• الصلاة القادمة

    الفجر 04:23

 
news Image
منذ ثانية واحدة

الأمير عبد القادر الجزائري، هو العالم المجاهد الذي بايعه الجزائريون عام 1832 أميرا لمقاومة الاحتلال الفرنسي.

 ولد الأمير عبد القادر سنة 1807 في قرية القيطنة بولاية وهران الجزائرية، وتلقى تعليمه الأولي بالزاوية التي كان يشرف عليها أبوه محي الدين شيخ الطريقة الشاذلية، وانتقل بعد ذلك إلى مدينة وهران، فتلقى عن عدد من علمائها أصول العلوم، كالتاريخ والفلسفة والرياضيات والأدب العربي وعلم الفلك والطب وغير ذلك.

واصطدم والده محي الدين بالحاكم العثماني لمدينة وهران، فوضعه تحت الإقامة الجبرية في بيته، وفي عام 1825 سمح له بأداء فريضة الحج فخرج وابنه عبد القادر.

زار عبد القادر خلال تلك الرحلة العديد من الدول العربية بداية من تونس ثم مصر فالحجاز وصولا إلى بلاد الشام فالعراق التي زار فيها ضريح عبد القادر الجيلاني مؤسس الطريقة القادرية التي تضم الزاوية التي كان يشرف عليها والده.

ومر الجزائري بعد ذلك على الحجاز، وفي عودته إلى الجزائر عرج على مصر وطرابلس واستقر في قريته (القطنة)، ومكنت الرحلة عبد القادر ووالده من الابتعاد عن سيطرة حاكم وهران الذي كان متخوفا من النفوذ العقائدي لعبد القادر ووالده محي الدين.

بعد عامين من ذلك تعرضت الجزائر للاحتلال الفرنسي في شهر محرم عام 1246 الموافق 5 يوليو 1830، وهي المرحلة الأهم في حياته لما حفلت به من تطورات خطيرة تتعلق بمواجهته للفرنسيين، فبعد أن اعتذر أبوه عن قيادة المقاومة الشعبية تولى هو قيادتها.

وبويع على الجهاد في رجب 1248 الموافق نوفمبر 1832، وحصلت له البيعة العامة بمعسكر في 17 رمضان 1248، الموافق 4 فبراير 1833.

سارع لتشكيل حكومته ووضع أسس الدولة الجزائرية الحديثة، وجمع المتطوعين وكون جيشا قويا وحقق نجاحات أرغمت قائد الجيش الفرنسي في وهران "دي ميشال" على عقد اتفاق هدنه معه في 26 فبراير 1834.

ونصت الاتفاقية على هدنة أقرت له من خلالها فرنسا سلطته على منطقة الغرب الجزائري ومنطقة الشلف، لكن الاحتلال لم يلتزم ببنود المعاهدة وخرقها عدة مرات.

وأجبر مرة أخرى الفرنسيين في 30 مايو 1837 على المفاوضات معه وإمضاء معاهدة التافنة، التي تعترف بسيادته على الناحية الغربية والوسطى من الجزائر، والتي أمضاها الجنرال الفرنسي بيجو.

ولكن الفرنسيين كرروا خرق الهدنة، ونهجوا سياسة الأرض المحروقة باستعمال أساليب وحشية في قتل الأطفال والنساء والشيوخ وحرق كلي للمدن والقرى المساندة له.

ولخص الجنرال بيجو تلك السياسة في تهديد موجه لرجال الأمير "لن تحرثوا الأرض، وإذا حرثتموها لن تزرعوها، وإذا زرعتموها لن تحصدوها"، وهي السياسة التي أدت إلى سقوط مدنه ومراكزه العسكرية، وأرغمته على شن حرب العصابات (1844-1847).

مع استمرار الضغط الفرنسي عليه لجأ إلى المغرب الأقصى أملا في دعم السلطان المغربي مولاي عبد الرحمن، لكن ضغوط الفرنسيين وتهديدهم باحتلال المغرب حال دون ذلك، فاضطر الأمير إلى إعلان استسلامه في ديسمبر 1847.

فنُقِل إلى سجن بمدينة "بو" في الجنوب الفرنسي ثم في آمبواز بإقليم اللوار، لكن قرر نابليون الثالث فيما بعد إطلاق سراحه، فسافر إلى تركيا في 2 ديسمبر 1852، ومنها انتقل إلى سوريا واستقر بمدينة دمشق بداية من 1855، حيث درَّس في المسجد الأموي وقبل ذلك في المدرسة الأشرفية وفي المدرسة الحقيقية.

احتضنت منازله وحمت أكثر من 15 ألف مسيحي بعد أحداث فتنة بين المسلمين والمسيحيين عرفتها دمشق عام 1860، وهو الموقف الذي كان محل إشادة عالمية.

وللأمير عبد القادر عدد من المؤلفات كـ"المقرض الحاد"، و"السيرة الذاتية"، و"ذكرى العاقل" الذي ترجم مرتين وكان يعرف باسم "رسالة إلى الفرنسيين"، و"المواقف" بالإضافة إلى رسائل أخرى.

وتوفي الأمير عبد القادر بدمشق في 26 مايو 1883 عن عمر ناهز 76 عاما، ودفن بحي الصالحية بجوار الشيخ ابن عربي تنفيذا لوصيته، وفي عام 1965 تم نقل جثمانه إلى الجزائر ودفن في المقبرة العليا.

أضف تعليقك