• الصلاة القادمة

    الظهر 11:01

 
news Image
منذ 3 ثواني

البلطجية وجيش البلطجية

هم الثورة الموازية للثورة والثوار الموازيين للثوار .

ما يقرب من نصف مليون بلطجى كانوا نصف مليون مقاتل ونصف مليون مخبر ونصف مليون حربة فى ظهر الثورة .

لذا فالحكاية مهمة وذات شجون .

إنهم العالم الموازى الذى تمت صناعته على عين جهاز الشرطة المصرية وبمعرفة المخابرات .

فى التسعينات أيام الجامعة تم اعتقالنا مع مجموعة من الزملاء وبعد إخلاء سبيلنا بقيت عشرة أيام أخرى كتكدير لى من أمن الدولة قضيتها فى استقبالات أقسام الشرطة لأرى العالم الآخر . حيث الوارد من الجنائيين قبل ترحيلهم للسجون ولأرى كيفية صناعة البلطجية والمحرمين وتعهدهم من الصغر عندما يرد أطفال الشوارع إلى استقبال الأقسام ليظلوا بها عدة أيام قبل ترحيلهم الى مؤسسات الأحداث حيث تبدأ الدروس الأولى لهم فى عالم البلطجة واللصوصية فى مدارس السجون وأقسام الشرطة حيث يظلوا تلك الأيام فى بداية رحلتهم للمؤسسة وفى نهايتها مع المساجين الكبار الذين يتصادف وجودهم فى نفس الحجز قبل ترحيلهم للسجون .

وتتعجب حين ترى كمية الانبهار التى تكون على وجوه هؤلاء الأطفال أثناء الاستماع لحكايات ومغامرات كبار البلطحية والنصابين وكيفية التعامل مع السجون المختلفة وكيفية التعامل مع فتح الخزن بأنواعها وفتح الأقفال بأنواعها وأعمال سرقة الشقق والمحلات والسيارات وقطع الطريق ووضع شفرة الموس فى الفم . والخدع والأساليب الخاصة بالنشل والنصب والإحتيال .

وليتعرف هؤلاء الأطفال على مصطلحات الهجام والنشال والناضورجى والتثبيت فى الشوارع .

كل هذا رأيته بعينى فى تلك الليالى لأرى دولة تصنع مدارس لتخريج المجرمين تسميها مؤسسات إصلاحية .

ولأتعرف على نوعية من البشر تدور حياتها فى فلك دخول السجن والخروج منه بعد انتهاء مدة الحكم ثم دخوله مرة اخرى بعد عدة شهور وهكذا حتى أننى قابلت نماذج من الناس أعمارهم 40 سنة قضوا منهم ما يزيد عن 25 سنة على فترات ومدد متفرقة فى السجون .

هذه النوعيات من البشر تكون ناقمة على المجتمع بكل مكوناته ما عدا أشباههم ممن يعيشون نفس الحالة .

يرون أنفسهم مجنيا عليهم من الجميع وهم بالفعل كذلك لكن الجانى هو الشرطة والحكومة .

كما أنهم يتميزون بأنهم منعدمو التعليم ولم ينالوا قسطا من التربية ولا الرعاية مما يسهل على من يريد حشو رؤوسهم بما يريد أن يفعل بكل سهولة .

عقول وقلوب خام تستطيع ملئها إسلاما فتكون أشد ما تكون إخلاصا . وتستطيع ملئها تطرفا فتصبح غاية فى التطرف وتستطيع ملئها كرها لفئة من الناس فتكرهها وتستطيع إقناعها بالقتل فتقتل . ليس عندهم ما يبكون عليه وقد سيطر عليهم الإحساس بالضياع وفقد المستقبل . ولسان حالهم . إن كان ضياعا على كل حال وإن كنا نتألم على كل حال فليتألم آخرون معنا .

ولرجال الشرطة فلسفة خاصة فى التعامل مع هؤلاء وتوجيههم لأهداف معينة والسيطرة عليهم وخاصة فى وجود ملف لكل واحد فيهم يستطيع الضابط من خلاله التلويح به ترغيبا وترهيبا وقت اللزوم .

فهم تقريبا يعيشون مع ضباط الشرطة أغلب أوقات حياتهم والضباط جزء لا يتجزأ من مفردات معيشتهم اليومية سواء كانوا داخل السجون أو خارجها .

فهم إما داخل الأقسام فى الاستقبال أو فى فترات المراقبة التى تصل لخمس سنوات بعد تمضية فترة السجن يقضى فيها هذه السنوات ملتزما بالبيات يوميا فى فناء القسم . وإما أن يكون فى إحدى مدد الحبس الاحتياطي مع الضباط أيضا .

وإما أن يكون فى البيت الذى يقع فى دائرة الضابط يستدعيه كلما حدثت جريمة ويستطيع تلبيسه التهمة أو البحث عن ضحية أخرى .

وبداية تعارف هؤلاء على أي ضابط تكون داخل الأقسام فى الاستقبال والحبس الاحتياطي حيث يكون الورد اليومى لهم أن يدخل الضابط الزنزانة بعد منتصف الليل فيصفهم فى طابور ليضرب الجميع ما تيسر له بكفه على وجوههم بحد أدنى عشر أقلام على الوجه لكل واحد ثم ينتقل إلى من بعده فى خطة ممنهجة ومدروسة لكسر نفوسهم وتعويدهم على الذل والطاعة .

ثم بعد أن يتشرب هذا الخلق تبدأ المعاملة تأخذ منحى نحو الشتم بالأب والأم مع الابتسام أحيانا والهزار أحيانا ثم تبدأ علاقات من نوع خاص بين الضابط والسجين حسب شخصية الضابط وشخصية السجين تتراوح بين تشغيله مرشدا أو استخدامه فى عمليات قذرة كضرب أحدهم أو تأديب معارض أو عمليات وضع اليد أو خدمة ملذات الضابط بجلب المخدرات او النساء الساقطات لمتعته الشخصية .

وفى كل الأحوال يبقى الخيط مشدودا بين الضابط الطاغية الجبار وهذا البلطجى الذى يتمنى له الرضا فالضابط يستطيع أن يجعله يقضى كل حياته مسجونا .

وللحديث بقية .

أضف تعليقك