• الصلاة القادمة

    الظهر 11:01

 
news Image
منذ ثانيتين

ساهم الغزو الفكري الحديث للعالم الإسلامي في حدوث موجة عاتية من تقليد المجتمعات الغربية في أفكارها وأخلاقها وعوائدها ونظمها والتنكر لكل ماهو شرقي أوعربي أوإسلامي؛ وانعكست مشكلات المجتمع الغربي وقضاياه على الواقع العربي والإسلامي سواء القضايا السياسية أو الإجتماعية أو الإقتصادية أو الفكرية. ومن هذه القضايا قضية الدين والدولة، وقضية الدين والعلم وقضايا الإشتراكية والعلمانية وقضايا المرأة.

خلف التقدم العلمي الحديث كثيرا من المشكلات الحياتية في المجتمعات التي لم تزل تعاني الفقر والجهل والمرض وعلى رأسها المجتمعات الإسلامية، رغم النقلة الحضارية الهائلة التي حققتها العلوم والتكنولوجيا في حياة الأمم والشعوب على إختلافها..

ولاشك أن قضية الإختلاط بين الرجل والمرأة أو مشاركة المرأة الرجل في الحياة العامة هي أبرز هذه القضايا الإجتماعية.

ولقد تطور الإختلاط المعاصر بصورة كبيرة حتى زاحمت النساء الرجال في ميادين الحياة المختلفة.. في الشارع وفي الأسواق والمنتديات والجامعات والمصانع والمتاجر وفي الحدائق، بل وصل الأختلاط إلى أشده في المواصلات العامة التي يحشر فيها الناس حشرا

والأكثر من ذلك أن التكنولوجيا الحديثة سهلت للشباب والفتيات تبادل الأحاديث- سواء المحرمة أو المباحة- عبر الشات والهواتف الخلوية.

ولقد كتب الكتاب والمفكرون والباحثون عن الإختلاط بين الرجل والمرأة كتبا كثيرة وحرروا ابحاثا شتى وانقسموا بين مؤيد ومعارض، فإتجاه يرى القول بتحريم الإختلاط مطلقا، ويرى وجوب الفصل بين الرجل والمرأة في المجتمع، ويتمسك ببعض النصوص القرآنية التي تأمر المرأة بالقرار في البيت والإحتجاب عن أعين الرجال، والتوجيهات النبوية التي احذر الرجال من المرأة وتعتبرها فتنة..

كما يعتمد على شواهد لبعض الغربيين الذين اكتووا بالإختلاط المطلق وذهبوا إلى ضرورة منعه..

وإتجاه آخر يذهب إلى القول بإباحة الإختلاط بين الرجل والمرأة بقيود وضوابط هي غض البصر والقول المعروف وعدم الخضوع بالقول والتحلي بالباس الشرعي.

ويعتمد في ذلك على القول بإشتراك الرجل والمرأة في التكاليف الشرعية، كما أنه من أمور الفطرة، واعتمدوا على ماوصل إليه علم النفس والإجتماع وعلم التربية من نتائج ونظريات في هذه المسألة..

وبينما إعتمد أصحاب الإتجاه الأول على القاعدة الأصولية في تحريم الإختلاط وهي "سد الذرائع" إعتمد الآخرون على قاعدة "رفع الحرج والتيسير على الناس"

وتظل القضية سجالا بين الفريقين، ويظل الإختلاط قائما على صورته، ويتعود الناس على ممارسته بل تتطور أشكاله يوما بعد يوم.

والحقيقة أن مرد هذا الإختلاف ومنشأه إنما يرجع إلى أسباب عدة منها:

أولا: الخلاف بين الباحثين والمفكرين في هذه القضية يمكن إرجاع معظمه إلى الخلاف حول دلالة المصطلح والخلط بينه وبين غيره من المصطلحات الأخرى المتشابهة ومن ثم الحكم عليه، فينبغي وضع حدود فاصلة بين مصطلحات الإختلاط والمشاركة واللقاء..

ثانيا: التقصير في تناول الموضوع من أبعاد وزوايا أخرى، منها الأبعاد النفسية والإجتماعية والواقعية والإقتصادية، فخروج المرأة لتعمل تحت إلحاح الفقر أصبح ضرورة إقتصادية، كما أن التربية المغلقة لم تعد تصلح في عصر الإنفتاح الثقافي والعلمي والتكنولوجي وتشابك المصالح والحاجيات

ثالثا: ينبغي الموازنة بين رسالة المرأة في بيتها ورسالتها في مجتمعها بحيث لايطغى جانب على آخر ..

يمكن الخروج من هذا المأزق من خلال وسائل عدة هي كالتالي:

١. التربية الإسلامية الصحيحة لكل من الرجل والمرأة، فإذا كانت تربية المرأة المسلمة عقليا ونفسيا وإجتماعيا وإيمانيا من الأهمية بمكان حتى ليقول الشاعر:

من لي بتربية النساء فإنها

في الشرق علة ذلك الإخفاق

فإن تربية الرجل المسلم لاتقل عنها شأنا ولاأهمية، لأنهما شريكان في إعمار الكون وإقامة شرع الله عزوجل، فلاينبغي أن نرفع من شأن أحدهما على حساب الآخر.

يقول العقاد: النساء والرجال جنسان لاينفصلان، ولايخلق أحدهما إلاهو شطر وله بقية، ولاسبيل إلى إنفرد بينهما في تركيب الطبيعة ولافي وظيفة النوع، فإذا إنفردا في تكاليف المجتمع فتلك علامة الخلل والإنحراف

أن الإنسان لايكون إنسانا حقيقيا إلابالتربية، وليست هي إلاعبارة عن إتباع الأصول التي جاء بها الأنبياء والمرسلون من الأحكام والحكم والتعاليم؛ وهي عبارة عن السعادة الحقيقية..

أضف تعليقك