• الصلاة القادمة

    الفجر 04:23

 
news Image
منذ ثانية واحدة

الحمد لله الذي أكمل لنا الدين وأتمّ علينا النعمة ورضي لنا الإسلام دينًا، وصلاة وسلامًا على من بعثه ربُّه رحمة للعالمين وجعل منهجه للحيارى والتائهين سراجًا منيرًا، وبعــد.

فإنّ من أعظم منن الله على عباده بين حين وآخر: مواسم الطاعات ومناسبات الخيرات التي تترى على الأمّة؛ لتُجدِّدَ صلتها بربها، وتوقظ الهمم من جديد في العمل والبناء والإصلاح في الأرض؛ تحقيقًا لمقصد العمران، كما أشار القرآن: {هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا} [هود: 61].. 

وقد عظّم الله تعالى الأزمنة بعضها على بعض، ففاضل بين الأيام، وفاضل بين الليالي، وفاضل بين الساعات، وفاضل بين الليل والنهار... ومن بين الأزمنة الشريفة -التي لا يصح لا شرعًا ولا عقلاً ولا عُرفًا أن يُفرِّط فيها التجار الصالحون-: يوم عرفة؛ بجماله وزينته وبركاته ورحماته وفضائله وأسراره.. وسُمِّيَ بعرفة من باب إضافة اليوم إلى المكان (جبل عرفة)، وتجتمع فيه فضائل العبادات وأمهات الطاعات..
يوم ليس كباقي الأيام ففيه من الأسرار ما فيه، ومنها أنه: 

1. أحد الأيام المعلومات التي جعلها الله -تعالى- سببًا لشهود المنافع المادية والمعنوية؛ فقال: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ} [الحج: 28]. 

2. أحد أيام العظمة والمكانة؛ حيث أقسم الله بها في كتابه، فقال: {وَالْفَجْرِ* وَلَيَالٍ عَشْرٍ} [الفجر: 1، 2]، ومعلوم أنّ العظيم لا يُقسم بشيء إلا إذا كان عظيمًا. 

3. هو اليوم الذي أكمل الله فيه الدين وأتمّ فيه النعمة على الناس أجمعين؛ فقال تعالى فيه: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3]. 

4. صيامه سنة مؤكّدة عن رسولنا الحبيب -صلى الله عليه وسلّم- وصيامه سبيل تكفير ذنوب سنتين؛ ففي الحديث -كما عند مسلم في صحيحه- لما سُئِلَ الرسول عن صيام يوم عرفة، قال: يكفر السنة الماضية والسنة القابلة. 

5. يوم المباهاة والعتق من النيران؛ ففي الحديث: (ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة)

6. فيه الركن الأعظم في الدين وفي شعائر الإسلام وشرائعه، وهو الوقوف بعرفة. 

7. يوم حفظ اللسان والسمع والبصر عن الحرام والثواب فيه كبير؛ ففي حديث الرسول وهو يوصي: (هذا يومٌ مَن مَلك فيه سمعَهُ وبصرَهُ ولسانَهُ غُفِرَ له).

8. يوم الدعاء المستجاب؛ ففي الحديث: (خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير) والدعاء في يوم عرفة ليس للحجاج وحدهم؛ بل ولمن فاتهم الحج.. وهذا الدعاء هو من المأثور في دعائه -صلى الله عليه وسلّم- يوم عرفة، ولا يُمنع من الدعاء بغيره؛ بشرط الإخلاص، وصحة المقصد، وسلامة الكلمات المستخدمة في الدعاء.. كما يستحب في هذا اليوم تعميم الدعاء وتخصيصه على السواء؛ فالدعاء للأُمّة وبلدانها بالعافية والستر والأمان مطلوب للحجاج وغيرهم..

9. يوم فيه العمل الصالح أحبّ إلى الله من غيره، كما في الحديث الوارد: (ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام، يعني أيام العشر قالوا: يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله، فلم يرجع من ذلك بشيء) فإنه يجوز كل عمل صالح في هذا اليوم وما تلاه، من قراءة للقرآن، وذكر وتهليل وتكبير وتحميد، وصلة للرحم، وكثرة صدقة، وتفريج كرب عن مكروب، وتيسير على معسِر، وقضاء حاجة محتاج، وإسعاد مهموم، وصناعة لمعروف يغني غيرك عن ذل المسألة.

أسأل الله تعالى أن يعيننا على حسن الصيام والقيام وكثرة الذكر، وأن يحفظ بلادنا وأمّتنا من كل سوء وبلاء.

نقلًا عن موقع إخوان أون لاين

أضف تعليقك