• الصلاة القادمة

    الفجر 04:23

 
news Image
منذ ثانية واحدة

تتخذ سلطات الانقلاب يوميًا قرارات تعمل بها على زيادة معاناة المواطن المصري، وإفقاره وتحمله المزيد من الأعباء الاقتصادية في ظل غلاء فاحش في الأسعار لم تشهده مصر من قبل.

ويمكن القول أن  قرارات العسكر الفاشلة قد تسببت في كوارث حلت على المواطن البسيط مع الارتفاع المبالغ فيه بأسعار السلع، وبات حلم الوصول إلى الطعام بعيد المنال، لذلك لجأ البسطاء إلى طرق مختلفة ليشبعون بطونهم الجائعة، وانتشرت في الآونة الأخيرة مظاهر عدة، تكشف عن ما وصل إليه حال المواطن من جوع، الأمر الذي ينذر بكارثة ما قادمة، خاصة بعدما أطلق الخبراء تحذيرات من ثورة جياع. 

بوادر ثورة الجياع

بدأت بوادر ثورة الجياع تظهر في كفر الشيخ، حيث تظاهر مئات المواطنين بقرى ومدينة دسوق، أمس الاثنين، أمام مبنى مجلس المدينة، احتجاجًا على صدور تعليمات من على المصيلحي، وزير تموين الانقلاب، بإلغاء العمل بالكارت الذهبي الخاص بحصول المواطنين ممن ليس لديهم بطاقات تموينية على الخبز.

وقطع المتظاهرون الطريق المقابل لمجلس المدينة، والخاص بسيارات السيرفيس، ما تسبب في مشادات ومشاجرات مع السائقين والركاب بسبب تعطيل أعمالهم.

وصباح اليوم الثلاثاء، امتدت التظاهرات لعدة محافظات أخرى، وتظاهر المواطنين فى أماكن متفرقة من المحافظات ردًا على حرمانهم من الحصول على حصتهم كاملة فى منظومة الخبز، وتظاهر العشرات أمام ديوان عام محافظ المنيا، وعدد من إدارات التموين اعتراضًا على ذلك القرار، كما نظم العشرات أيضاً من أهالى مدينة دسوق وقفة احتجاجية،  وقطع عدد من المحتجين الطريق أمام مجلس المدينة فى شارع الجيش، وقطع مجموعة من الأهالى خط السكة الحديد بمدينة العصافرة، وحاصر البعض الأخر مقر مديرية التموين فى الإسكندرية، مما أدى إلى هروب وكيل تموين الإسكندرية من مكتبه بعد محاصرة متظاهرين الخبز له، مع تظاهر العشرات من المواطنين فى أماكن متفرقة فى بعض المحافظات.

وتجمهر عدد كبير من المواطنون أمام مكاتب التموين بالجيزة والقاهرة، بالإضافة إلى تظاهر عدد كبير من المواطنين أمام مكتب تموين المنيرة الغربى بإمبابة بمحافظة الجيزة، واقتحموا مكتب المدير ورددوا هتافات تطالب بإعادة صرف الخبز.

مباركة السيسي

يصر قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي على الاعتماد على الفشلة في إدارة شؤون البلاد، فخلال التعديل الوزاري الذي أجراه الشهر الماضي، قام بتعيين على المصيلحي وزيرًا للتموين، وهو الذي يعتبر رمزًا من رموز الفساد في عهد المخلوع مبارك، فلم يثبت مصيلحي أي جدارة عند توليه حقيبة وزارة التضامن الاجتماعي في عهد المخلوع.

ولم يمر شهرًا على تولي المصيلحي وزارة تموين الانقلاب، حتى توالت قراراته التي لن تزيد الأمور إلا اشتعالًا ولن تزيد المواطنين إلا معاناة وفقر.

وجاءت تصريحات المصيلحي الصادمة للمواطنين، حين قال "أن السيسي متابع للتطوات والقرارات التي تصدرها وزارة التموين" ليؤكد للشعب أن إفقاره وحرمانه من رغيف الخبز يتم بعلم من قائد الانقلاب، الذي يوقع بالموافقة على شراء سيارات بملايين الدولارات لرئيس برلمانه ووكيليه، وفي نفس الوقت يبارك قرارات المصيلحي لحرمان الفقير من رغيف الخبز الذي يعيش عليه هو وأسرته.

1977 من جديد فالعسكر لايتغيرون

من خلال تكرار المشكلات والأزمات يتضح للمصريين بما لايدع مجالًا للشك أن العسكر لا يجيدون التعلم من الأخطاء السابقة التي ارتكبها أسلافهم، فهم لايجيدون غير قمع المعارضين وإلقائهم في السجون.

فعندما نرى بوادر انتفاضة شعبية بسبب المساس بالخبز المدعم، لا يسعنا إلا تذكر تظاهرات عام 1977، التي أٌطلق عليها "انتفاضة الخبز" لأن المصريين خرجوا فيها للشوارع اعتراضًا على نفس هذه القرارات التي اتخذتها الحكومة في عهد الرئيس محمد أنور السادات.

و"انتفاضة الخبز" هي انتفاضة و مظاهرات شعبية ضد الغلاء، جرت في أيام 18 و 19 يناير 1977 في عدة مدن مصرية رفضًا لمشروع ميزانية يرفع الأسعار للعديد من المواد الأساسية، حيث ألقى للدكتور عبد المنعم القيسوني، نائب رئيس الوزراء للشئون المالية والاقتصادية آنذاك خطاب أمام مجلس الشعب في 17 يناير 1977 بخصوص مشروع الميزانية لذلك العام، أعلن فيه إجراءات تقشفية لتخفيض العجز، وربط هذا بضرورة الاتفاق مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي لتدبير الموارد المالية الإضافية اللازمة.

إلا أن رد فعل الشارع على الزيادات كان عنيفًا، حيث بدأت المظاهرات في الجامعات وانضم الطلاب للعمال ومعهم الموظفين والكثير من فئات الشعب المصري في الشوارع والميادين القاهرة والمحافظات يهتفون ضد النظام والقرارات الاقتصادية وحدثت مظاهر عنف منها حرق أقسام الشرطة وأبنية الخدمات العامة ومنها أقسام الشرطة "الأزبكية والسيدة زينب والدرب الأحمر وقسم شرطة إمبابة والساحل وحتى مديرية أمن القاهرة"، واستراحات الرئاسة بطول مصر من أسوان حتى مرسى مطروح واستراحة الرئيس بأسوان، ووصل الهجوم إلى بيت المحافظ بالمنصورة وتم نهب أثاثه وحرقه، ونزل إلى الشارع عناصر اليسار بكافة أطيافه رافعين شعارات الحركة الطلابية، واستمرت هذه المظاهرات حتى وقت متأخر من الليل مع عنف شديد من قوات الأمن وتم القبض على مئات المتظاهرين وعشرات النشطاء اليساريين.

استمرت الانتفاضة يومي 18 و 19 يناير وفي 19 يناير خرجت الصحف القومية الثلاثة في مصر " الأخبار- الأهرام- الجمهورية" لتدعي وجود مخطط شيوعي لاحداث بلبلة واضطرابات في مصر وقلب نظام الحكم وقامت الشرطة بالقاء القبض علي الكثير من النشطاء وزاد العنف في ذلك اليوم ثم أًعلن في نشرة أخبار الثانية والنصف عن الغاء القرارات الاقتصادية، ونزلت قوات الجيش لمنع المظاهرات وأعلنت حالة الطوارئ وحظر التجول من السادسة مساء حتي السادسة صباحا.

 وتم زج الآلاف في السجون المصرية بتهم المشاركة بأحداث الشغب أو الإنتماء لتنظيم شيوعي، وكان من ضمن المعتقلين عددًا كبيرًا من رجال القانون والمحاماة والكتاب والفنانين، وتوزعو على سجون طرة وسجن الإستئناف "باب الخلق" وسجن أبو زعبل.

ويمكن أن القول أن هذا السيناريو يمكن أن يتكرر بنفس الخطوات دون تغيير، ذلك لأن سياسة العسكر لاتتغير على مر العصور، فقرارات ابن المؤسسة العسكرية أنور السادات في سبعينات القرن الماضي، تتشابه كثيرًا مع قرارات المخلوع حسني مبارك وأيضًا مع قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، فهم لا يجيدون الإبداع أو التغيير أو التفكير في مصلحة الشعب المصري، بل يكررون أنفسهم لتحقيق رغباتهم في الاستيلاء على السلطة ونهب خيرات الوطن.

 

أضف تعليقك