• الصلاة القادمة

    الظهر 11:01

 
news Image
منذ ثانية واحدة

يستخدم العسكر التضليل من أجل تغطية جرائمهم، ومن أجل إرسال رسالة خاصة إلى الشعوب الخاضعة مفادها، "نحن نعمل من أجلكم ، ونسهر على راحتكم ، فلا داعي للقلق"، ولكن الحقيقة غير ذلك.

هذا ما حدث في الخامس من يونيو عام 1967، حيث استيقظ المصريون على نبأ عدوان صهيوني على حدودنا الشرقية، حيث سيناء، تتوغل القوات الصهيونية عشرات الكيلومترات، وتهاجم القوات الجوية للعدو مطارات مصرية وتدمر جميع الطائرات المصرية قبل أن تطير لتدافع حتى عن نفسها.

وانطلق التضليل الرسمي والكذب الإعلامي، فيصدر أثير صوت العرب وإذاعة القاهرة وغيرها أن القوات المصرية تسقط الطائرات الصهيونية كالذباب، واقتربت من أسوار تل أبيب وبعدها يرمون اليهود في البحر المتوسط، لكن كل هذا ماهو الا هراء كان الإعلام يبثه عبر الأثير علي مسامع الشعب.

وتعتبر نكسة يونيو 1967 - التي تطل علينا ذكراها اليوم - برأي كثير من المراقبين هزيمة للجيوش العربية، التي تقاعست عن القتال بعد خسارة الفلسطينيين 22% من أراضيهم التي بقيت بعد احتلال عام 1948.

خداع المصريين

اعتاد العسكر على خديعة المصريين، وهو ما فعله جمال عبد الناصر عام 1967 حين خدع الجميع بأسطورة الجيش المصري، حائط الصد المنطقة العربية، وطالع المصريون في صحف ناصر قواميس من الأكاذيب الصارخة من عينة، "صاروخ الرائد" الذي يبلغ مداه 1000 كم والذي يستطيع اختراق نطاق الجاذبية الأرضية إلى الفضاء الخارجي، ونقرأ أيضًا: انتصار علمي وعسكري ضخم للجمهورية العربية المتحدة حيث تمت تجربة أول طائرة مقاتلة صُممت وصُنعت في مصر تفوق سرعة الصوت مرتين.
 
وكان على صدر صحف الديكتاتور مانشيتات مضحكة من عينة: "قواتنا تتوغل داخل إسرائيل"، و"الجيش العربي يزحف إلى تل أبيت"، و"أسقطنا العشرات من طائرات للعدو"، والعدد في زيادة والبركة في بيانات مكتب الرجل الثاني في مصر المشير عبد الحكيم عامر، إلى ما هنالك من البيانات العسكرية التي كانت تذيعها إذاعة صوت العرب بالأمر المباشر عن أمجاد العرب والجيش المصري الذي لا يُشقّ له غبار!.

وأمس الإثنين، أي قبل ساعات من الذكرى 51 للهزيمة التي استعمل فيها الإعلام كوسيلة لتغييب العقول العربية، توفي الإذاعي أحمد سعيد عن عمر ناهز ٩٣ عاما.

ورأس أحمد سعيد إذاعة صوت العرب لمدة 14 عامًا منذ تأسيسها في عام 1953 وحتي تقدم باستقالته في سبتمبر عام 1967 عقب فضيحة يونيو.

واشتهر أحمد سعيد بإذاعته لبيانات عن مصادر عسكرية أعلنت عن انتصارات وهمية للجيش المصري في عام 1967.

إلا أن الراحل قد صرح قبيل وفاته بأنه نقل البيانات التي كانت تأتي إليه من مصادر رسمية وكان ملتزما بإذاعتها دون تغيير.

هزيمة ساحقة 

وجاءت هزيمة يونيو 1967، لتعطي مثالًا صارخًا عما يمكن أن يُحدثه الإهمال والقرارات العشوائية، والتي نتج عنها هزيمة قاسية.

وبحسب خبراء عسكريين، فإن التورط المصري فى اليمن منذ سبتمبر 1962 كان له تأثير كبير على الكفاءة القتالية للقوات واستهلاكها على هذا المسرح الجبلى بعيداً عن مسرح العمليات الصحراوى فى سيناء ، كما كان من الصعب إدارة وخوض المعارك على أكثر من جبهة خاصة فى ظل هذا البعد الإستراتيجى بين الجبهتين… هذا في الوقت الذي كانت فيه إسرائيل بعد حرب العدوان الثلاثى على مصر عام 1956 تركز جهودها لتقوية قواتها فى نفس الوقت الذي ازدادت فيه علاقاتها مع الولايات المتحدة رسوخًا خاصة فيما يتعلق بإمدادها بأحدث الأسلحة والمعدات والمواقف السياسية المؤيدة لها.

لم تتوقف المصادمات عبر الحدود بعد حرب العدوان الثلاثى إلى ان ازدادت حدتها وتصاعدت فى الفترة السابقة مباشرة لحرب يونيو 1967 ليس على الجبهة المصرية فقط ولكن أيضاً على الجبهتين السورية والأردنية، وكانت المعركة الجوية الإسرائيلية / السورية فى 7إبريل فى نفس العام بداية لتصاعد حدة الأحداث واختباراً للقدرات.

وبحلول شهر مايو 1967 ازدادت التهديدات الإسرائيلية لسوريا، مع الإعلان عن حشود إسرائيلية على جبهة الجولان… الأمر الذى دفع بالقيادة فى مصر (دون التدقيق عن صحة هذا الحشد) فلجأت إلى رفع درجات استعداد القوات المسلحة، وكانت توجيهات القيادة العامة فى ذلك الوقت قد حملت فى طياتها بداية الخروج عن الخطة الدفاعية التى سبق أن تدربت عليها القوات (التى كان معظمها يعمل فى مسرح اليمن).

ثم ازداد التوتر عندما قامت مصر بإغلاق خليج العقبة فى وجه الملاحة الإسرائيلية أيضا مع صدور قرار من الأمم المتحدة (بناء على طلب مصر) بسحب القوات الدولية، وبذلك اصبح لدى إسرائيل المبرر لشن العدوان.

وهكذا… ينتهى يوم 4 يونيو 1967وقد أتمت إسرائيل إعداد قواتها واستعدادها لتنفيذ العملية الهجومية بينما كانت القوات المصرية قد وصلت إلى مرحلة متقدمة من الإجهاد وانخفاض الكفاءة القتالية… إلى أن جاءت الساعة الثامنة وخمس وأربعون دقيقة صباح يوم الخامس من يونيو 1967، حيث بدات القوات الجوية الإسرائيلية فى توجيه ضربة مركزة ومفاجئة إلى القواعد الجوية والمطارات المصرية ومحطات الرادار أخرجتها تقريباً من المعركة تاركة القوات البرية المصرية فى سيناء مبكراً بدون اى غطاء جوى … ولقد ازدادت الأمور سوءاً فى الساعة 1700 يوم 6يونيو «أى بعد يوم واحد فقط» بصدور أمر من نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بانسحاب القوات من سيناء إلى غرب القناة، مما كان لذلك أثر كبير فى تسهيل مهمة القوات الإسرائيلية لتحصل على انتصار لم يكن ضباطنا وجنودنا سبباً فيه.

إلى أن صدر قرار مجلس الأمن الدولي يوم 10يونيو بوقف إطلاق النيران دون ذكر أى ترتيبات عن عودة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل الحرب.

التضليل.. سياسة العسكر

تطل ذكرى هزيمة يونيو 1967 من قلب نكسة أخرى لا تقل عنها مرارة، تتمثل في هزيمة الشعب المصري في 30 يونيو 2013 أمام جنرالات النكسة الأولى والمفارقة أن كيان الاحتلال الإسرائيلي حاضر بقوة في النكستين، إلا أنه هذه المرة يحارب بالوكالة عن طريق قيادات فاسدة في الجيش المصري، تطوعت لتكون حائطا ناريا لأمان إسرائيل.
 
في النسخة الحالية من النكسة السيساوية العسكرية، تخطينا مع العسكر مرحلة الكذب إلى الأحلام وتسويق الأوهام، فتارة أن مصر خالية من الإرهاب خلال أيام، وتمر الأسابيع والشهور لنقترب من الخمس أعوام دون تحقيق أهم هدف وهو الأمن والأمان، وأن مصر مقبلة على رخاء اقتصادي غير مسبوق وتفجر ينابيع الخير التي تجعلنا في مقدمة أغنى دول المنطقة قريبًا، وسط ادعاء الجنرال الحاكم الدائم بأن (مصر أم الدنيا وحتبقى أد الدنيا)، ولم يجني المصريون طوال أعوام نكسة 30 يونيو 2013 وحتى الآن إلا الضنك والفقر ولم نرى غير سياسة التسول ومد اليد للعدو قبل الصديق.

أضف تعليقك