناه أن الدولتين كانتا دائمًا "في علاقة تضامن موصول في جميع القضايا المصيرية"، ملفتًا أن المغرب يشارك في هذا المعرض بمؤلفات 60 علمًا من أعلام الثقافة المغربية، مما يعكس قيمة معرض القاهرة والذي يعد أحد أبرز المحافل الثقافية في العالم.

أما نجوى السائل الصحفية بالمركز الإعلامي المغربي بالمعرض، فأشارت إلى أن وجود المغرب بين جنبات معرض القاهرة الدولي للكتاب فخر لجميع المغاربة، معربة عن أملها في توطيد العلاقات المصرية المغربية في شتى المجالات، خاصة أن كلا الشعبين يحمل للآخر مكانة كبيرة ومشاعر نبيلة، لا يمكن أن تتأثر بمرور الزمن.

السائل لفتت أيضًا إلى أن بلادها تشارك هذا المعرض بنحو 1000 كتاب في مختلف المجالات، إلا أن السمة الأبرز لتلك الكتب أن أغلبها يتحدث عن التاريخ المغربي، ومنظومة الثقافة والأدب في بلاد المغرب بصورة عامة.

الأسعار.. وإجهاض حلم القراءة

"أقسم بالله نحن نبيع الكتب المسعرة بالريال، بالجنيه المصري، فالكتاب المكتوب عليه 50 ريال نبيعه بـ 50 جنيه ومع ذلك لا يوجد بيع" بهذه الكلمات علًق علي بن يوسف الحمري، مدير التسويق بدار المنهاج للنشر والتوزيع، وهي دار نشر سعودية، على معرض القاهرة هذا العام.

الحمري أشار أن الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها مصر بصورة خاصة ألقت بظلالها القاتمة على حركة البيع والشراء داخل المعرض، ملفتًا أنه ومنذ سنوات طويلة سابقة يشعر بهذا العزوف عن شراء الكتب، منوهًا أن أغلب من يشترون منه هذا العام من الطلاب والباحثين السعوديين والعرب من غير المصريين.

وفي السياق نفسه، أشار محمد عيد مدير علاقات الناشرين ببنك المعلومات العربي أسك زاد، أن ارتفاع الأسعار أجهضت حلم المواطنين في القراءة هذا العام، حيث الارتفاع الجنوني في أسعار الورق والطباعة، وهو ما انعكس بالطبع على أسعار الكتب، في الوقت الذي لم يجد فيه المواطن قوت يومه.

عيد لفت إلى أنه وللمرة الأولى نجد أن نسبة كبيرة من الزوار يأتون للمعرض بهدف الترفيه ومحاولة الاستفادة من العروض والهدايا المقدمة، أما فكرة الشراء والخروج بعشرات الكتب كما كان في السابق، فبات مشهدًا قلما تجده هذا العام، وهو ما دفع العديد من دور النشر إلى البحث عن حيل جديدة للبيع.

جدير بالذكر أن نسبة كبيرة من المواطنين يلجأون لسور الأزبكية حيث بيع الكتب المستعملة والقديمة للهروب من ارتفاع الأسعار، فقد يجد الزائر ضالته في كتاب تاريخي أو أدبي أو سياسي بسعر معقول حتى ولو كان قديمًا.

التخفيضات والهدايا.. حيل الناشرين للبيع

في الوقت الذي تعاني فيه صالات المعرض وجنباته من غياب الزوار وتباطؤ حركة البيع والشراء، لجأت العديد من دور النشر إلى بعض الحيل لجذب الزائر للشراء، في مقدمتها التخفيضات والعروض والهدايا.

عادل المصري رئيس اتحاد الناشرين المصريين، ومالك دار "أطلس" للنشر، أكد أن الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي يحياها المصريون هذه الأيام، تسببت في شل عمليات البيع وهو ما قد ينذر بخسائر فادحة لدور النشر المشاركة، مما قد يدفع بعضهم إلى تقليل هامش الربح في مقابل تنشيط حركة البيع والشراء.

المصري لفت إلى أن دار "أطلس" للنشر قدمت عروضًا خاصة بأسعار مخفضة بصورة غير مسبوقة منذ نشأتها، كما أنها ستعتمد سعرًا موحدًا لبعض الكتب في حدود عشرة جنيهات، فيما أطلق عليه مبادرة "أزبكية أطلس" في محاولة لجذب القارئ نحو الشراء.

 

التخفيضات والعروض أبرز حيل الناشرين لجذب الزائرين

ما بين غذاء العقول وغذاء الأجساد

تباينت ردود فعل المواطنين الزائرين حيال المعرض هذا العام، ففريق يرى أن ارتفاع  أسعار الكتب والمؤلفات المعروضة، بجانب تراجع المستوى المعيشي للكثيرين كان السبب الرئيسي وراء العزوف عن عملية الشراء هذا العام، وكفاية البعض بالقيام بجولات تفقدية داخل جنبات المعرض.

مسعد السيد، مرشد سياحي، قال : "جئت اليوم فقط لأقابل أصدقاء لي هنا لم أرهم منذ فترات طويلة، أما بخصوص شراء الكتب فأعتقد أن الأسعار الجنونية للكتب كفيلة وحدها بأن تضع بيني وبينها حائلاً لا يمكن تخطيه، فكيف لي أن أدفع كل ما في جيبي على كتب في الوقت الذي لا أكفي فيه متطلبات بيتي بعد توقف السياحة منذ عدة أعوام".

أما أحمد الجبالي، مهندس، فقال: كل عام ننتظر معرض الكتاب على أحر من الجمر، فهو مناسبة جميلة للترفيه الثقافي العائلي، حيث نخصص يومين أو ثلاثة لزيارة المعرض برفقة أسرتي، لكن في ظل الظروف المعيشية الحالية من الصعب أن آتي بزوجتي وأولادي فضلاً عن شراء الكتب التي طالما أعتدت على شرائها كل عام، لذا فضلت أن أزور المعرض بمفردي هذا العام من باب حب الاستطلاع لا أكثر.

وفي المقابل يرى عبد الفتاح سعيد، محامي، أن هناك بعض المؤلفات بأسعار مخفضة، فضلاً عن عروض على بعض الكتب، ومن ثم فأنا حريص على شراء مثل هذه المؤلفات، فمن الصعب أن يمر المعرض دون أن أشتري، مضيفًا: من الفخر لنا جميعًا كمصريين هذا المعرض الذي يشهد بقيمته ومكانته العالم أجمع.

أضف تعليقك