• الصلاة القادمة

    العصر 13:46

 
news Image
منذ ثانيتين

هناك حكمة عربية شهيرة تعجبني جدا تقول: "كيفما تكونوا يولى عليكم" وهذا كلام صحيح إلى حد بعيد! فالشعوب المتحضرة يليق بها حكام يحرصون على حريتها، وحتى إذا حاولوا الانفراد بالسلطة فلن يفلحوا لأن الشعوب لهم بالمرصاد، والفصل بين السلطات أمر لا يقبل الجدل في هذه المجتمعات، ولذلك يحرص الكل على احترامها ولا يفكر في الاعتداء عليها حتى ولو كان له مليون ملحوظة سلبية تجاهها! 

وإذا جئنا إلى شعوب العالم المتخلف أو دول العالم الثالث وهو التعبير "اللطيف" الذي يستخدم في وصفها نجد الوضع مختلفا تماما فهذه البلدان غير حريصة بالمرة على الديمقراطية والحريات العامة والفصل بين السلطات.. إنها تعيش يوما بيوم تبحث جاهدة عن لقمة العيش في حياة صعبة والغلاء يطحنها! فالديمقراطية "مابتوكلش عيش" على رأي البعض.. ولذلك كان من السهل على الاستبداد السياسي أن يستولي عليها.. وصدق من قال: "كيفما تكونوا يولى عليكم"!!

وبلادي نموذج رائع لما أقول.. ولن أتحدث معك بطريقة نظرية بل أذكر نموذجا عمليا لما أعنيه.. فقد صدر قبل أيام قانون يسمح لرئيس الجمهورية باختيار رؤساء الهيئات القضائية، وكان قد أحكم قبضته من قبل على جميع الأجهزة الرقابية بقانون مشابه!! فهل تتوقع بعد ذلك أن يجرؤ أحد من تلك الأجهزة أو القضاء محاسبة رئيس الدولة وهو الذي يختار قياداتها!! الإجابة معروفة بالطبع، ولكن ماذا كان رد فعل القضاة على الاعتداء السافر الواقع عليهم!! لا شيء!! مجرد احتجاجات شفوية لا تسمن ولا تغني من جوع! وحتى هذا كان هناك انقسام بين القضاة بشأنها، وهناك شبه إجماع على الخضوع للقانون الجائر رغم عدم موافقتهم عليه!!

وطبعا لا أحد يفكر في إجراءات عملية تقيم الدنيا ولا تقعدها مثل مقاطعة الجلسات والامتناع عن العمل، فالكل خائف من البطش البوليسي وقانون الطوارئ والاستبداد العسكري الجاثم على أنفاسنا!! 

ويؤسفني القول وأنا حزين إن الأوضاع تدهورت في بلادنا بصورة خطيرة، وقبل قيام ثورة يناير المجيدة أحال النظام البائد اثنين من كبار القضاء إلى التحقيق بصورة غير شرعية، فهب زملاؤهم لنجدتهم فيما عرف بانتفاضة القضاة الشهيرة!! واضطرت السلطة إلى التراجع وكانت تلك إحدى العلامات الأساسية على أن التغيير قادم في مصر!!

أما الآن فلا حس ولا خبر!! ولا أحد يهتم والمجتمع المدني ضعيف جدا والأحزاب غائبة.. بل تجد من يدافع عن هذا الظلم!! وشتان الفارق بين أوضاعنا الآن وأوضاع ما قبل الثورة.. وصدق من قال "كيفما تكونوا يولى عليكم".

أضف تعليقك