• الصلاة القادمة

    الفجر 04:23

 
news Image
منذ ثانية واحدة

بقلم: فوزي الحقب              

يمكن اعتبار العالم الجليل، سلمان العودة، شخصية عامة ومستنيرة للأفراد والجماعات، فنتاجه الإبداعي هام لكثيرين من المتلقين والمهتمين في الحقل الثقافي والتوعوي.

السمة الأبرز التي يمكن ملاحظتها في خلفياته ووعيه الاجتماعي أنه متصل بالبناء المعرفي والعلمي الذي لا يختلف معه عاقل في هذا الوجود، بل تتيح علاقته بالفكر الإنساني لنا فهمه، كما ينبغي أن نراه، عالمٌ متوازن وسلوكه مرن وتنشئةٌ سليمة، حيث يقاسمنا الآمال والنشاطات المتأثرة بالتحولات العميقة، وتساعدنا خبراته الواسعة على سهولة الاندماج بفاعلية في المفاهيم والقيم التي تدخل ضمن حاجيات التنمية، وتطلعات الشعوب الحرّة.

كما أكسبته رحابة الفضاء الإلكتروني، أن يجد فسحته للتجديد العقلاني، والوصول إلى عقول الناس وأفئدته بسهولة ويسر، إذ بلغ عدد متابعيه في وسائل التواصل الاجتماعي في زمن قياسي الملايين من الناس، وتحولت صفحاته المشرقة إلى مصدر إشعاع وتنوير بين الجمهور المتفاعل.

وفي جميع الأحوال، فإن الرغبة الصادقة على تدبير الاتجاه بما يعزز الفكر والسلوك، كان إطاره العملي في كل وقتٍ وحين، حتى أنّ تحّيزاته للربيع العربي كانت نابعةً من تاريخه المليء بالنضال والغاية المشتركة، ولا أدل على ذلك من كتابه الشهير، أسئلة الثورة، الذي جاء معبّراً عن قناعاته من مشاريع الإصلاح والتجديدات المطلوبة.

ووفق هذه المبادئ والقيم الأساسية، كان التوجّس قائماً بينه وبين السلطات الحاكمة، حتى أنّ النشاطات التي كان يقوم بها كانت تتخطى نتائجها أقطار أخرى كثيرة، لاسيّما بالنظر إلى قياسها وتأثيرها العام، وهو ما سبّب لهم قلقا بشأن حجمها وانعكاسها المباشر على تقويم الأداء والاهتمام بالواقع. ومعروف أنّ نظام الحكم في المملكة السعودية لا يروق لهم حجم التوجهات الفكرية التي تبرز أسباب الضعف التاريخي، وتدعو إلى تدارك الأخطاء المهلكة، بل إن ميدان اشتغال الأنظمة المتوارثة في السعودية تناسبه الإحاطة التي تمّجد سيرورة العلاقة المتوارثة وتسير على منوالها وعيوبها.

وأمام هذه الصفات التي يتمتع بها العودة، وأمثاله كثيرون، كان لابد من اختطافهم وتغييبهم عن المشهد، ومن ثم ترهيبهم ومعاقبتهم على امتلاكهم النظرة السليمة، بما يفيد بأنّ الاقتراب من محفّزات المشاركة الفاعلة عادةً ما تكون مستحيلة، وتصويب المستبد من تحقيق أبسط الحقوق مغامرة خطيرة على المنادين بها، وعلى من يريد الإصلاح والتغيير نحو الأفضل يضع نفسه خصماً للنظام المتسلط والمرحلة الراهنة.

ومن جهة أخرى، الطليعة الواعية بخياراتها الموضوعية هي التي تكسب الرهان الحقيقي والمعركة الفاصلة، ويصبح المأمول منها فقط هو الثبات على الموقف نفسه حتى حين، وسوف يعّجل الله بأمرٍ كان مفعولا.

أضف تعليقك