• الصلاة القادمة

    الفجر 04:23

 
news Image
منذ ثانية واحدة

لم تعرف الأجيال الجديدة، الشيخ صلاح أبو إسماعيل، وعندما بدأت في التعرف عليه، لم تر فيه إلا أنه والد "الشيخ حازم"، وأي كلام يُقال عن الأب فلابد أن يصب في تكريس الشرعية السياسية للابن، وهي الدعاية التي كانت سبباً في تحرك اللجان الإلكترونية للانقلاب، للتشهير بالرجل، فهو وإن كان قد أفضى إلى ما قدم، وصار ما يُقال عنه تاريخ، فإن توظيفه لصالح الابن ومشروعه السياسي، لابد وأن يدفع من يحسبون كل صيحة عليهم، للانقضاض على "الراحل" حتى لا يستفيد "الباقي" من مناقبه !

فعندما كتبت المقال الأول عن الشيخ، كان تعليق اللجان الإلكترونية بأن صلاح أبو إسماعيل ليس أكثر من تاجر عملة، وكما فوجئ كثير من أنصار الشيخ حازم بأن والده كان معارضاً شجاعاً للسادات ومبارك، ولم يتعرفوا على سيرته، وما يعنيهم في الأمر أنه "والد الشيخ حازم"، فقد ارتج عليهم بالدعاية المضادة، ولم يستطيعوا صداً أو رداً !.

فما حقيقة اتهام الشيخ صلاح أبو إسماعيل بالاتجار في العملة ؟!

لقد تم مؤخراً بث فيديو على "اليوتيوب" خاصاً بإذاعة وزير الداخلية اللواء زكي بدر تسجيلات لبعض المعارضين في البرلمان، ومن بين هذه التسجيلات ما استخدم في عملية رمي الشيخ صلاح بأنه كان يتاجر في العملة، في وقت كان هذا النوع من التجارة يحظره القانون، وإن كانت الحكومة سبق لها أن طلبت قرضاً بالدولار من "سامي علي حسن" أكبر تاجر عملة في بر مصر!.

الفيديو، جرى ترويجه للإساءة للمعارضة، فالظاهر منه هو هذه التسجيلات التي تقتحم الحياة الخاصة لعدد من زعماء المعارضة ومن بينهم رئيس حزب الوفد "فؤاد سراج الدين"، واستخدام تسجيلات للبعض في الإساءة للرجل، وكان واضحاً أنها تعرضت للمونتاج، لاسيما في التسجيل الخاص بأيمن نور المحرر بـ "الوفد" حينذاك، والذي بدا فيه كما لو كان يعترف بأنه زور الصور المنشورة ضمن حملته عن التعذيب بجريدة "الوفد"!

لم يكن زكي بدر هو المنتصر في هذه الجلسة، كما أوحى من روجوا الفيديو، فقد رفعت الجلسة، رغم إرادة القوم بمن فيهم الدكتور رفعت المحجوب رئيس المجلس، الذي قال إنه لن يرفعها، وقد جاءه الأمر من كمال الشاذلي الرجل القوي في الحزب الحاكم وزعيم الأغلبية، الذي استشعر خطورة ما يجري بعد أن صفع النائب الوفدي "طلعت رسلان"، وزير الداخلية زكي بدر، وقال شهود إن الشاذلي سب المحجوب سباً جارحاً، وهو يقول بأنه لن يرفع الجلسة ولن يخضع للابتزاز!.

كان زكي بدر معروفاً بأنه سليط اللسان، بذيء العبارة، لم يسلم من لسانه حتى بعض الوزراء، وذات مرة استخدم الإيحاءات الجنسية في المجلس قبل بدء الجلسة، فأهانته وزيرة الشؤون الاجتماعية "آمال عثمان" وانسحبت من القاعة ومعها جميع النائبات، وإذ عرف أحد الوزراء بالشذوذ الجنسي، فكان يسخر منه كلما رآه باستخدام عبارات مسيئة !.

لقد أذاع وزير الإعلام صفوت الشريف عبر التلفزيون المصري، لحظة الاعتداء على زكي بدر، الذي غضب غضباً عارماً، وسب الوزير الذي رد عليه الإساءة بأسوأ منها، ولأن الرد كان على المستوى، فلم يشعر "بدر" بالانتصار، ففي اليوم التالي وزع على الصحف، وعلى عدد من الصحفيين، تحقيقات النيابة مع الرائد صفوت الشريف في قضية فساد جهاز المخابرات، وكنت ممن وصلتهم نسخة من هذه المظاريف التي وصلت لدور الصحف عبر موفد من الوزارة بزيه الرسمي!.

كان الشيخ صلاح أبو إسماعيل يهاجم زكي بدر كثيراً، وقد قدم ضده أكثر من استجواب في البرلمان، يتهمه بتعذيب المعتقلين والتنكيل بهم، وتبادلا ذات جلسة السباب، بدأ الفاصل زكي بدر لكن لم يكن له سلطة أن ينهيه. قال الوزير: "أبوك" ورد النائب: "أبوك وأبو أبوك. وعند الصلح الذي كان بقرار جمهوري، قال أبو إسماعيل عندما مد بدر يده مصافحاً: لن أضع يدي في هذه اليد الملوثة بدماء المسلمين !

وفي الجلسة إياها أذاع زكي بدر محادثة هاتفية للشيخ يسأل شخص اسمه محسن عن "سعر الأخضر" عندهم، وقال إنه يتاجر في العملة وأن التسجيل كان لهذا الشخص، وهاجم الشيخ الوزير وقال إنه يراقب هاتفه، والدليل أن صوته هو الأوضح وليس صوت محدثه، وقال: إن هذا الوزير الجاهل الجهول لا يعلم أن "محسن" من بورسعيد، وفي المناطق الحرة، يبيح القانون، بيع العملة على الأرصفة.

كان الشيخ يقدم بعض البرامج في تليفزيونات الخليج ومن الطبيعي أن يتقاضى مكافآته بالدولار، لكن من الواضح أنه لم يكن هناك دليل على بيعها في السوق السوداء. وقال النائب لو كان لدى السلطة الدليل على مخالفته للقانون فلترفع عنه الحصانة وتقدمه للمحاكمة، لكن السلطة كانت حريصة بعد أن ضبطت متلبسة بالتورط في مراقبة الهواتف على إغلاق الملف تماماً !.

في يناير 2009 التقيت في لندن برجل توظيف الأموال أشرف السعد، الذي أخبرني أن زكي بدر استدعاه لمكتبه بالوزارة وهناك كان الطلب أن يورط الشيخ بشراء عملة منه، وأن يسجل له، لكن السعد رفض !.

هذه هي حقيقة اتهام الشيخ صلاح أبو إسماعيل بالاتجار في العملة!.

أضف تعليقك