"يعمل إيه التعليم في وطن ضايع"، جملة قالها قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، ليتضح للجميع أن هذا الفاشل يتجه بمصر نحو مزيد من الجهل والتدهور العلمي الغير مسبوق في تاريخ البلاد.
وتضاعفت أمراض وأزمات التعليم المصري، بعد انقلاب 30 يونيو 2013 ، منها أزمات: عسكرة التعليم، ورواتب المعلمين المتدنية، و"المراكز الخاصة" بديلًا للمدارس، وتفشي الدروس الخصوصية، وانتشار منظومة الغش والتسريب.
ومنذ أيام بدأت حكومة الانقلاب فعليًا، أولى خطواتها نحو خصخصة التعليم، تحت مسمى "تطوير التعليم"، حيث أثارت تصريحات طارق شوقي وزير التربية والتعليم بحكومة الانقلاب العسكري في مصر الجدل والاعتراض الموسع لأولياء الأمور حول تفاصيل النظام التعليمي الجديد.
وبحسب تصريحات الوزير، فإنه سيتم إلغاء نظام المدارس التجريبية بدءًا من العام الدراسي بعد المقبل 2018/ 2019، وتعميم النظام الجديد على كافة المدارس الحكومية، وفي النظام الجديد يتم تدريس كافة المواد للطلاب باللغة العربية بجانب لغة أجنبية، طوال المرحلة الابتدائية، على أن يتم تدريس مادتي العلوم والرياضيات باللغة الانجليزية بدءًا من الصف الأول الإعدادي، وهو القرار الذي وصفه الخبراء بأنه يصب في مصلحة المدارس الخاصة، ويجعل التعليم حكرًا علي الأغنياء.
تظاهرات ضد القرار
صباح الخميس الماضي، تجمهر العشرات من الأمهات أمام ديوان الوزارة؛ اعتراضًا على قرار الوزير الانقلابي.
وتجمّع ما يقرب من 100 سيدة من أولياء الأمور، واصطحب بعضهنّ أولادهنّ، وسط هتافات يطالبن فيها عبر لافتات بـ "إلغاء قرار وزير التربية والتعليم، نرفض تعريب المدارس، مستقبل ولادنا بيضيع"، وسط تواجد أمني بمحيط الوزارة.
وهتف العشرات من أولياء الأمور، ضد قرار وزير التعليم قائلين: "لا.. لا للتعريب"، "مش هنخاف مش هنطاطي إحنا كرهنا الصوت الواطي"، "قاعدين مش ماشيين".
وبعد تزايد أعداد أولياء الأمور كثَّفت قوات أمن الانقلاب تواجدها بمحيط وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، وتم تعزيز القوات بعناصر من الشرطة النسائية؛ للتعامل مع الأمهات المحتجات على قرار التعريب.
خصخصة واضحة
أكد خبراء أن القرار بتعريب المدارس التجريبية، يأتي لصالح المدارس الخاصة لغات؛ إذ يُغلق الباب أمام أولياء الأمور لتمكين أبنائهم من دراسة اللغات بالمدارس الرسمية، فهناك جانب من أولياء الأمور سيضطرون للجوء للمدارس الخاصة؛ حرصًا على مستقبل أولادهم مهما كلفهم الأمر من مبالغ مادية كبرى.
وأبدى أعضاء في لجنة التعليم بمجلس نواب الانقلاب استياءهم الشديد من النظام الجديد، وقالوا: إنهم سيستدعون الوزير لسؤاله عن هذا القرار الذي يعصف بتطلعات الأسرة المصرية للارتقاء بالمستوى العلمي لأبنائها.
وكشف بعض الأعضاء عن أنهم سيتقدموا بطلب إحاطة أمام برلمان الانقلاب حول قرارات وزير التعليم، مشيرين إلى أنهم لم يعرفوا عن خطة التطوير إلا بعد نشرها في وسائل الإعلام.
كما أثار نظام التعليم الجديد غضب التربويين في مصر؛ لأنه لم يستند إلى أي دراسات سليمة، وأكد الخبراء أنهم فوجئوا بهذا النظام، ولم يتم استشارتهم قبل تطبيقه، على الرغم من وجود العديد من المراكز البحثية والمؤسسات المتخصصة، التي تمتلك حلولاً لجميع المشكلات التي يعاني منها التعليم في مصر.
وشدَّدوا على أن النظام الجديد مليء بالتناقضات والأخطاء، ويتضمَّن ظلمًا بيّنًا لأبناء الطبقة الوسطى، مشيرين إلى وجود أكثر من 3000 قرية في مصر تفتقر إلى أي إمكانيات تعليمية.
المدارس التجريبية
هي مدارس حكومية تهدف إلى تحقيق أهداف التعليم قبل الجامعي، بالتوسّع في دراسة اللغات الأجنبية بجانب المناهج الرسمية المقررة، وأنشئت طبقًا للقرار الوزاري رقم 94 لسنة 1985 تحت اسم «المدارس التجريبية»؛ وفيها تُدرّس جميع المواد بالإنجليزية، باستثناء مواد محدّدة باللغة العربية، وتكون اللغة الفرنسية أو لغات أخرى كالألمانية الثانية فيها طبقًا لاختيار الطالب.
وأصدر وزير التعليم الأسبق محمود نصر قرارًا وزاريًا في 2014 لتغيير الاسم من «تجريبية» إلى رسمية. ثم تغيير اسم «المدارس التجريبية للغات» و«التجريبية المتميزة للغات» إلى «المدارس الرسمية للغات» و«المدارس الرسمية المتميزة للغات».
وقانونًا لا يجب أن يتعدى عدد الطلاب في الفصل الواحد بالمدارس الرسمية لغات 36 طالبًا، و29 في الرسمية المتميزة لغات. بينما يؤكّد أولياء الأمور أنّ عدد الطلاب في «الرسمية لغات» يصل إلى 120 طالبًا، و40 في الرسمية المتميزة لغات، بالمخالفة للقانون.
وتبدأ الدراسة في هذه المدارس بمرحلة «رياض الأطفال» ولمدة عامين دراسيين؛ ويجب أن تُعلن نتيجة قبولها في موعد أقصاه 15 يوليو من كل عام، تليها مرحلة «التعليم الأساسي» ثم الثانوي؛ ويكون توزيع الأطفال المتقدمين فوق الكثافة المقررة لأقرب مدرسة لسكنهم، حال وجود أماكن شاغرة بها.
أضف تعليقك