لا أعرف إن كان قادة الكيان الصهيوني، يدركون مآل دعاية سلطة الانقلاب في مصر، عبر أذرعها إعلامية، والتي تدور حول أن إسرائيل عدو، وأنه يكفي لأن يُتهم إنسانا، أو دولة ما، بعلاقة مع كيانهم، حتى تسقط عنه وعنها الثقة والاعتبار، أم أنهم لا يدركون ذلك؟!
ففي الوقت الذي يتقرب فيه عبد الفتاح السيسي إلى الإسرائيليين بالنوافل، فإن إعلامه عندما يريد التشنيع على خصم، يرميه بالولاء لإسرائيل، وهى دعاية وإن استخدمت من قبل أصدقاء إسرائيل في المنطقة، فإنها كاشفة عن أنه رغم مرور أربعين عاماً على زيارة السادات للكنيست، وتوقيع معاهدة السلام المصرية – الإسرائيلية، فإن الرأى العام العربي لا يزال إلى الآن ينظر إلى إسرائيل على أنها عدو، لم تنجح كل دعايات الأنظمة الحاكمة في تبديد حالة العداء هذه، رغم دعوة السيسي لتوسيع المعاهدة، ورغم أن أنظمة جديدة، تغدو خماصاً وبطاناً، من أجل أن تقيم علاقة صداقة مع إسرائيل!
في موقعة "اليونسكو"، قامت دعاية الأذرع الإعلامية للانقلاب العسكري في القاهرة، على ان المرشح القطري، مدعوم إسرائيلياً، فإسرائيل تركت المرشحة الفرنسية اليهودية، والمرشحة المصرية المدعومة من نظام يرى أن وظيفته هى حماية أمن اسرائيل، والمدعومة أيضاً من رئيسة الجالية اليهودية في مصر، لتدعم مرشح قطر، وجرى وصف قطر لذلك بأنها "قطر ئيل"، وعندما كانت المنافسة بين المرشحة الفرنسية والمرشح القطري، كان هتاف أحد أفراد البعثة المصرية في اليونسكو، بحياة فرنسا؛ وأعلن وزير الخارجية المصري أن بلاده تدعم المرشحة الفرنسية التي تدخل في منافسة مع المرشح القطري، وتم الدفاع عن هذا الشذوذ إعلامياً، بأنه لا يجوز للقاهرة أن تقف مع مرشح "قطر ئيل"، وكأن "ئيل" في عداء مع نظام عبد الفتاح السيسي!
في الحقيقة، فإن "ئيل"، يليق نسبتها للنظام الانقلابي في مصر، فمبكراً أعلنت "ئيل" بأن العلاقة بينها وبين السيسي أقوى من علاقتها مع نظام مبارك، مع أن المخلوع كان كنز إسرائيل الاستراتيجي، بحسب وصف قادة إسرائيليين، وإذا كان مفكرون اسرائيليون دعوا إلى عدم "عرقلة السيسي"، بالطلب منه إعلان صداقته لإسرائيل حتى لا يتم إحراجه داخليا، فقد تطوع هو ولعب على المكشوف واستقام أكثر ممن ينبغي وأعلن المرة تلو المرة، أن مهامه الوظيفية تتلخص في حماية أمن الإسرائيليين، فأثبت جدارته بالحصول على اللقب: "ئيل"!
ولم يكن كلامه مجرد تصريحات للاستهلاك الدولي، فهو يقوم بعملية تدمير سيناء، وتهجير أهالي رفح، والخطوة التالية تفريغها تماما من السكان، لحماية أمن الإسرائيليين، وقام بتدمير الأنفاق، وحصار الشعب الفلسطيني في غزة لهذا الهدف، كما تولى تشويه حركات المقاومة بواسطة إعلامه، ووصل به الحال حد أنه لم يجرؤ في مناسبة حرب اكتوبر من كل عام، أن يتحدث عن الانتصارات، أو أن يذكر أن هذه الحرب تفوق فيها الجيش المصري على "العدو" الإسرائيلي، فحرب اكتوبر هى سطر في خطابه، والانتصار فيها هو جملة، ولا شيء عن العدو الذي انتصر عليه المصريون، وكأن انتصارهم كان على النفس في معركة الجهاد الأكبر!
وفي المقابل، فإن قطر منحازة للقضية الفلسطينية، ولم يعد خافياً على أحد أنها منحازة للمقاومة، واستقبلت على أراضيها قادة حركة حماس، ودعمت الشعب الفلسطيني في غزة الذي يحاصره السيسي حتى يجبره على الانبطاح، وقد وضعت دول الحصار العربي، بقيادة محمد بن زايد وكيل أعمال "ئيل" في المنطقة، شرط طرد قادة حماس من الدوحة ضمن شروطها الثلاثة عشر، التي طلبت بتنفيذها لرفع الحصار، وإذا كانت من الجائز في السابق القول، بأن حماس ارتكبت اعمالاً ارهابية في مصر، فإن استقبال وفودها في القاهرة، وتلبية مدير مخابراتها لدعوة قائد الحركة على الغداء، ينسف هذا الاتهام، ويؤكد أن العداء لحماس هو لأن اسرائيل تعاديها، ولأن وكلاء "ئيل" في المنطقة، رأوا أنهم يمكن أن يجردوها من سلاحها فلا تمثل خطراً على "ئيل"، فقد نسوا الاتهام السابق بأنها ارتكبت أعمالاً ارهابية ضد مصر!
وقناة "الجزيرة" التي يرميها الإعلام السيساوي بالصهيونية، هي صوت المقاومة عند كل اعتداء وقع على غزة، وكانت صوت الأمة عندما جرى حصار المسجد الأقصى، وكان لها دور يُذكر فيشكر لنصرة الأقصى، وكانت تقف وراء الفلسطينيين داعمة بتسليط الضوء على نضالهم لفتحه، ولم يكن غريباً أن يعلن "نتنياهو" صديق عبد الفتاح السيسي "الانتيم" العداء لها ويطلب سحب تراخيص مزاولة المهنة من مراسليها، وقد تلاقت إرادته مع إرادة دول الحصار "ئيل"، في طلب إغلاق "الجزيرة"!
وفي الوقت الذي كرر السيسي فيه إعلانه في الأمم المتحدة بوظيفته الأساسية وهى حماية أمن الاسرائيليين، كان أمير قطر يتحدث عن الحق الفلسطيني، وعن العدوان الإسرائيلي!
قطر؟.. نعم قطر!..وأنا أعلم نظرة التعالي التي تحكم سلطة الانبطاح في القاهرة، حد معايرة السيسي قطر بقلة عدد سكانها، في وقت يقف فيه أمام ممثلي دولتي البحرين والإمارات، ويضحك محمد بن زايد في بلاهة وكأنه ولي عهد الصين الشعبية!
نعم قطر، فرئيس برلمان الكويت هو من طرد وفد اسرائيل من اتحاد البرلمان الدولي، وهو أمر لا يمكن ان يقدم عليه عبد الفتاح السيسي أو رئيس برلمانه ولو عبر كوابيسهما!
ومهما يكن، فسعي الإعلام المملوك لعبد الفتاح السيسي للإساءة للدوحة برميها بتهمة العمالة لإسرائيل، هو أكبر دليل على أن نظرة الشعوب العربية من الكيان الصهيوني لم تتغير، وباعتراف وكلاء أعماله في القاهرة أنفسهم!
ربما لا يعني القادة الإسرائيليين إلا تحقيق مصالحهم ولو عبر عميل مستتر، لكن هذه الدعاية من المتورطين بفعل العمالة فعلا، تعمق من مشاعر الكراهية، وهى دعاية غير مباشرة ضد العدو الاستراتيجي للأمة، ولا يعلم جنود ربك إلا هو، وقد ورد في الأثر أن الغباء جند من جنود الله، بجانب القمل، والضفادع، والجراد، والدم!.. انظر إلى "عمرو أديب"، و"أحمد موسى"، و"لميس الحديدي"، واختار لكل منهما ما يناسبه من هذه المخلوقات!
فجماعة "السيسي ئيل" يخدمون قضية العداء مع إسرائيل من حيث لا يدروا.. إنهم الدبة التي قتلت صاحبها .. "ئيل"!
أضف تعليقك