• الصلاة القادمة

    الظهر 11:01

 
news Image
منذ ثانية واحدة

بقلم : سامي كمال الدين

كأنه صوت انطلق في فضاء صامت بسرعة الرصاص.. كأنه فيضان تدفق في اليابسة بعد جفاف.. إنه صوت خرج فجأة بعد سنوات عجاف يصرخ: باطل ..

ما تفعلونه بهذا الوطن باطل.. تعديلاتكم الدستورية باطلة.. حكم السيسي باطل.. انقلابه باطل..

صرخ الصوت مُعلناً في أجواء الصمت المُخزي: مصر تذهب بعيداً إلى اللا شيء فانقذوها.. أعيدوا لـ»فؤادة» شَرَفَها الذي سَلبه حُكم طاغية، ظهره إسرائيل وبطنه الفساد والاستبداد والقمع.

امنحوها نسيم الحريّة الذي خنقه رجل لا يَعنيه إلا مُهمة مُحدّدة جاء سعياً إلى تنفيذها مع عصابة صهيونية تتكالب على هذا الوطن لتمنح نفسها أرضاً ليست لها وتحت سماء ليست من حقها، لكنها تريد إعادة التوسّع الاستعماري الذي جاء بها وأسكنها أرضاً ليست بأرضها، قهراً وظلماً وعدواناً...

من سيناء لن يتردّد السيسي في منحها للصهاينة 740 كم تتوسّع فيها، تلقي بأهل غزة في أتون معركة بينهم وإخوتهم من المصريين في الغد القريب، إنها صفقة القرن التي جاء السيسي لأجلها وسعى إلى تنفيذها، يُنفّذ خطة وُضعت منذ عشرات السنين، في انتظار أن تحين الفرصة، التي حانت في عهد الرئيس محمد مرسي، فنفذها كاملة وألقى بمرسي في جب عميق، أليس هؤلاء جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها مرسي، والتي وقفت في الصفوف الأولى في حرب ١٩٤٨ تمنع دخول اليهود أرض فلسطين؟!.

لم يهتم السيسي بدماء الآلاف من رجال الجيش المصري الذين سقطوا شهداء على أرض سيناء المُقدّسة دفاعاً عن هذه الأرض، فهل يهتم بمرسي وإخوانه؟!

صمت شعبي تام منذ باع السيسي جزيرتي تيران وصنافير لإسرائيل، ولعبت السعودية دور المُحلل.. سكن الشعب الخوف، وشاهد أرضه تُباع، فخرج مجموعة من الوطنيين إلى الشوارع تهتف بأن بيع الأرض «باطل»، انتهى بعضهم بالسجون، فلم يعلموا أن التنازل عن تيران وصنافير هو أولى خطوات صفقة القرن التي جيء بالسيسي لأجلها.

وسط هذا الصمت المُخزي جاءت حملة «باطل» لتحفظ ماء وجه مصر، وتُخبر العالم أن مصر ما زالت عفيّة ببنيها، وقادرة على قول لا.

كان الصادم للنظام المصري أن هذه الحملة لم تخرج للعلن من جماعة الإخوان، التي شوّهها نظام السيسي أمام الشعب المصري وجعلها الإرهابية الخائنة للوطن، ولم يتم تدشينها من قنوات المُعارضة المصرية في تركيا أو القيادات الموجودة في تركيا، والتي صنّفها نظام السيسي بالإرهابية الخائنة أيضاً.

ولم تخرج حملة «باطل» من خلال قناة الجزيرة القطرية التي يضعها النظام المصري والإرهاب في سلّة واحدة أمام الشعب المصري.

هذه إذن هي الضربة السياسية المُبهرة لنظام السيسي، أن خرج فنّان مصري وعالمي له شعبية كبيرة، ومن الصعب الربط بينه وبين الإخوان، وهو دائم النقد لهم، أو الربط بينه وبين قنوات المُعارضة في تركيا، وهو لم يتحدّث إليها أبداً، وكذلك من الصعب أن يقتنع الشعب بوجود علاقة بينه وبين الجزيرة أو قطر.

استطاع الفنان عمرو واكد أن يُطلق الشرارة الأولى لحملة «باطل» وطريقة المُشاركة فيها، ثم تبعه خالد أبو النجا بالمشاركة، والدعم والدعاية، والاثنان بينهما وبين الإخوان ما صنع الحدّاد والنجّار واللحّام، وكل صانع حواجز في العالم!.

يبدو أن نظام السيسي لم يستعد جيداً، ولم يتوقع، فسارع بتشويههما، ونشر صورة مُفبركة لهما، على غلاف مجلة حريتي، يتهمهما بالشذوذ الجنسي، إنها التهمة الخائبة لنظام وقع في حيص بيص، وسارع لاتهامهما عقب زيارة الكونجرس بتهم دنيئة لا يتقبّلها أحد، إنه نظام لا يملك شرف الخصومة السياسية.

بالتأكيد دَعَمَ الحملة جميع الأطياف السياسية المصرية، وأعلم الكثير من التفاصيل، لكن ليس كل ما يُعرف يُقال أو يُكتب، حفاظاً على الشباب الوطني الذي دعم هذه الحملة، ولا نُنكر دور الجميع فيها ومُشاركتهم، فتدشين الحملة من صفحة عمرو واكد على تويتر لا يُقلل أبداً من دور الشباب والشخصيات الكبيرة التي شاركت في حملة باطل ودعمتها، بل يُحسب لها، فالنأي عن التواجد في دائرة الضوء أو الصفوف الأولى، حباً في هذا الوطن ولأجل إنقاذه، يُقدّر ويُحترم.

طارد النظام حملة «باطل» عبر فضاء السوشيال ميديا التي انطلقت الحملة منه بالتصويت بكلمة باطل ورفض التعديلات الدستورية، فقام النظام المصري بعملية قرصنة أغلقت الموقع الإلكتروني الخاص بالحملة لأكثر من سبع مرات متتالية، فبدأت الحملة إعلان التصويت على الفيس بوك، فقام بحظر صفحات الحملة في مصر، فتم تدشين طريقة مُختلفة للتصويت عبر الإيميل والواتس أب، في محاولة للإفلات من المُطاردة الجنونية التي وصل إليها نظام السيسي لتمرير التعديلات الدستورية.

التعديلات الدستورية لا تهدف في حد ذاتها لبقاء السيسي حتى عام 2034 بهدف البقاء، ولكن لأن هذه الفترة يستطيع السيسي فيها ومن معه تمرير صفقة القرن وإتمامها والحفاظ عليها، ومجيء جيل جديد يتعامل مع مكتسباتها الظالمة على أنها أمر واقع، وحق طبيعي للدولة الصهيونية.

إنها تعديلات غير دستورية لاكتمال تحقيق حلم وطن آمن لليهود من النيل للفرات.

 

أضف تعليقك