• الصلاة القادمة

    العصر 13:46

 
news Image
منذ ثانية واحدة

رسالتي إلى والدي
سلام الله عليك يا والدي مقدار ما أحببتنا .
سلام الله عليك يا والدي مقدار ما رحمتنا .
سلام الله عليك يا والدي مقدار ما سترتنا .
سلام الله عليك يا والدي مقدار ما أسستنا .
سلام الله عليك يا والدي مقدار ما أحببناك .
سلام الله عليك يا والدي مقدار ما إفتقدنــــــــــــاك .

سلام الله عليك أيها الأب الرهيب المهيب ذو الهيبة العطوف الحنون صاحب البسمة الهادئة ذات ألأسارير المنفرجة والغضبة الهادرة في الحق، هكذا عهدناك على العهد دائما و لو تخلى الجميع فستبقى وحدك صادق بوطنيتك . وفي بمبادئك. همك الوطن وأبناء الوطن جميعا دون استثناء.

هكذا أنت .هكذا ربيتنا وهكذا سنبقى لنهجك أوفياء.

كبرنا لنفهم مدى محبتك لنا و مدى تضحياتك من أجلنا.
كبرنا لنكون أنت في غيابك..نتكِيء على ما تبقى من أنفسنا صامدين..لا نسمح بإستضعافنا و لا نحيد عما ربيتنا..
كبرنا بمحنة واحدة..لنعرف أن ادراك الامور بالفقد أكبرُ أثراً و أكثرُ ألماً من ادراكها بالتَعلُم.
ألست من ربيتنا على أن للإنسان رسالة و قضية لا بد أن ينشغل بها.
ألست من ربيتنا أن المسلم أرقى من أن تكون حياته تنحصر بين أكله و شربه و نومه و زواجه و إنجابه بلا هدف راق يسعى إليه و قضية حق ينتصر لها.
ألست من ربيتنا على الجهر بالحق في وجه كل فاسد ظالم جائر.
ألست من زرعت فينا خلق القاضي و عزته و كرامته و إبائه حتى بعد أن أخرجونا من قريتهم الظالمة.
ألست من زرعت فينا أن القاضي لا يخاف من ذي سلطان و إن خاف فلا يصلح أن يكون قاضيا.
ألست من علمتنا أنها المحنة و ستولد من رحمها المنحة.
ألست من قال لك غير واحد أنك تربي أبنائك تربية الصحابة في زمن ليس زمانكم.
ألست من علمتنا أن نعامل الله في كل حياتنا لا شأن لنا بزلات البشر.
ألست من كنت تحلم بيوم تحرير الأقصى من دنس الصهاينة.
ها هي المحنة قد أطلت و جاء اليوم الذي يتنكر لك فيه زملائك و تلاميذك و من تعلموا على يديك و من أشرفت على تدريبهم.
جاء اليوم الذي ينتزع فيه تلاميذك هاتفك ليفتشوا فيه.
جاء اليوم الذي يأمر فيه تلميذك بحبسك في غياهب السجن.
باعوك ليشتروا السلطة و السلطان.
باعوك واشتروا المنصب والمكاتب المكيفة والسيارات المصفحة والحراسات المدججة.
باعوك و باعوا آخرتهم بينما إشتريت أنت جنة كعرض السماوات و الأرض
خانوك وقد سبق وأن خانوا الله ورسوله.
حبسوك لأنك أوجعت ضمائر أراد أصحابها أن تبقى ميتة عفنة كما الجيفة
جاءت المحنة لتتحول إلى منحة يولد فيها فجر مشرق ليوم آت نصلي فيه معا في مسرى محمد صلى الله عليه و سلم ..
سأظل أنتظرُ عودتكَ المشرقة...لتُكمل شيئاً ناقصاً بنفوسنا .. لا يكتملُ الا بكْ.
أنا الآن لا ابكي ظلم حاق بك و لكني أبكي وطنا يغيب رموزه خلف أسوار السجون ليعبث فيه الخونة اليوم أبكي شعبا قتلوه بالجهل و الفقر و المرض ... أبكي قضاء لطالما حلمت به نبراسا عاليا شامخا بحق و لم تكن تدري أن من بين أعضائه من يقف اليوم شامتا لسجن رمز من أكبر رموزه لا لشيء إلا أنك كنت قاضيا كما يجب ان يكون القاضي ..
منك تعلمنا كيف نغرس كلمة الحق بيضاء في زمن لا يثبت على ألوانه ..
لن أوصيك بثبات أنت من علمتنا إياه و لكني أقول لك يكفيك أن الله بقوته معنا .... الله كافينا ... الله ناصرنا .... الله غايتنا ..
كل من عرفك يفخر بك حتى أحفادك ... أطفال يفخرون في مدارسهم و يقولون أن جدنا بطل ..
ربما لن تصلك رسالتي لكني حقا أقبّل التراب الذي يلعق بنعالك ..
فسلام الله يا والدي عليك.

بقلم محمد سليمان نجل وزير العدل الشرعي والمعتقل في سجون الانقلاب

أضف تعليقك