• الصلاة القادمة

    الظهر 11:01

 
news Image
منذ ثانية واحدة

أنا بوصفي أحد الإخوان المسلمين إلا أنني لا أزعم ولا يحق لي أن أتحدث باسمهم ، فأي كلام لي يعبر عن وجهة نظري أنا الخالصة ، فالإخوان كمؤسسة وجماعة أكبر من أن يتحدث باسمها مثلي ، وأي تجاوز في وجهة نظري هي عائدة فقط علي ، ولكنني ألتزم خط الإخوان المسلمين في كل شئوني الحياتية والدينية ، غير أنني لا أتحدث باسمها.

يكثر الجدل حول سلمية الإخوان فمن الناس من يعيب عليهم ذلك بل ويتخذها ذريعة لقذف الإخوان والتشكيك في قياداتهم وفي منهجهم ويتهمهم بالتخاذل وبأنهم مقصرون في حق المعتقلين من أفرادها ولم يقتصوا لشهدائهم وأنهم تشرذموا بسبب اختلافهم حول هذه النقطة ما بين مؤيد ومعارض؛ مما أدي إلي حدوث هذا الصدع الذي كان ظاهرًا للجميع ، والذي أوضح أن الصف ملتف حول قيادته ، ولست هنا لمناقشة ذلك.

وكذلك ثمة من كان يتحدث بذلك من مؤيدين الإخوان ومحبيهم مما أحدث لغطًا شديدًا عندهم يحتاج إلي تفكر وروية في الرد عليه.

وما كنت لأتحدث مثل هذا الحديث الآن وخاصة أنه قد قُتل بحثًا وأُفردت له دوريات كاملة بذلك. ، لولا أن الكلام ذاته بدا يطفو علي السطح ويكاد يحدث خلافًا وجدلًا والجميع في غنى عنه وخاصة في هذه الفترة الحرجة التي تتسارع فيها الأحداث وتشتد فيها الخطوب.

إن أغلب الثورات التي قامت وطال أمدها ، لم تحسم أمرها إلا بالسلاح ، هذه حقيقة يدلل علي صحتها نجاح الثورات التي ظلت تنتهج السلمية ثم تسلحت فحسمت أمرها ، وعلي سبيل المثال لا الحصر الثورة الفرنسية في القرن الثامن عشر وكذلك الثورة البلشفية.

وإن كان هذا الطرح حقيقيًا إلا أن الفرق واسع والبون شاسع بينهما وبين ثورة يناير المصرية ، ويمكنني أن أختصر كل هذه الفروق في الأيديولوجيات التي تبنت الثورات والمرجعيات التي كانت تحتكم إليها وتستمد منها زادها.. فالثورات المسلحة التي قامت كانت مرجعيتها بشرية بحتة ، إما مصالح وإما قوميات ، تم بلورتها في مبادئ وأهداف أتاحت لتحقيقها كل الوسائل بما فيها القتل وسفك الدماء بين أفراد الوطن الواحد ممن قاموا بالثورة وممن قامت الثورة لمقاومة ظلمهم ، فلم يلتفتوا إلي شيء هام هو الحد الفاصل بين نهجنا ونهجهم وهو حرمة الدماء وتلوث أيادي الثوار بالدماء ومن الذي سوف يُسأل عنها أمام العادل سبحانه وتعالي.

فمرجعية الثورة المصرية والإخوان في القلب منها هو الشرع ، فنحن في ثورتنا محكمون به وبتعاليمه وبأوامر الله تعالي في كل شئوننا وخاصة في الدماء وحرمتها والسؤال عنها أمام الله ، ولم يكن الخيار الذي أقره فضيلة الأستاذ المرشد من فوق منصة رابعة والذي لخصه في كلمات ستظل خالدة.. ثورتنا سلمية وستظل سلمية.. سلميتنا أقوي من الرصاص.. لم يكن هذا الخيار إلا من منطلق ديني وشرعي بحت، كانت تفتقده كل الثورات المسلحة حيث أنه لا مرجعية دينية ولا شرعية لهم..

أما نحن فسلوكياتنا في ثورتنا لا تنضبط بغير الشرع وبغير أوامر الله ، فقتل النفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق كبيرة من الكبائر التي تُخلد صاحبها في النار ، بل ليس هناك من يستطيع حمل تبعة هذا الدم في عنقه أمام الله ، وهناك فرق بين من يعلم حرمة الدماء ويلتزم بها مهما اشتد به البلاء وهناك أيضًا من يعلمها ولكنه غير ملتزم بها فيعيث في الأرض فسادًا ويخوض في الدماء المحرمة وهو يعلم أنه سيكون في الآخرة من الخاسرين.

ولقد ساق الله تعالي لنا مثالًا للانضباط بحكم الشرع والالتزام من أحد ولدي آدم والآخر الذي تجرأ علي القتل وعلي سفك دم أخيه.. فالأول قال لأقتلنك والثاني قال لئن بسطت يدك إلي لتقتلني ما أنا بباسط يديَّ إليك لأقتلك وكانت علته في ذلك قوله إني أخاف الله رب العالمين ، فهذا مثال علي الاقتتال بين الإخوة ، نخلُص منه بمعرفة الحكم الشرعي والالتزام به في عدم بسط أيدينا بالقتل لإخواننا ولبني جلدتنا..

ويقول الله تعالي إني أُريد أن تبوء بإثمي وإثمك فتكون من أصحاب النار وذلك جزاء الظالمين ، وهم من استحل الدماء وأعمل سلاحه في دم أخيه ، ولذلك يقول الله تعالي : "من أجل ذلك كتبنا علي بني إسرائيل أنه من قتل نفسًا بغير نفسٍ أو فسادٍ في الأرض فكأنما قتل الناس جميعًا" ، فمن يستطيع أن يحمل في عنقه إذا قتل نفسًا واحدة أن يتحمل وزرها وكأنه قتل الناس جميعًا والإخوان أبدًا لن يكونوا منهم ، إنما نريد أن نكون ممن أحيا نفسًا إذ لم تمتد إليها يده فأحيا بإحيائها الناس جميعًا...

غير أن القتل العمد في صفوف المؤمنين جزاؤه عند الله جهنم خالدًا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابًا عظيمًا ، فمن يتجرأ علي القتل وحمل السلاح فسيكون هذا مصيره.. من يمكنه تحمل هذا المصير وهذا الجزاء.. لا أحد غير الظالمين الخاسرين.

الإخوان ينطلقون في الثورة من ثوابت ليست متغيرة طالما أن من أمامي هو أخي ومن بني جلدتي.. فالرسول صلي الله عليه وسلم علمنا أن من أعان علي قتل نفسٍ ولو بشق كلمة جاء يوم القيامة ومكتوب علي جبهته آيس من رحمة الله... ومن منطلق قوله أيضا أن الإنسان بنيان الله وملعون من هدم بنيان الله..

فالفارق بيننا في ثورتنا المصرية وبين الثورات التي حسمت أمرها بالسلاح هو المرجعية ، وهم ليسوا قدوة لنا..

فحمل السلاح عند الإخوان ليس بطرحٍ وليس بخيارٍ أصلًا ولا يقبل النقاش والسيفين في الشعار هما ليسا إلا لمقاومة المحتل الباغي وللجهاد في أرض الكفر لفتحها ونشر الإسلام في ربوعها كما فعل رسولنا الكريم وصحابته الطاهرين ومن تبعهم متفهما لحقيقة الجهاد إلي يوم الدين.

فلا يزايد أحد علي الإخوان في ذلك فمرجعيتهم صريحة وواضحة جلية ، ومن شذ عنها فلأنفسهم يمهدون..

 

أضف تعليقك