• الصلاة القادمة

    الفجر 04:23

 
news Image
منذ ثانيتين

حمزة الغانمي

لقد أصبح الناس مقيدون بالعادات والتقاليد يتحكمون إليهم في أغلب أمورهم، ومن بين هاته الأمور أنهم يعيبون على المرأة عدم إتقانها لبعض الأعمال المنزلية كغسل الصحون والملابس وطهو الطعام.. حتى بعض الناس بلغ بهم الأمر إلى أن من بين العيوب التي ترد بها الزوجة أنا لا تجد الطبخ، أو غسل الملابس، أو باقي الأعمال المنزلية الأخرى، كأن ذلك واجب عليها وأن الشرع ألزمها بذلك، لكن الأمر غير ذلك، وسبب عدم تقبل فكرة أن المرأة لا تجيد الطبخ أنها إذا كانت كذلك فإنها لن تستطيع خدمة زوجها من إعداد طعامه وشرابه وغسل ملابسه، وبعض الأزواج ذهب بهم الأمر إلى تطليق زوجته، أو ضربها، لمجرد أنها لم تعد له الغداء أو تأخرت به، أو أنها لم تتقنه جيدا.. مبررا ذلك بقوله أنها أهملت في واجبها الشرعي! فهل يجب على المرأة أن تخدم زوجها؟

لقد كثر الحديث في هذا الأمر، واختلف الفقهاء في ذلك:

فذهب الجمهور الشافعية والحنابلة وبعض المالكية إلى أن خدمة الزوج لا تجب على المرأة لكن الأولى لها فعل ما جرت العادة به. وذهب الحنفية إلى وجوب خدمة المرأة لزوجها ديانةً لا قضاءً؛ ويستدلون على ذلك بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قَسَّم الأعمال بين علي وفاطمة -رضي الله عنهما-، فجعل عمل الداخل على فاطمة، وعمل الخارج على علي، مع العلم أنه لا يوجد نص صريح يدل على وجوب الخدمة على الزوجة. وذهب جمهور المالكية كأبي ثور، وأبي بكر بن أبي شيبة وأبي إسحاق الجوزجاني: أن على المرأة خدمة زوجها في الأعمال الباطنة التي جرت العادة بقيام الزوجة بمثلها؛ لقصة علي وفاطمة رضي الله عنها، حيث إن النبي صلى الله عليه وسلم قضى على ابنته فاطمة بخدمة البيت، وعلى علي بما كان خارج البيت من الأعمال.

لكن الأمر لا يتوقف هنا فقط بل ذهب إلى أبعد من ذلك فتجد الناس منقسمين إلى طائفتين:

قوم يوجبون على الزوجة خدمة زوجها مستندين إلى العادات والتقاليد لأن المرأة هي التي يجب عليها أن تقوم بتلك الأعمال، حتى أصبح يعاب على الرجل أن يقوم بأعمال المنزل، إذا رءاه شخص يغس الثياب أو يطه الطعام؛ يعيره على ذلك لأنه يقوم بأعمال النساء، مع العلم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يساعد زوجاته، وكذلك يخيط ثيابه، ويحلب شاته..  

وأما الطائفة الأخرى: هم أولئك الذين يسمون أنفسهم بالمنفتحين، فتجدهم يتحررون من العادات والتقاليد، مقلدين الغرب، لكن المشكلة لا تكمن هنا فقط، بل فيما يقلدون، فتجدهم يقلدونهم في الأمور التافهة: إما في لباسهم، أو أكلهم ظانين أنهم بذلك مواكبون العصر!

ومع تضارب وتباين بين هذين الفريقين لا تكاد أن تجد فريقا معتدلا وسطيا؛ يعيش في زمانه بعقل عصره، وحشمة أسلافه، محتكم إلى دين ربه! لكنني لما تهت بين ما سلف وبينما أعيشه؛ قررت أن أتعلم الطبخ لكي أخدم نفسي وإن تطلب الأمر أن أخدم زوجتي كذلك، فماذا لا أكون أنا من يخدمها إن كانت تستحق ذلك؛ صاحبة مال، ونسب، وجمال، والأهم من ذلك ذات دين، حتى وإن كان هذا الترتيب من الأدنى إلى الأشرف، لكن عندما يجتمع في المرأة مثل هاته المواصفات لا تستحق الخدمة فقط بل أكثر من ذلك، حتى وإن كان بعض العلماء يقولون بأن الرجل يجب عليه أن يفضل عن المرأة في أمور، وهي في أمور أخرى؛ بأن يكون هو ذا مال، وبنية قوية.. وأما هي ذات جمال..

لكن بعض النساء رغم أنهن لا يجيدن الطبخ، لكن لهن مكانتهن في المجتمع، حاملين همة هذه الأمة بعلمهن وعقولهن، حتى وإن كان مثل هؤلاء قليلون، لكن الخير باق في هذه الأمة مدة شروق الشمس من مشرقها! لكن حال الرجال يختلف فتجد بعضهم يبحث له عن امرأة لأنه سيجدها أنثى في الفراش، وآخر عن امرأة ليجدها خادمة في البيت، هل هذا هو المقصود من الزواج! أين نحن من قولها تعالى: "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ".

  • نقلا عن مدونات الجزيرة

أضف تعليقك