• الصلاة القادمة

    الفجر 04:23

 
news Image
منذ ثانيتين

استمرارًا لتفشي الظلم والقهر في مصر منذ الانقلاب العسكري، تداولت نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي أنباء بوصول أوراق ترحيل شباب المنصورة الستة الذين لفقت لهم سلطات الانقلاب تهمة قتل رقيب شرطة من القوة المكلفة بتأمين منزل قاضٍ؛ إلى المحكمة ومنها سيتم ترحيل الأوراق إلى السجن، الأمر الذي فسّره البعض بإمكانية ترحيلهم لتنفيذ حكم الإعدام.

وأيّدت محكمة النقض في السابع من يونيو الجاري حكم الإعدام بحق ستة من الشباب الصادر ضدهم في القضية الهزلية المعروفة إعلاميًا بـ«مقتل الحارس»، وينتظر ذووهم تنفيذ حكم الإعدام ضدهم؛ ولكن على أمل إصدار قرار بوقف تنفيذ الحكم استجابة لدعوات من منظمات حقوقية.

تفاصيل الظلم

تعود أحداث القضية إلى فبراير 2014 حينما قام شخصان مجهولا الهوية بإطلاق النيران على الرقيب عبدالله متولي أثناء استقلاله دراجته البخارية ونزوله من كوبري سندوب، بعدما اعترض المهاجمان طريقه بدراجتهم البخارية أيضًا.

وفي أول مارس 2014، شنت داخلية الانقلاب حملات أمنية على جميع مراكز محافظة الدقهلية "بلد القتيل"، وأسفرت عن القبض العشوائي على 21 شابًا، من دون سند قانوني أو أية أدلة تثبت تورطهم، وتعرضوا بعدها للإخفاء القسري لمدد متفاوتة لاقوا فيها جميع أصناف التعذيب الجسدي والنفسي، والتي ذكروها أمام النيابة العامة، لإكراههم على الاعتراف بجريمة قتل الرقيب المذكور.

وفي 12 مارس 2014، بثَّ إعلام الانقلاب فيديو جاء تحت عنوان "ضبط المتهمين فى جريمة قتل حارس قاضي اليمين فى محاكمة مرسي" وظهر فيه ثلاثة من المحكوم عليهم بالإعدام، يدلون باعترافات على المشاركة في قتل الرقيب متولي.

وفي 15 يونيو 2014، قرر النائب العام الانقلابي إحالة القضية إلى محكمة الجنايات، وعقدت أول جلسة محاكمة للمتهمين بمحكمة جنايات المنصورة في 18 أغسطس 2014، حتى النطق بالحكم في 9 يوليو 2015، بعد 16 شهرًا من المحاكمة.

وأحال القاضي أوراق 9 من الشباب حضوريًا إلى المفتي، ثم حكم عليهم بالإعدام شنقًا، ورفضت محكمة النقض مؤخرًا طعون 6 منهم وأيدت حكم الإعدام ضدهم.

وكان من بين الثلاثة الذين ظهروا في الفيديو "أحمد الوليد"، الذي قال في الفيديو إنه من أطلق الرصاص على متولي.

وأكدت شقيقة أحمد أنّ ما اعترف به أحمد كان بسبب التعذيب الذي تعرّض له أثناء فترة اختفائه قسريًا، وحكت أن أحمد كان قد أنهى دراسته في كلية الطب، حاصلًا على المراكز الأولى بين أقرانه، وينتظر التعيين في الجامعة وبدأ في التحضير للمعادلة الأمريكية، قبل أن تخطفه قوات أمن بزيٍّ مدنيّ من سيارته بدون إذن نيابة في السادس من مارس 2014، وقالت إنّ "سلطات الانقلاب أخفته قسريًا  وأنكرت وجوده، وعرّضته للتعذيب أسبوعًا قبل أن يظهر في الفيديو، ويتعرَّف أهله على مكان احتجازه بسجن العقرب بعد ظهور الفيديو بثلاثة أيام، لتلبغ المدة الإجمالية لإخفائه قسرًا 10 أيام".
 
وتحدثت شقيقة أحمد عن أساليب التعذيب التي تعرّض لها أخوها خلال سبعة أيام تواجد فيها بمقرَّات أمن الدولة في القاهرة والمنصورة، وتقول : "كان مقيَّدًا ومعصوب العينين وممنوعًا عنه المياه طوال فترة التعذيب، عُلِّق من يديه ورجليه في السقف، صُعق بالكهرباء في كل جسده حتى الأماكن الحساسة، هُتك عرضه بعصاة خشبية، وهدد باغتصاب والدته إن لم يدلِ بتلك الاعترافات"، ولفتت إلى أن والدته –محامية- طلبت من النيابة عرضه على الطب الشرعي، و لكنّ النيابة رفضت، كما  أثبتت واقعة هتك العرض، وحققت النيابة فيها وحولته للجنايات ولكن "لم يتم مداولتها حتى الآن".

كما وجهّت والدة "خالد عسكر"، المحكوم عليه بالإعدام والذي ظهر في منتصف الفيديو، رسالة لقاضي محكمة النقض التي أكد حكم الإعدام على نجلها خالد، طرحت فيه العديد من الأسئلة التي تضمنت تأكيدات منها أن نجلها تعرّض للإخفاء القسري والتعذيب في أمن الدولة لانتزاع الاعترافات منه.

وفي فيديو آخر بثته سلطات الانقلاب في الثامن من مارس 2014، ظهر "إبراهيم عزب" الطالب بكلية صيدلة والمحكوم عليه بالإعدام، معترفًا بمشاركته في أعمال عنف، لم تتضمَّن قتل الرقيب متولي، ولكن شقيقته "سمية"، أكدت أيضًا اختفاءه لمدة مشابهة لتلك التي اختفى فيها أحمد، وتعرضه لوسائل تعذيب مشابهة أيضًا، بعد إلقاء القبض عليه في الخامس من مارس 2014، وإنكار الأجهزة الأمنية وجوده حتى ظهر في الفيديو، وبعد ذلك بعدة أيام علم أهله أنه في سجن العقرب.

شباب المنصورة الستة 

والمتهون بالقضية هم : 

1- إبراهيم يحيى عبدالفتاح محمد عزب (27 عاماً)

تخرج في كلية الصيدلة بجامعة المنصورة، اعتقلته سلطات الانقلاب في 6 مارس 2014، من أحد شوارع المنصورة، وانقطعت أخباره عن أسرته فلم يعرفوا مكان احتجازه، وبعد يومين من اعتقاله فوجئت أسرته بداخلية الانقلاب وقد بثت مقطعًا مصورًا له مع آخرين يبدو عليهم جميعًا آثار التعذيب، اعترفوا فيه بتكوين خلية إرهابية بالمنصورة تقوم بأعمال تخريبية بالبلاد وتعتنق أفكارًا تكفيرية.

2- أحمد الوليد السيد السيد الشال (28 عاماً)

طبيب الامتياز بكلية الطب بجامعة المنصورة، اعتقله سلطات الانقلاب في 6 مارس 2014 من أحد شوارع المنصورة، وأقر الوليد بجلسة 8 سبتمبر 2014 بتعرضه للتعذيب بعد اعتقاله، كما تعرّض للتهديد باغتصاب والدته؛ لإجباره على تصوير فيديو يعترف فيه بارتكاب جريمة القتل نشرته داخلية الانقلاب في 12 مارس من نفس العام.

3- خالد رفعت جاد عسكر (27 عاماً)

خريج كلية العلوم وطالب الدراسات عُليا بجامعة المنصورة، ذكر خالد في محاكمته أمام القاضي ما حدث له من تعذيب من قبل سلطات الانقلاب بالضرب والصعق بالكهرباء والتعليق وحرق السجائر بجسده؛ لإجباره على الاعتراف بالتهم المنسوبة إليه، وخلع أمام القاضي قميصه ليريه آثار التعذيب الباقية على جسده حتى بعد مرور أكثر من عام وخمسة أشهر على اعتقاله وقتها.

4- محمود ممدوح وهبة عطية أبوزيد (23 عامًا)

طالب بالفرقة الثانية بكلية هندسة المنصورة وأحد أوائل دفعته، أبلغ وهبة النيابة أثناء التحقيقات بإجبار ضباط أمن الدولة له على الاعتراف بالتهم الملفقة ضده تحت وطأة التعذيب، وتهديده بوالدته؛ ورغم تعرف وهبة على الضابط الذي عذبه وذكر اسمه إلا أن النيابة لم تلتفت إلى ذلك جملة ولم تحقق به، ولم تبطل الاعترافات الناتجة عن التعذيب.
 

5- باسم محسن حسن الخريبي (30 عامًا)

كان يعمل مهندسًا لدى شركة تابعة لهيئة السكك الحديد، وبحسب جبهة الدفاع فقد ثبت تعرض الخريبي للإخفاء القسري قبل صدور إذن النيابة بثلاثة أشهر، وفي أوائل جلسات التحقيق معه في 3 و9 يونيو 2014 أقر الخريبي بإصابته جراء التعذيب وحبسه بسجن العزولي، وتعرضه للإخفاء القسري، وطلب محاميه عرضه على الطب الشرعي، ولم تلب النيابة طلبه ولم تحقق في إدعاءاته، ولم تبطل أقواله الناتجة عن التعذيب، بحسب دفاعه.

6- عبدالرحمن محمد عبده عطية

طالب الفرقة الرابعة بكلية الطب جامعة الأزهر والأول على دفعته بطب الأزهر لمدة 3 سنوات، اعتقلته سلطات الانقلاب في 8 مارس 2014، أثناء استقلاله مترو الأنفاق بالقاهرة، ليظل رهن الإخفاء القسري لأيام تعرض فيها للتعذيب بالسحل والتعليق والصعق بالكهرباء والتهديد بالأهل كي يعترف بالتهم المنسوبة ضده.

حملات لوقف الإعدام 

أطلق نشطاء حملة توقيعات على موقع أفاز لوقف تنفيذ حكم الإعدام بحق شباب المنصورة، وكتب الناشطون على موقع أفاز: "ستة شباب مظاليم مُثبَت عليهم حُكم الإعدام، يقبعون الآن في زنازينهم الانفرادية في رُبع الإعدام، ينتظرون التنفيذ، لم يرتكبوا جُرمًا ولم تُثبت عليهم تهمة، ولكن كان للقضاء رأيٌ آخر، ساعد الشباب وانضم لحملة التوقيع لوقف عقوبة الإعدام ضد شباب بريء".

وقُوبل حكم المحكمة باستهجان شديد من قبل المتابعين للقضية، ودشن عدد من مستخدمي "تويتر" هاشتاج "لا_لإعدام_الشباب"، للمطالبة بوقف حكم الإعدام بحق شباب المنصورة.

كما طالبت خمس منظمات حقوقية، سلطات الانقلاب وقف تنفيذ حكم الإعدام الصادر بحق شباب المنصورة، وأكدت المنظمات أن "أحكام الإعدام المبنية على محاكمات غير عادلة لا يمكن بحال من الأحوال أن تكون سندًا لإنهاء الحق في الحياة". 

وقالت المنظمات - في بيان لها - إنه بالتواصل مع ممثلي الدفاع عن المتهمين، علمنا أنهم قدموا إلى محكمة النقض عددًا من الأدلة والبراهين من خلال مذكرات الدفاع توضح بما لا يدع مجالا للشك مخالفة الحكم الصادر بحق المتهمين لأبسط معايير المحاكمات العادلة، وأنهم عددوا أكثر من 10 أسباب قانونية واضحة تدحض حكم محكمة الجنايات، إلا أن محكمة النقض لم تقم بالتطرق إلى تلك الأسباب وأيدت الحكم.

وأكد البيان أنه "من خلال الدراسة الدقيقة لأوراق تلك القضية، واطلاعنا على الحكم الصادر من محكمة الجنايات، ومذكرات هيئة الدفاع، ومذكرة النيابة العامة لدى محكمة النقض، بالإضافة إلى الطريقة التي تعاطت بها محكمة النقض مع هذا الحكم، فإنه لا يجوز بحال من الأحوال تنفيذ حكم الإعدام بناء على محاكمة غير عادلة".

كذلك حذرت من تنفيذ حكم الإعدام في هذه الحالة التي "لم تراع الحد الأدنى من ضمانات المحاكمة العادلة في إجراءاتها وفي حيثياتها، حيث إن المتهمين كانوا في عداد المختفين قسرًا والمعتقلين خارج إطار القانون، كما قدمت بلاغات عن اختفاء بعضهم واعتقالهم للسلطات، فضلاً عما بلغ علمنا من تعرض هؤلاء الشباب للتعذيب الشديد لانتزاع اعترافات عن أعمال لم يقوموا بها".

 

 

 

 

 

أضف تعليقك