• الصلاة القادمة

    الفجر 04:23

 
news Image
منذ ثانيتين

تحدث الأمين العام لجماعة الإخوان المسلمين، الدكتور محمود حسين، عن قضايا تهم الشارع المصري، وذلك في حوار مع "الجزيرة نت".

وكشف الأمين العام أن استراتيجية الإخوان في الوقت الحالي هي تمكين الشعب من إدارة شؤونه بنفسه من خلال إقامة نظام ديمقراطي تعددي مؤسسي، على أساس من المواطنة الكريمة التي تتكافأ بها الفرص وتتحقق بها العدالة بين الجميع دون نظر إلى لون أو عرق أو انتماء من أي نوع.

وقال: لا يتصور أحد أن بإمكاننا وحدنا تغيير المشهد، ولكننا جزء من الشعب، ومهمة التغيير يجب أن يتشارك فيها الجميع، هذه واحدة. أما الثانية فهي أن الإخوان يعملون بإمكاناتهم وجهدهم الذاتي، ويبذلون كل ما في وسعهم وفق منهجيتنا السلمية في التغيير، وذلك عبر مجال العمل السياسي على مستوى البرلمانات وغيرها، وفي مجال العمل الحقوقي المتواصل الذي يستهدف وقف انتهاك حقوق الإنسان، وفي مجال العمل القانوني المتمثل في جمع أدلة وإثبات جرائم سلطة العسكر، وتنظيم المؤتمرات والفعاليات والوقفات الاحتجاجية، وفي مجال العمل الإعلامي الذي يستهدف توعية الشعب وفضح ممارسات سلطة الانقلاب.

وعن قضية المراجعات والتطوير في الإخوان قال "حسين": ما نقوم به هو عملية ديناميكية مستمرة، خاصة في ما يتعلق بطريقة تعاطينا مع الثورة ومع الآخر، ومع ملفات ما بعد زوال الانقلاب المتعلقة بإدارة شؤون الحياة العامة بمشاركة جميع الأطياف المجتمعية، وقد أنجزنا بالفعل ملفات تتعلق بالخدمات، وثانية تتعلق بدورنا السياسي في المستقبل، وثالثة تخص تطوير العمل داخل اللجان الفنية للجماعة.

وليس مطلوبا منا، بل ليس من الصواب أن نعلن ما توافقنا عليه وما انتهينا إليه داخل الجماعة من مراجعات، وأقول بكل طمأنينة: عند زوال الانقلاب سنعود في طليعة من يبذلون كل ما في وسعهم لرفعة الوطن وحماية مصالح الشعب.

كما تحدث عن إخفاقات الثورة قائلا: إجمالا يمكن القول إن أخطر ما أخفقت فيه الثورة هو عدم قدرتها على استكمال المسار الديمقراطي وحمايته، وربما كان هذا الإخفاق نتيجة عدم قدرة الثوار على قراءة المشهد السياسي والأمني بوضوح أثناء الثورة وبعدها، وقدرة جنرالات العسكر على تفتيت جبهة الثوار بما لديهم من إمكانيات مخابراتية وإعلامية.

أيضا، تصور الثوار أن إزاحة مبارك فقط قد تؤدي إلى التغيير المنشود. لكن يمكننا القول إن الثورة قادمة لا محالة، وإن ما بعدها لن يكون كما كان قبلها بأي حال، فقد اكتسب الشعب من الخبرات وذاق من المرارات ما لا يمكن معه أن يقبل حكما دكتاتوريا مرة أخرى، سواء كان عسكريا أو غير عسكري.

وكشف عن أخطاء الإخوان، حيث قال: انتهاج منهج الإصلاح التدريجي للأوضاع والنظام في البلاد في ظل الدولة العميقة والفساد المستشري في مؤسسات الدولة لسنوات طويلة ربما كان غير مناسب، وتخضع هذه المرحلة لتقييم شامل لمعرفة الأخطاء وكيفية تجنبها، وتوجهات القيادة تسير في اتجاه التقويم والمراجعة، فالشورى ملزمة، والمحاسبة موجودة، واللوائح تحكم مسارات العمل الإداري كله.

وعموما، فإن تجربتنا تجربة بشرية تخضع للتقييم والمراجعة، تقبل الصواب والخطأ، ومن أدبيات الجماعة وقواعد العمل فيها أن مراجعاتها وتحقيقاتها تظل محصورة في الدوائر المختصة دون إعلان للرأي العام.

كما أشرت سابقا إلى أننا نتواصل مع الهيئات الشعبية، وما هو ممكن من الهيئات التنفيذية، فضلا عن المنظمات المعنية بحقوق الإنسان؛ لعرض قضية الشعب المصري العادلة، أملا في أن تقوم هذه الهيئات والمنظمات بدورها في الضغط على الحكومات ومتخذي القرار، ليعيدوا النظر في مواقفهم من الانقلاب في مصر، والانتصار للمبادئ الإنسانية العامة.

الموضوع يتعلق بمستقبل شعب ووطن، والسكوت عن ممارسات سلطة الانقلاب أو مباركتها خيانة لهذا الشعب.

وبالطبع، فإن أي تحركات أو زيارات أو فعاليات مناهضة للانقلاب أو حتى مجرد إبداء رأي، كلها أمور تقلق السيسي، وقد شاهدنا منذ أيام كيف كان مذعورا من أسئلة تواجهه بالحقائق عبر برنامج "60 دقيقة" الذي أذيع على قناة "سي بي إس" الأميركية.

هناك مراجعات أوروبية تجري في الخفاء بشأن الموقف من الإخوان، وتم حظر شعار "رابعة" في دولة كالنمسا.. كيف ترون هذه المراجعات وأثرها عليكم؟

الغرب يقرأ ويعي الصورة جيدا، ويعلم أنه لا علاقة للإخوان بالعنف أو الإرهاب من أي نوع، لكن النظام الانقلابي في مصر وداعميه الخليجيين يمارسون ضغوطا على بعض حكومات الغرب لقاء صفقات ومصالح.

ولعلك تلاحظ أن ما تم حظره في النمسا هو مجموعة شعارات تشمل أحزابا وجمعيات تنتمي لأيديولوجيات مختلفة، وفي مناطق متنوعة، ولم يكن حظرها لشارة رابعة متعلقا بالإخوان كجماعة، بل لكونها تعبر عن رمزية تمثل الدولة التركية التي تقوم على أربع دعائم، وهي: علم واحد، وأمة واحدة، وبلد واحد، وحكومة واحدة. 

وبالطبع، أي إجراء أوروبي سيؤثر على الإخوان، وقد واجهت الجماعة تحديات كبيرة وصُنفت من قبل أنظمة عربية جماعة إرهابية، لكنها -بفضل الله- ما زالت وستظل متماسكة وعصية على الانكسار.

وتابع: ليست هناك اتصالات مباشرة؛ هناك محاولات لجس النبض تجري من آن لآخر من قبل سلطة الانقلاب، بعضها يخرج في صورة مبادرات باسم أشخاص، وبعضها في شكل حديث إعلامي عن المصالحة، وكلها تنطلق من فكرة دفع الإخوان للتسليم بالأمر الواقع؛ وهذا لن يكون أبدا إن شاء الله.

ونحن لا نحلق في الخيال، بل نعرف جيدا حدود ما هو ممكن وما هو غير ممكن. ولا يصح شرعا ولا عقلا أن نقر الخائن على خيانته أو أن نتغاضى عن حقوق الشهداء والمصابين والمعتقلين والأسر التي أصبحت بلا عائل أو تم تشريد أفرادها وإفقارهم عمدا بفصلهم من الوظائف ومصادرة أموالهم وشركاتهم.

هذا فضلا عن حق الشعب الذي تم سحق أصواته بالدبابة بعد أن ظل ستين عاما يحلم بالحرية والديمقراطية.

وعن اقتراب الموجه الثورية الثانية، قال د. حسين: هذا صحيح في ظل حالة الاستقطاب الرهيبة التي صنعها الانقلاب، وكم الجرائم غير المسبوقة التي يرتكبها بحق المصريين، لكن من المهم في هذا السياق أن ننبه إلى أن وعي الثوار -وتحديدا من يقودون الموجات التالية من الثورة- لا بد أن يرتقي إلى مستوى الحدث، وألا يسمحوا بترك الأمور نهبا للفوضى التي قد تعصف بالبلاد لا قدر الله. 

وعن التوافق مع القوى الثورية قال الأمين العام: الإخوان أصدروا بيانا في الذكرى الخامسة لمجزرة رابعة تحت عنوان "تعالوا إلى كلمة سواء"، أكدنا فيه ضرورة إيجاد مشروع وطني يحقق لحمة وتماسك المجتمع بكل أطيافه وتنوعاته، مع تفعيل عقد مجتمعي جديد. 

واختتم: الشعب المصري فاض به الكيل من الحكم العسكري، وهناك حالة غليان الآن بادية لكل ذي عينين، وهي قابلة للانفجار في أي لحظة.

والتاريخ يقول إن كل أنواع الحكم العسكري انتهت بثورات شعبية، ومصر ليست استثناء من ذلك، ولكن توقيتها في علم الله. أما ما نخشاه فعلا فهو حدوث فوضى نتيجة كم الغضب المكتوم الذي يشكل وقودا لهذه الفوضى، وإن لم تتهيأ إدارة ناجحة للثورة فلا يمكن ضبط الأمور، وقد يستغرق علاج آثار وتبعات هذه الفوضى زمنا طويلا..  نسأل الله أن يعافي مصر من ذلك.

أضف تعليقك