• الصلاة القادمة

    الفجر 04:23

 
news Image
منذ ثانية واحدة

بقلم: الأستاذ جمعة أمين

هذه التضحية بالنفس والمال والوقت والحياة وكل شئ في سبيل الله قد تكون واجباً لا فكاك عنه إذا كان لابد منها لدفع ضرر عن المسلمين أو رد عدو عن أرضهم .

 

وقد تكون التضحية مندوبا إليها ومستحبة عما لا تكون واجبة وقد طالب الإسلام المسلمين بالتضحية في سبيل الله ووعد بالجزاء عليها أحسن الجزاء وبالأضعاف المضاعفة ودلت على ذلك نصوص إسلامية كثيرة من الكتاب الكريم والسنة النبوية المطهرة ونكتفي بالاستشهاد بالمثال أ المثالين محيلين من أراد أكثر من ذلك إلى كتاب الله سنة رسوله صلى الله عليه سلم .

 

قال الله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون } الحشر 18 ].

 

قد جاء في تفسير هذه الآية الكريمة ما ذكره ابن كثير القرشي قال : روى الإمام أحمد بسنده عن جرير بن عبد الله عن أبيه رضى الله عنه قال :

 

((كنا عند رسول الله صلى الله عليه سلم صدر النهار فجاءه قوم حفاة عراة مجتابى النمار أو العباء متقلدي السيوف عامتهم من مضر بل كلهم من مضر فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رأي بهم من الفاقة ،

 

قال : فدخل ثم خرج فأمر بلال فإذن وأقام الصلاة فصلى أي رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم خطب فقال :

 

{ يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زجها وبث منهما رجالاً كثيرا ونساءً واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا } النساء 1 ] .

 

ثم قرأ : { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون } تصدق رجل من ديناره من درهمه من ثوبه من صاع بره من صاع تمره حتى قال : ولو بشق تمرة

 

قال : فجاء رجل من الأنصار بصرة كادت كفه تعجز عنها بل قد عجزت ثم تتابع الناس حتى رأيت كومين من طعام وثياب حتى رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتهلل وجهه كأنه مذهبة .

 

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شئ ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها وزر من عمل بها من غير أن ينقص من أوزارهم شئ )) .

 

أخرجه الإمام مسلم والترمذى والنسائي وابن ماجة بأسانيدهم عن جرير بن عبد الله رضى الله عنه

 

فالتضحية كما يفهم من نصوص الكتاب السنة إما أن تكون واجبا وإما أن تكون مستحبا والمسلم مطالب بالتضحية على كل حال .

 

والضحية في حياة المسلمين هي التي تغذى الجهاد في سبيل الله وتمده بأسباب القوة وتهيئ له الاستمرار حتى الوصول إلى إحدى الحسنيين : النصر على العدو في المعركة أو الاستشهاد في سبيل الله .

 

والجهاد في سبيل الله هو الذي يحمى الإسلام والمسلمين من أعدائهم الذين يواجهونهم ومن أعدائهم الذين لا يعلمونهم ولكن يعلمهم الله تعالى وهل يتصور الجهاد بغير تضحية ؟

 

وإذا قلنا كما هو مقرر إن الجهاد قد يكون فرض عين وقد يكون فرض كفاية وقد يكون مندوبا إليه فإن التضحية في سبيل الله كذلك .

 

والتضحية هي التي تغذى الجهاد في سبيل الله وتمكن المسلمين من نشر دعوة الإسلام بين الناس والدعوة إلى الله كما نعلم واجب شرعي فرضه الله على القادرين عليه ولا يمكن أن يتم هذا الواجب إلا بالتضحية التضحية بالمال والوقت والجهد في سبيل نشر الدعوة الإسلامية .

 

وسنعرض بعض المواقف الإيمانية في الإنفاق في سبيل الله عز وجل مبتدئين برسول الله صلى الله عليه وسلم :

 

رسول الله صلى الله عليه وسلم وسائل البردة

عن سهل بن سعد قال : جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ببردة فقالت : يا رسول الله أكسوك هذه فأخذها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم محتاجاً إليها فلبسها فرآها عليه رجل من الصحابة فقال : يا رسول الله ما أحسن هذه فاكسنيها فقال : نعم )) فلما قام النبي صلى الله عليه وسلم لامه أصحابه فقالوا : ما أحسنت حين رأيت النبي صلى الله عليه وسلم أخذها محتاجاً إليها ثم سألته إياها ، وقد عرفت أنه لا يُسأَلُ عن شيئاً فيمنعه ، فقال : رجوت بركتها حين لبسها النبي صلى الله عليه وسلم لعلى أُكفَّن فيها ) .

 

وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس ، وكان أجود ما يكون في رمضان ، كما في حديث ابن عباس رضى الله عنه .

 

وكان من هديه صلى الله عليه وسلم أنه لا يسأل شيئاً فيقول : لا .

 

وفي صحيح مسلم عن أنس رضى الله عنه قال : ما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام شيئاً إلا أعطاه ، فجاء رجل فأعطاه غنماً بين جبلين ، فرجع إلى قومه فقال : يا قوم أسلموا فإن محمداً يعطى عطاء من لا يخشى الفاقة .

 

والأحاديث عن عطاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وبذله لا تعد ولا تحصى فهي مصاحبة لحياته كلها لا نستطيع أن نحصيها .

 

- مع أبى بكر الصديق رضى الله عنه :

 

عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه قال : أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً أن نتصدق ، فوافق ذلك مالاً عندي ، فقلت : اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يوماً ، فجئت بنصف مالي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" ما أبقيت لأهلك ؟ فقال : مثله ، قال : وأتى أبو بكر بكل ما عنده فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما أبقيت لأهلك ؟ قال : أبقيت لهم الله ورسوله ، قلت لا أسابقك إلى شئ أبداً ) .

 

فقد كان أبو بكر رضى الله عنه أجود الصحابة الكرام ، واسبقهم إلى كل خير .

 

وكان عمر رضى الله عنه يقول : أبا بكر سيدنا وأعتق بلالاً سيدنا ، ولقد تحدثنا عن إنفاقه من قبل ، ومن المعروف أن الصحابة رضوان الله عليهم سبقوا إلى كل خير ، وتسابقوا في الخيرات عملاً بقول الله عز وجل { فاستبقوا الخيرات } البقرة 148 وبقوله عز وجل { سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض } الحديد 21 .

أضف تعليقك