• الصلاة القادمة

    الفجر 04:23

 
news Image
منذ ثانية واحدة

رغم جراحنا ومصابنا في مولانا عاكف ابتهجوا فقد مضي إلي حيث يمضي الصالحون ، تجاوزوا حزنكم وبثوا في نفوسكم الأمل، وامضوا في غايتكم لتموتوا علي ما مات عليه رسولنا ومن اقتدي به من أسيادنا.

بثوا الأمل وانشروه نشرا ، انشروا التفاؤل أينما حللتم أو ارتحلتم ، سيروا إلي غايتكم في ثقة ويقين ، وتحسسوا طريقكم جيدا ، واضبطوه بالإتباع ، فإن منهجكم واضح المعالم ظاهرها ، وقد طبقه لنا سيد الخلق ،تطبيقا لا غبن ولا شك فيه ، فصَّل مجمله ، لم يترك أمرا من أمور الخير دونما تعليم وتوضيح وتطبيق عملي ، وعايناه معاينة الواعي ، فما وجدنا سبيلاً خير منه ، ولا أقوم منه ، فلا سبيل لرضا الله غير سبيله ، ولا أقصر منه لبلوغ الفردوس الأعلى.

مضي مولانا إلي غايته ، عَلِمْناه مُتبعا ، وما علمنا عنه إلا خيرا، لا نكاد نسمع عن مجال من مجالات البطولة والفداء ؛ إلا وكان أستاذنا عاكف سيدا وزعيما وقائدا فيها.

ففي دعوته بطلا ومقداما ، وفي شراسته في مقاومة الاحتلال الانجليزي بطلا ومقداما ، وفي رحلاته لنشر الدعوة وتوعية الناس بضرورة انتهاج الإسلام بطلاً ومقداماً ، وفي تصدره لقيادة الإخوان بطلاً ومقداما ، وفي تركه لمنصب المرشد طواعية بطلا ومقداما ، وظل بطلاً ومقداماً لنتوارث منه هذه البطولة وهذا الإقدام ، جيلا فجيلا من الإخوان المسلمين.

وأبت البطولة والإقدام أن تفارقاه مع تقدمه في السن، فوقف في وجه الظلم والظالمين بهمة الشباب وعزيمة الأسود، وما لانت قناته وما وهن عزمه.

اعتقلوا الشيخ الطاعن خشية منه ، فهم يعلمون دوره بين أبنائه إن أرادوا بهم تشرذما، فأرادوا أن يغيبوه من المشهد لبأسه وشدته وحب أبنائه له وانضوائهم تحت لواء قيادته الروحية التي لا تكاد تنفك منها نفس من نفوس الإخوان.

اعتقلوا الشيخ الطاعن المريض ومنعوا عنه مؤانسة أهله له وبه ، فمنعوه من الزيارة ، لم يرحموا مرضه ، وضنوا بالأدوية عليه ، حتى وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة ، أبت البطولة والإقدام أن يفارقاه ، فمات ميتة الأبطال ، مات ميتة شرف يستحقها من عاش عمره مجاهدا ، مات وستشهد له جدران وقضبان الزنازين برجولته وبطولته وفدائيته وشرفه وإخلاصه لربه ولدعوته ، مات شامخا ، وصغُر أمام موته قاتليه والطغاة منهم ، ترجل الفارس ليدوس بقدميه فوق أعناقهم ، وليمتطي ظهورهم إلي جنة الخلد إن شاء الله رب العالمين .

سلام علي الجسد المسجي في التراب ، وسلام علي الروح الطاهرة والنفس المطمئنة التي غادرتنا في هدوء ، لتلقي أحبتها في جنات النعيم بمشيئة رب العالمين ، وسلام علي الصابرين خلف جدران الزنازين ، وسلام علي كل من حمل هم قضيتنا ، فقضيتنا دعوتنا وهذا الدين..

ارتقي الفارس فوق أعناقهم ، ويوما ستداس هذه الأعناق الظالمة تحت قبضة عدالة ربنا... وإن شاء الله قريبا تمتلئ دورنا فرحا وسعادة وسرورا برحمة الله بنا وبفضله علينا...

نال شهيد دعوتنا ما ظل يدعو ربه به عند غروب شمس كل يوم ، وأحيها بمعرفتك وأمتها علي الشهادة في سبيلك...

طبت حيا وميتا... وطبتم جميعاً... ولنا فيهم أسوة وقدوة..

 

 

أضف تعليقك