• الصلاة القادمة

    الفجر 04:23

 
news Image
منذ ثانية واحدة

بقلم عامر شماخ

استهجن البعض تصريح الرئيس الأمريكى ترامب بخصوص العلاقة الحميمة الخفية بين المملكة السعودية و(إسرائيل)؛ حيث قال: (لولا السعودية لكانت إسرائيل فى ورطة كبيرة)، مع العلم أن هذا ليس أول تصريح له بخصوص فضح هذه العلاقة، بل كرره من قبل بصيغ مختلفة، قد تكون الأخيرة الأكثر صراحة.

ولا أرى غرابة فيما قاله ترامب؛ بل أقسم إنه صادق، وأجزم بأن حكام العرب -من دون استثناء- هم من ضمنوا بقاء الصهاينة حتى الآن، وحموا دولتهم المجرمة. يفعلون هذا فى السر ويخرجون علينا فى العلن بالتصريحات العنترية؛ كالذى كان يرغى ويزبد ويهدد بإلقاء إسرائيل فى البحر وفى الوقت نفسه كان يعمل جاسوسًا كبيرًا لدى اليهود، وكان زوج ابنته هو حلقة الوصل بينه وبينهم، وكـ(الرئيس المؤمن!!) الذى أعطى ذلك الكيان ما لم يعط مَنْ سبق ومَنْ خلف؛ حتى أكد البعض أن ما جرى فى 1973 كان تمثيلية للوصول إلى هذا المستنقع من الخيانة.

ومن الأخبار المتداولة هذه الأيام أن قائد الانقلاب صرح بتعهده بضمان أمن المواطن الإسرائيلى، حتى خرج محلل صهيونى منذ أيام مؤكدًا أنه صهيونى أكثر منه.. ومن الأخبار المتداولة كذلك أن محللا صهيونيًا آخر أقسم إن أمراء الخليج يبيتون فى تل أبيب الليلة والليلتين فى أحضان عاهرات يهوديات فى حين يهددون –عندما يفيقون-  بزوال (إسرائيل) ودعم الفلسطينيين..

وسوف تثبت الأيام أن (إسرائيل) هى من تضع حكام العرب على كراسى الحكم، وهى من تتولى خلعهم، بل لا أبالغ إذا قلت إنها الآن تتولى صناعتهم وهم فى المهد؛ فلا غرو أن يتحدث ترامب عن تناقضات هذه الدولة أو غيرها بتلك الثقة.

وإذا كان المقام لا يتسع لإيراد أدلة تؤكد انبطاح الأنظمة العربية جميعها لدولة اليهود؛ فإنى أضرب مثالا بالمخلوع (مبارك)، وكنت قد جمعت –فى وقت سابق- بضع أوراق حول خضوعه لهم، وتقديمه قرابين الولاء والطاعة لقادتهم على حساب مواطنيه ودولته..

نشرت وسائل الإعلام الصهيونية (فى شهر مايو 2011م) تقريرًا خطيرًا كشف حالة الحداد التى تعيشها إسرائيل على خلع مبارك، الذى اعتبره الإسرائيليون (صهيونيًا مخلصًا) و(أفضل حليف) قدم لبلادهم خدمات جليلة، وكان (صمام أمان) لهم خلال سنوات حكمه الطويلة.

وذكرت صحيفة (جيروزاليم بوست) أن حكومة تل أبيب برئاسة بنيامين نتنياهو بذلت مجهودات خارقة لمساعدة مبارك فى الاحتفاظ بعرشه وعدم الإطاحة به، لكن استمرار ثورة 25 يناير أجهضت هذه الجهود. وتناول الإعلام الصهيونى الجهود التى بذلها مبارك من أجل (إسرائيل)، ابتداءً من تجاهله غضب مواطنيه من ممارسات الكيان الغاصب فى المنطقة، مرورًا بإقامته علاقات سلام (رائعة!!) مع حكوماتها المتوالية وتعزيز التطبيع والتعاون الاقتصادى معها، والسماح بدخول الصهاينة إلى أى مكان فى مصر، وانتهاءً باحتقار منفذى عمليات المقاومة ضد الكيان ووصفها بـ«الإرهابية».

من أجل هذا تحسرت «إسرائيل» وهى ترى مبارك يجبر على الرحيل من منصبه، واعتبرت دعوة الرئيس الأمريكى له -أيام الثورة- بالرحيل، خيانة للدولة اليهودية التى جاهد مبارك للحفاظ على أمنها، لدرجة أنه قاطع إيران، وشارك فى الحصار الإسرائيلى على قطاع غزة.

ولدفاعه عن إسرائيل لمدة (30) عامًا، هى فترة حكمه المستبد، أقام حاخامات اليهود الصلوات من أجل شفاء مبارك، ودشنوا حملاتهم الدينية للإفراج عنه، فقد خرج الحاخام اليهودى عوفاديا يوسف، أشهر حاخاماتهم والزعيم الروحى لحركة «شاس» الدينية المتطرفة، بعد أيام من حبس المخلوع، ليؤكد عزمه مخاطبة شيخ الأزهر للعمل على إصدار فتوى شرعية تبيح العفو عن مبارك، وقد كلف رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نيتنياهو هذا الحاخام ببدء حملة دينية للإفراج عن الفاسد.

وإذا كان المخلوع قد دان بالولاء للصهاينة منذ بدء توليه السلطة عام 1981، فإن هناك عشر سنوات كاملة، هى سنوات حكمه الأخيرة، قد انبطح انبطاحًا كاملا أمام الإرادة الإسرائيلية، بهدف تمرير مشروع التوريث، واستغل الصهاينة -بالطبع- هذه الحالة فى طلب المزيد والمزيد من رئيس أكبر دولة عربية، حتى اعتبروه (كنزًا استراتيجيًا) على حد وصف بنيامين إليعازر -صديق مبارك الشخصى- ولهذا حرصت إسرائيل على بقائه للنفس الأخير، لدرجة أنها عرضت عليه اللجوء السياسي، وجندت سفراءها فى الدول العشر الأهم فى العالم -أثناء أحداث الثورة- للضغط من أجل بقائه، وتأكيد أن رحيله سوف يهدد الاستقرار فى الشرق الأوسط.

الموقف الإسرائيلى من مبارك عبر عنه الصحفى الإسرائيلى (ألوف بن) فى مقال له قبل ستة أشهر من قيام الثورة، بمناسبة مرض مبارك، حمل عنوان (صلاة لسلام مبارك) قال: «إن الشخص الأكثر قربًا لرئيس الحكومة الإسرائيلية من بين جميع رؤساء العالم هو مبارك»، وعدد الصحفى أسباب كل هذا الحب قائلا: «إن مصر بفضل مبارك، تحولت من منافس لإسرائيل إلى حليف إستراتيجى لها، وهى تناصب إيران العداء لحساب إسرائيل، فضلا عن أنها المزود الرئيسى لإسرائيل بالطاقة، كما أن مصر منحت إسرائيل

التكئة الإستراتيجية وضمنت لها الاستقرار الأمنى، وبفضل السلام مع مصر تقلص عبء ميزانية الأمن الإسرائيلى واستطاعت إسرائيل أن تخفض أعداد جيشها» وختم الصحفى الإسرائيلى بحقيقة مؤكدة بقوله:« لو مُنح قادة إسرائيل اختيار أمنية واحدة، كانوا سيطلبون إطالة حياة مبارك للأبد».

لقد أحب مبارك إسرائيل، وعمل -فى الواقع- جاسوسًا كبيرًا لها على حساب وطنه، واعتبر قادتها أصدقاءه المقربين الذين لا غناء له عنهم، فهو ينزل على رغباتهم ويستجيب لطلباتهم -ولو كانت ضد رغبات ومطالب شعبه..

يقول الأستاذ مجدى أحمد حسين: «ذكر موشيه ساسون أول سفير إسرائيلى فى مصر فى مذكراته: أن شارون عندما كان وزيرًا للزراعة زار مصر واستخدم طائرة حسنى مبارك الخاصة فى استكشاف الأراضى الزراعية المصرية، أما عند سفره نهائيا فيتحدث السفير عن اللقاء الحميم مع مبارك، وأنه عندما اشتكى له من البرامج الدينية فى الإذاعة والتليفزيون المصريين التى تتعرض بشكل سلبى لليهود، قاطعه مبارك فورًا وقال: أنت محق فى ذلك، سأصدر فورًا أمرًا إلى صفوت الشريف وزير الإعلام بألا يمسوا أمورًا إسلامية أو يهودية لا فى التليفزيون ولا فى الراديو، واستطرد: هذا الشىء الخطير جدًا على حد قولك سيتوقف. ضغط الرئيس على الزر الموجود على المائدة الصغيرة بجوار مقعده ودخل سكرتيره الشخصى (الفقى) وشرح له الرئيس المطلوب باختصار وأمره بالاتصال بوزير الإعلام وإبلاغه بأن يوقف فورًا تلك البرامج، وسجل السكرتير أمر الرئيس وخرج..

وهكذا بطلب من سفير إسرائيل ألغى مبارك قراءة قرابة ثلث القرآن وأبلغ وزير الإعلام للتنفيذ فى حضور السفير حتى يطمئن تمامًا؛ لذلك لم يكن غريبًا أن يتحدث السفير عن مبارك فيصفه بقوله: «أذهلنى كإنسان بدأ طريقه شخصية غير معروفة وتطور وأصبح زعيمًا مذهلا ناضجًا، سياسيا يتمتع بثقة بالنفس وكفاءة زعامة»، وظل يكتب عنه أنه الشخص الوحيد الذى حمى السلام مع إسرائيل وهو يلعب دورًا رائعًا فى ضم العرب إلى مسيرة الاستسلام، بل حيا فى مبارك اختياره طريق التبعية للولايات المتحدة !!».

انبطح مبارك -كما أسلفنا- للصهاينة تمامًا، ولم يشأ حتى أن يعاتبهم على ما يقترفونه من اعتداءات على أرضه ومواطنيه، بل صار الضحية -فى أحيان كثيرة- هو الجانى، وما حدث فى واقعة استشهاد البطل المصرى سليمان خاطر يجسد هذه المأساة.. لقد هيأ المجرم المخلوع الأوضاع ليقتل الصهاينة الأوغاد هذا البطل، ليس فى مكان آخر ولكن على أرض مصر وتحت ترابها وبحراسة خونة آخرين على شاكلته.. لقد حكموا عليه فى البداية بالأشغال الشاقة المؤبدة؛ لأنه -للأسف- أدى واجبه العسكرى على أحسن صورة، ثم قتلوه وادعوا انتحاره، وبعد دفنه بثلاثة أيام حاولوا سرقة جثته، ربما لتسليمه ميتًا إلى أسيادهم الصهاينة.

قام المخلوع بتأمين إسرائيل من ناحية مصر، على مدى ثلاثين عامًا، أخذت إسرائيل خلالها تَخرِّب وتشن حروبًا واعتداءات على جبهات أخرى، دون أن تخشى أى رد من جانب مصر، وهذا حصل أربع مرات فى لبنان: اجتياح عام 1982، وعملية الحساب والعقاب عام 1993، وعملية عناقيد الغضب عام 1996، وحرب تموز صيف عام 2006، غير ثلاثة مرات فى فلسطين: قمع الانتفاضة الأولى عام 1987، عدوان السور الواقى عام 2003، عدوان الرصاص المصهور على غزة أواخر عام 2008 وأوائل عام 2009.

وفيما يأتى بعضًا من اعتداءات الصهاينة على السيادة المصرية، التى لم يكن لها من جانب مبارك أى رد فعل سوى الصمت، كأنه يباركها:

– 12 من نوفمبر 2000، أصيب المواطن المصرى سليمان قمبيز وعمته بالرصاص الإسرائيلى، حيث كانا يجمعان محصول الزيتون بالقرب من شارع صلاح الدين.

– 15 من أبريل 2001، أصيبت سيدة مصرية من قبيلة البراهمة بطلق نارى إسرائيلى أثناء وجودها بفناء منزلها القريب من الحدود مع غزة.

– 30 من أبريل 2001، قتل شاب مصرى يدعى ميلاد محمد حميدة، عندما حاول الوصول إلى غزة عبر بوابة صلاح الدين.

– 9 من مايو 2001 أصيب المجند المصرى أحمد عيسى بطلق نارى أثناء وجوده بمنطقة خدمته على الحدود.

– 30 من مايو 2001، أصيب المواطن المصرى زامل أحمد سليمان (28 عامًا) بطلق نارى فى ركبته أثناء جلوسه بمنزله فى حى الإمام على بمدينة رفح المصرية.

– 30 من يونية 2001، قتل المجند السيد محمد أحمد بعدة أعيرة نارية فى المنطقة الفاصلة بين مصر وإسرائيل.

– 26 من سبتمبر 2001، أصيب الضابط المصرى برتبة نقيب عمر طه محمد (28 عامًا) بطلق نارى وعدة شظايا فى الفخذ اليسرى نتيجة تبادل النيران بين القوات الإسرائيلية ومسلحين فلسطينيين قرب الحدود المصرية.

– 5 من نوفمبر 2001، أصيب ضابط شرطة مصرى، الرائد محمد أحمد سلامة، أثناء دورية له فى منطقة الحدود.

– 23 من ديسمبر 2001، أصيب الشاب المصرى محمد جمعة البراهمة (17عامًا) فى كتفه بطلق نارى إسرائيلى.

– 28 من فبراير 2002، أصيب الطفل فارس القمبيز (5 سنوات) بشظية فى فخذه أثناء لعبه وحده بفناء منزله.

– 7 من نوفمبر 2004، سقط صاروخ إسرائيلى فى حديقة منزل فى رفح المصرية دون أن يحدث أى إصابات.

-4 من يناير 2006، قتل المهربون المجندين عرفة إبراهيم السيد والسيد السعداوى وأصابوا 10 آخرين وتمكنوا من الهرب وإدخال الأفارقة لإسرائيل.

– 12 من ديسمبر 2007، قتلوا أيضًا المجند محمد عبدالمحسن الجنيدى وهربوا ولم تعثر أجهزة الأمن عليهم حتى الآن.

– 25 من يناير 2008، أصيب مجند مصرى على الحدود برصاص مجهول.

– 27 من يناير 2008،  قتل المواطن السيناوى حميدان سليمان سويلم (41 عامًا) خلال ذهابه لعمله.

– 27 من فبراير 2008، قتل الطفلة سماح نايف سالم ابنة أخ القتيل السابق أمام منزلها على الحدود قرب معبر كرم سالم.

– 21 من مايو 2008، قتل المواطن سليمان عايد موسى (32 عامًا) بحجة تسلله داخل أراضيها بالقرب من معبر كرم سالم.

– 22 من مايو 2008، قتل عايش سليمان موسى (32 عامًا) عند منفذ العوجة برصاص إسرائيلى، كما قتل خمسة آخرون  فى عام 2008 وتم تسليم جثامينهم لذويهم بسيناء.

– 9 من يوليو 2008، قتل محمد القرشى، ضابط مصرى، برصاص إسرائيلى خلال مطاردة لمهربين على الحدود، قتلته إسرائيل بدم بارد وفتحت تحقيقًا صوريا فى الحادث لم يسفر عن شىء، وادعت أن الشهيد دخل الأراضى الإسرائيلية وأطلق النار عليه بطريق الخطأ.

– 24 من سبتمبر 2008، أخطرت السلطات الإسرائيلية الجانب المصرى بأن أحد المهربين المصريين قد سبق وحاول التسلل لإسرائيل من الأراضى المصرية وبعد أن اجتاز الأراضى الإسرائيلية أطلقت القوات الإسرائيلية الرصاص عليه وأردته قتيلا، والقتيل يدعى سليمان سويلم سليمان (26 عامًا) من سكان منطقة القسيمة بوسط سيناء.

– 17 من أغسطس 2009 : قال الجيش الإسرائيلى إن جنوده أصابوا بالرصاص جنديًا مصريًا بعد أن ظنوا خطأ أنه «عدو يحاول التسلل».

-26 من يونيو 2010 : استشهاد مصرى وإصابة ثلاثة آخرين بنيران الشرطة الإسرائيلية على الحدود المصرية وسط سيناء، وبرر الجانب الإسرائيلى الواقعة بأن المصريين الأربعة كانوا يقومون بمحاولة لتهريب المخدرات إلى «إسرائيل»، ما دفع الجنود الإسرائيليين إلى إطلاق النار عليهم، عند العلامة الدولية 45، وفقًا للرواية التى أبلغتها للسلطات المصرية.

أضف تعليقك