منذ ثانية واحدة
تمسكنا بالحجاب وقت لايعرفه إلا القليل .. فما بالك بعد أن انتشر في كل دول العالم.
كانت المرة الأولى التي أرى فيها والدي فى سنة ١٩٦٤ بعد اعتقال دام 10 سنوات لم نزوره فيها ولا مرة لظروف كثيرة إلا أخى الأكبر وعمى، تركني فيها وكان عمري عام ونصف خرج ليجدني في الصف السادس الابتدائي.
وبعد أن أنهيت اختبارات الصف السادس الابتدائي انتقلنا من الشرقية إلى القاهرة وبعد انتقالنا بـ20 يوما فقط تم اعتقاله مرة أخرى حيث لم تتعد مدة الإفراج 7 أشهر.
التحقت بمدرسة سراى القبة الإعدادية وقدرى أنه كان معى في الفصل ابنة وزير الداخلية شعراوى جمعة ومن هنا كانت رحلة المأساة.
المديرة تنتظرني أمام الباب بالضرب وخطف حجابى وإلقائه فى صندوق القمامة ثم تستلمنى معلماتى في الفصل بالتناوب تحية لابنتة وزير الدخلية بالضرب والتهديد والتذنيب وقوفا طول اليوم أمام السبورة وتحذير زميلاتى من التعامل والتحدث معى لأن أبوها إرهابى خطير علي البلد وأظل أبكى بجوار السبورة، وكم كانت تقتلنى نظرات زميلاتى طوال اليوم وفى الفسحة لا أخرج حتى لا تخطف منى المديرة حجابى الثانى الذى كنت أخفيته منها.
وبعد نهاية اليوم أنتظر حتى تذهب المديرة والمشرفة خوفا من تكرار الحدث وأعود إلى البيت لأجد المخبرين أمامه لتفقد من يأتى لنا مما كان سبب لانقطاع تردد الأهل والمعارف، فأدخل لأمي الصبورة لأجد أخي وأخوتى البنات حدث لهم ما حدث لى.
تتمزق أمى لما يحدث لنا ونحن لم نعرف أحدا في القاهرة ولم يتردد علينا أحد ولا يوجد وسائل اتصال، وحتى لانعرف شئ عن والدى منذ إعتقاله
وأذكر أن أمي رحمها الله مرضت وارتفع ضغطها بسبب ما كان يحدث لنا وليس بيدها شئ وحاولنا نطلب الطبيب في البيت ولم يكن لدينا المال الكافي فاضطررنا أن نذهب بها رغم تعبها حيث الأرخص والأنسب لنا .
حيث كان طوال كل سنوات إعتقال الوالد كان الراتب متوقف . وتصبر امى وتدبــر بتوفيق ربى ميزانية البيت تصنع لنا كل شئ بيدها في البيت وأذكر كم حولت لنا قمصان ابى القديمة إلى فساتين للعيد وكانت جميلة جدا .
كان يحدث كل هذا وأكثر في زمن لم يكن فيه وسائل اتصال ولا تواصل ولا فرصة لأن يعرف من حولك ما يحدث كما نحن في هذه الأيام.
نعم كانت أيام فيها معاناه شديدة لن ننساها ولكن بفضل الله مرت الأيام والسنوات وتعلمنا فيها ومنها الكثير أهمها:
معنى استشعار معية الله
- الحفاظ على أصول وثوابت الإسلام رغم كل التضييقات
أضف تعليقك