• الصلاة القادمة

    الفجر 04:23

 
news Image
منذ ثانية واحدة

كان من الممكن أن يقصر النظام الحاكم مشاركته للسعودية والإمارات والبحرين فى مسلكها تجاه قطر بالمقاطعة  ، على خفض التمثيل الدبلوماسى كما فعلت الأردن وغيرها ، رغم الإعتمادية العالية للنظام الأردنى على النفط مخفض القيمة الوارد من السعودية ، خاصة وأننا لم نقطع العلاقات مع إيران التى كانت المقاطعة من أسباب علاقة قطر بها ، وكذلك مع تركيا التى خفضنا درجة العلاقات الدبلوماسية معها .
 وكان ذلك الخفض للتمثيل الدبلوماسى سيجنبنا كثيرا من مضار قطع العلاقات ، ووقف حركة الطيران ، وتحويل تقديم الخدمات القنصلية للمصريين بقطر من خلال السفارة اليونانية ، فما ذنب 300 ألف مصرى بقطر ؟ وما ذنب المصريين الحاجزين على خطوط مصر للطيران سواء للسفر أو للعودة لمصر فى رمضان أو بعيد الفطر .

 ألا يتعارض ذلك مع المناداة بتشجيع الشركة الوطنية حتى تتعافى من خسائرها المتراكمة ، حتى لجأت لتقسيط تذاكر الطيران مؤخرا ، والغريب أن شركة مصر للطيران قالت أن من يريدون استراد قيمة تذاكر السفر السابق حجزها قبل قرار المقاطعة ،  سيتم اقتطاع غرامة من قيمتها !
وعندما ترتفع قيمة الرحلة اتجاها واحدا من قطر الى مصر الى أكثر من 34 ألف جنيه وأحيانا 40 ألف جنيه ، بسبب الترانزيت والانتظار لساعات طويلة بدولة الترانزيت ، مقابل 4500 جنيه للرحلة قبل وقف الطيران مع قطر ، فهل هذه اجراءات تساعد على تنشيط سياحة أسر المصريين العاملين  بالخارج للحضور لبلدهم لقضاء الصيف بدلا من الذهاب الى ماليزيا وتركيا وغيرها .
 وهل تساعد تلك الإجراءات المفاجئة على زيادة تحويلاتهم لبلدهم  ، أو الإستمرار فى الإحتفاظ بودائعهم بالبنوك فى جو البلبلة ، الذى شهد تصفير سعر صرف الريال القطرى لساعات بالبنوك المصرية قبل العودة للتعامل عليه بعد تعليمات من البنك المركزى ، فلماذا لم يصدر البنك المركزى تعليماته مبكرا ؟ 
تضرر شركات الطيران 
والحقيقة أن الآثار السلبية لقرار قطع العلاقات مع قطر لا يقتصر على المصريين العاملين هناك ، وإنما يضر بمجالات تصدير السلع والخدمات والإستثمارات المباشرة وغير المباشرة والسياحة والطيران ، فالأمر لا يقتصر على خسارة السياحة القطرية بل ، والسياحة اليابانية القادمة للأقصر وأسوان والتى تأتى على الخطوط القطرية من اليابان خلال خمس رحلات أسبوعية ، بعد توقف الخط المباشر لمصر للطيران مع اليابان لعدم جدواه الاقتصادية .
 كذلك تضررت شركات الطيران الخاصة التى كانت تنظم رحلات من مطارات الإسكندرية وسوهاج وأسيوط الى الدوحة ، وهما شركتى إير عربية مصر وإير كايرو ، علاوة على تضرر مصر للطيران التى كانت تنظم 16 رحلة أسبوعية من القاهرة للدوحة ، من بين إجمالى  50 رحلة أسبوعية بين البلدين ، وهو ما يشير الى حجم الحركة فى وقت يتم فيه إلغاء كثير من رحلات الطيران لعدم جدواها الإقتصادية . 
وفى مجال الصادرات السلعية ظلت مصر تحقق فائضا فى تجارتها مع قطر منذ عام 2008 وحتى  2012 ، ثم تحول الفائض التجارى الى عجز مع التوسع فى استيراد مشتقات بترولية لمواجة الأزمة المفتعلة بها عام 2013 ، ثم عاد الميزان التجارى لتحقيق فائض فى ضوء توجه نظام ما بعد يوليو 2013 لتقليل الواردات من قطر ، وذلك خلال عام 2014 ، لكن الميزان التجارى عاد لتحقيق عجز مع قطر مع التوسع بالواردات منها  بالعامين الماضيين . 
ليصل العجز التجارى بالعام الماضى 1 مليار و359 مليون دولار ، كفرق بين صادرات مصرية بلغت 277 مليون دولار وواردات من قطر  بلغت 5ر1 مليار دولار معظمها مشتقات بترولية ، ومن خلال بيانات التجارة المصرية خلال أول شهرين من العام الحالى ، فقد استمر العجز فى التجارة مع قطر ليصل الى 291 مليون دولار ، كفرق بين صاردات قيمتها 37 مليون دولار ، وواردات 328 مليون دولار خلال شهرين فقط . 
إستثمارات قطرية بعد 2013 
وفيما يخص الإستثمارات المباشرة القطرية بمصر فغير صحيح أنها توقفت بعد الثالث من يوليو 2013 ، بل لقد بلغت تلك الإستثمارات القطرية بمصر حسب بيانات البنك المركزى المصرى خلال الثلاث سنوات ونصف التالية لتولى الجيش السلطة لمصر فى يوليو 2013 ، وحتى نهاية العام الماضى 533 مليون دولار ، لتحتل المركز الخامس بين استثمارات الدول العربية بعد الإمارات والسعودية والكويت والبحرين ، والمركز الحادى عشر بين دول العالم . 
والغريب أن رئيس الوزراء شريف اسماعيل لم يكن حاسما فى تصريحاته بشأن مصير الإستثمارات القطرية بمصر ، بينما أكدت وزيرة الإستثمار بعدها أن مصر تحترم تعهداتها بشأن الإستثمار الأجنبى ، لكن العبرة بالتطبيق على أرض الواقع ، فمازات مشروعات شركة الديار القطرية فى شرم الشيخ وفى البحر الأحمر وفى القاهرة الجديدة تجد كثيرا من المعوقات .
 وهاهى السهام تنهال على الشركة المصرية لتكرير البترول بمشروعها بمسطرد لمجرد أنها تتضمن مساهمات قطرية ، رغم أن والد رئيس شركة القلعة المالكة للمصرية لتكرير البترول كان هو المهندس الرئيسى لما تم فى الثالث من يوليو 2013 ، وهاهو محامى من هواة الشو الاعلامى يرفع قضية على مجلس إدارة بنك قطر الوطنى بمصر ، رغم كون معظمه من المصريين ورقابة البنك المركزى عليه ، كما بدأت التلميحات لشركة حديد المصريين لوجود استثمارت قطرية بها .  
حتى الإستثمار مع الله فى صورة قيام قطريين بإنشاء مساجد ببعض القرى بأحد مراكز البحيرة تحمل أسماء أبناءهم المتوفين أو نحو ذلك تم تغييرها بشكل متسرع ، وحتى  الرياضة التى تستخدمها السياسة للتقارب بين الشعوب ، مثلما فعلت الولايات المتحدة مع الصين وقت انقطاع العلاقات من خلال دبلوماسية تنس الطاولة ، نجد قيادات رياضية تتحدث عن مقاطعة رياضية لقطر بل وتدعو الإتحاد الأفريقى لاتخاذ خطوات ضدها . 
استمرار المعونات القطرية 
ومن المهم أن نذكر أن المعونات القطرية لمصر لم تقتصر على فترة تولى الرئيس محمد مرسى ، بل أنها استمرت خلال العام الأول للنظام الحالى ، حيث بدأت المعونات القطرية لمصر فى عهد المجلس العسكرى ، بمنح مصر 500 مليون دولار خلال الربع الأخير من عام 2011 ، كما اقتصرت المعونات القطرية لمصر خلال فترة الرئيس محمد مرسى على 501 مليون دولار فقط خلال الربع الأخير من عام 2012 .
 وبما يبين أن غالب تعاون قطر مع مصر خلال فترة الرئيس مرسى كانت فى صورة قروض ، وهى القروض التى لم يرغب النظام الحالى فى استمرار الإمداد بها فى ظل التوتر السياسى بين البلدين ، وقام بسدادها ما تم الحصول عليه فى توقيتاتها ، لكنه حصل من قطر على 127 مليون دولار كمنح خلال العام المالى 2013/2014 أى عام عدلى منصور . 
وأظهرت بيانات البنك الدولى بلوغ تحويلات المصريين العاملين بقطر لمصر السنوية نحو 997 مليون دولار ، محتلة المركز الخامس بين الدول المرسلة للتحويلات لمصر بعد السعودية والكويت والإمارات والأردن ، وهو رقم يتعلق بالتحويلات التى تتم من خلال الفنوات المصرفية ولم يتضمن ما يتم إرساله مع المعارف أو بصبحة العاملين عند عودتهم ، وكذلك السلع والهدايا التى يرسلونها أو يجلبونها معهم ، وانفاقهم بالداخل خلال فترة أجازاتهم . 
ومن الموارد التى تستفيد بها مصر قدوم السياح القطريين ، ورغم قلة عددهم إلا أنهم يتمتعون بكثرة عدد الليالى التى يقضونها بمصر ، حتى بلغ متوسط إقامة السائح القطرى عام 2012 نحو 24 ليلة ، وبكبر إنفاقهم السياحة بالمقارنة لغيرهم من الجنسيات التى تأتى  من خلال رحلات الشارتر المدعومة ، والتى يتجه بها السياح من المطار الى القرية السياحية ، ومن القرية الى المطار مباشرة بما يعنيه ذلك من ضعف الإنفاق السياحى .
ولا تقتصر الصادرات الخدمية لقطر على السياحة فقط ، بل تمتد الى صادرات البرمجيات من خلال مصرية عديدة . 
من كل ما سبق كان يجب أن تحكم المصالح الإقتصادية القرار السياسى وترشده ، فى عالم تتسابق فيه الدول على اجتذاب الإستثمارات والسياح ، مع الأخذ فى الإعتبار أن فقدان سوق تصديرى يجعل من الصعب استعادته قبل سنوات ،  بسبب تحوله للتعامل مع أسواق أخرى قد تكون أقرب جغرافيا أو أكثر جودة أو تمنح تسهيلات للموردين .

أضف تعليقك