• الصلاة القادمة

    العشاء 17:29

 
news Image
منذ ثانية واحدة

لم، ولن، يكن – يومًا – لدى “آخر” أرفض – من حيث المبدأ – أن أحاوره، أو استمع لما لديه، مهما كانت درجة، أو حدة الخلاف معه، أو حوله.
وحدهم العقلاء، والراشدون، هم القادرون على كسر حاجز الصمت، أو الخوف من قاموس مفردات، وعبارات، المزايدة والمراوغة، والتخوين، فارغة المضمون والمكنون، والتى أصبح معها الأمل مفقود، والواقع منكوء، والناجى من أسر هذه الأكمنة والفخاخ، مسعود ومولود.

بين الصمت، والإفصاح، ترددت منذ 11 مايو الجارى 2018، فى كتابة هذه السطور، التى أزيح فيها الستار، عن عدد من الإتصالات التى تلقيتها، وعدد من الرسائل التلفونية التى وصلتنى، من أطراف – تبدو عليهم ملامح رسمية – ولم يسبق لى التعرف على أى منهم!!
قبل ساعات من تهديد السيسى – لأول مرة – لقنوات ومعارضة الخارج، تلقيت – من يوم 11 مايو وحتى 15 مايو – كمًا وافرًا من المعلومات 
المنشورة – وغيرها – عن المبادرة التى أعلن عنها الدكتور كمال الهلباوى، عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان – حاليًأ – والقيادى السابق بجماعة الأخوان المسلمين.

وبعد تدارس القدر المتاح من التفاصيل والمعلومات، مع عدد من القيادات العربية، وعدد من الفاعلين السياسيين المصريين (من خارج جماعة الأخوان) أغلقنا هذا الملف لحين إتضاح المزيد من التفاصيل والآليات التى لم تتضح لنا بعد..

وبعد إعلان السيسى تهديداته يوم 16/5/2018 تلقيت يوم 22 مايو عدد من الرسائل الصوتية، من أربعة شخصيات، لم ألتقيها من قبل، ولم يسبق لى التواصل معها بأى صورة.

الأول شخصية وثيقة الصلة بجهاز أمنى وسيادى كبير، كما شفّت عبارات وطريقة ومنطق الرسائل الواردة منه .. والتى بلغت 18 دقيقة موزعة على أكثر من رسالة، انصبت فى بدايتها، على مطالبته لى بالعودة لمصر، وممارسة دورى السياسى من داخلها، ثم انتقل لتقديراته من خلال متابعة وتحليل ما يذاع على قناة الشرق، التى كال لها ولرموزها الإتهامات التى تكشف حجم الضجر منها.

ومن بين التفاصيل الهامة، إستفاضة الرجل فى الحديث عن ما أسماه بأزمة الشرق، وعودة أحد العاملين فيها لمصر، مشيرًا أن الأزمة كانت إنتصارًا لهم وإنكسارًا لنا، يجب ألا يغيب عن حساباتى للواقع والمستقبل.

وقبل أن أرد بكلمة واحدة على الرسائل الأولى، أعرب الرجل عن مخاوفه حال إعلانى العودة لمصر أن يتم إغتيالى من أطراف لم يحددها، مؤكدًا أنه حال موافقتى على العودة سيوفر الحماية الكاملة لى شريطة ألا أعلن عن قرارى بالعودة!! مكررًا هذا المعنى فى أكثر من موضع.

والمدهش أكثر، أنه رغم نصيحته هذه، قال نصًا فى ختام رسائله الصوتية المسجلة، انه لا يمانع أن أذيعها على الشرق لو أردت، لكن لأنه فيما يبدو كان واثقًا من عدم قبولى لعرضه فلم يجد تناقضًا بين نصيحته لى بالتكتم، وعدم ممانعته فى إذاعة الرسائل، وهذا ما لم أفعله، ولن أفعله، لأسباب أخلاقية، ومهنية، لا يتناقض معها الإفصاح عن مضمونها دون أسماء أو تفاصيل لأسباب موضوعية تتصل بمناقشة الحالة والمشهد بشكل عام.

الرسالة الثانية : كانت من شخصية نيابية عربية، لم أشرف من قبل بالتواصل معها، وكانت مختزلة ومقتصرة على الحديث عن لم الشمل وتجاوز الخلافات وما يراه من دور لى شخصيًا فى تحقيق هذه المعانى والأهداف.

الرسالة الثالثة : كانت من شخصية إعلامية ذات إتصالات مخابراتية، اعادت نصًا ما ورد فى الرسالة الأولى، مع حذف الحديث عن تهديدات الإغتيال، واضافت – فقط – عبارات تؤكد أنه شخصيًا ضامن لتنفيذ أى إتفاق يتم لعودتى لمصر، مشيرًا بالنص “وعودة الشرق، على أن تبث على قمر النايل سات”
الرسالة الرابعة : من شخصية يبدو أنها وثيقة الصلة بالشخصية الأولى، حيث بدا لى وكأنه يستكمل حديث الأول، ويسد بعض الثغرات الإنفعالية التى وردت فيه.

وبعد الكثير من التفكير بهدوء، وصولاً لأوفى إجابات عاقلة، على مضمون الأسئلة التى وردت إجمالاً فى الرسائل السابقة، أود أن أوضح النقاط التالية :

أولاً :
ليس لدى ما أهرب منه، أو إليه، ولم تصدر ضدى أحكام، ولا توجد تحقيقات أمام أى جهة قضائية أو مطالبات مالية أو خلافه، والعقبة القانونية الوحيدة التى تحول دون حقى فى العودة (يوم أن أقرر ذلك) هو عسف النظام برفضه تجديد جواز سفرى لأكثر من ثلاثة سنوات رغم حصولى على أحكام نهائية وباته وواجبة النفاذ بتسليمى جواز سفرى من القنصلية المصرية بأسطنبول.

ثانيًا :
ليس لدى ما أخجل منه، أن أؤدى دورى الوطنى وأنا خارج وطنى، فالزعم الكاذب الذى يردده البعض ويصدقه أحيانًا، أن هذا درب من دروب الخيانة، هو إتهام لرموز وقامات وطنية ناضلت من أجل قضيتها من خارج أوطانها فى مراحل تاريخية مختلفة، أمثال مصطفى كامل ومحمد فريد، وسعد زغلول، ومحمد أبو الفتح، وسعد الدين الشاذلى، وغيرهم، بل أن رسول الله (ص) هاجر كى يكمل رسالته وعاد منتصرًا لأهله ووطنه، ولو لم يهاجر الرسول الكريم، ربما تمكن منه خصومه وخصوم دعوته..

ثالثًا :
ليس لدى دليل واحد لما ورد فى بعض هذه الرسائل من أن قناة الشرق تخدم تيارًا سياسيًا بعينه أو جماعة أو حزب دون غيره، فهى قناة مفتوحة لكل المصريين بمختلف توجهاتهم السياسية والحزبية، وكاذب كل من يدعى أننا يومًا روجنا لعنف أو دم أو كراهية.

رابعًا :
ليس لدى أو غيرى ما يخشى بسببه الإغتيال أو التصفية التى لوحت بها الرسالة الأولى، فإذا حدثت هى قدر الله، وإذا حدثت فلن يفعلها إلا من سبق له أن مارس فكرة الإغتيالات فى الخارج منذ إغتيال الملك فاروق وناصف الليثى مرورًا بسعاد حسنى وأشرف مروان وآخرين، وأقول لصاحب الرسالة الذى عرض علىِّ الحماية أن الحماية الحقيقية يحتاجها من يتورط فى تنفيذ مثل هذه العمليات القذرة، لأن الحاكم سرعان ما يغسل يده منها ويقيل منفذها كما حدث فى التسعينات عندما فعلها اللواء أحمد العادلى بإطلاق 6 رصاصات على أحد المعارضين فى الخارج ولم يمت المعارض، لكن مبارك عاقب أحمد العادلى وعزله فأصيب بأزمة صحية فورًا ومات!!

خامسًا :
هذه الرسائل لا تمثل لى غير تأشير عكس خط السير الذى أعلنه السيسى فى كلمته الأخيرة عندما هدد وتوعد معارضيه فى الخارج لأول مرة وبالشكل الذى يتناقض مع كل ما ورد فى الرسائل السابقة..

سادسًا :
كيف لى أن أصدق ما ورد فى هذه الرسائل دون أن أسأل نفسى الأسئلة التالية :
أين حازم عبد العظيم؟! أين شادى الغزالى حرب؟! أين هيثم محمدين؟! أين وائل عباس؟! أين شادى أبو زيد؟! أين عبد المنعم أبو الفتوح؟! أين محمد القصاص؟! أين اللواء أحمد وصفى؟! أين هشام جنينه؟! أين سامى عنان؟! أين العقيد أحمد قنصوه؟! أين علاء عبد الفتاح؟! أين أمل فتحى؟!
ألم يكن هؤلاء ممن ساندوا ما حدث فى 30/6 و 3/7 وبعضهم كان بعضًا من حملة السيسى الرئاسية الأولى؟!

سابعًا :
يبقى السؤال المحورى، هل عندما خرجت من مصر إلى لبنان، ثم بعدها إلى اسطنبول – بعد رفض تجديد جواز سفرى – هل كان خروجى بعثة إنتهت وأبحث عن سببًا وسندًا للعودة؟!
أم كان خروجى من أجل واقع مؤسف ومناخ ردئ الآن أصبح أسوأ مما كان عليه وقت خروجى؟!!

أنا لا أخشى المواجهة، ولا الإغتيال، ولا حملات التشويه، فمن واجه مبارك، لا يخشى مواجهة السيسى (!!) لكن عودتى الآن هو تخلى على كل أدوات المواجهة وآلياتها المتاحة – فقط – فى الخارج، ولو توافرت بعض هذه الآليات وبحدها الأدنى سأكون فورًا أول العائدين فى ظل مصالحة وطنية تشمل الجميع، وتضمد جراح الوطن، وتسد الثغرات التى هبت منها رياح الفُرقة، بل سأكون أول المساعدين فى هذا المسار.

أضف تعليقك