• الصلاة القادمة

    العصر 13:46

 
news Image
منذ ثانية واحدة

أكد الدكتور جمال نصار، الأكاديمي والمفكر السياسي، أن التعديلات الدستورية تهدف لإحكام السيسي قبضته على القضاء، مشيرا إلى أن القضاء سيفقد هيبته على المستويين الداخلي والخارجي لتمريره التعديلات.

وأوضح نصار، في حواره مع صحيفة "الشرق" القطرية، أن أخطر ما في التعديلات هو منح الجيش الغطاء الدستوري للتحكم في الحياة السياسية، مشيراً إلى وجود غضب مكتوم لدى بعض قيادات الجيش من هيمنة السيسي على المؤسسات، وأن تغيير السيسي لمناصب عليا في الدولة مؤشر على خلافات داخل النظام.

كما استنكر نصار، سيطرة الإمارات على الدولة المصرية والتحكم في شئونها، لافتا إلى أن المجتمع الدولي يعتبر السيسي رجل المرحلة وقنطرة العبور لصفقة القرن.

وعد دعوة البعض للمشاركة في الاستفتاء والتصويت بـ "لا" فرصة ذهبية للسيسي للتباهي أمام الرأي العام الدولي بحضور الناخبين والحشد لتأييده، مطالبا المعارضة بالتوحد وتوعية المصريين بخطورة استمرار السيسي.

ورأى أن ترامب وفر الغطاء للسيسي بعد انصياعه لأوامر الصهاينة والأمريكان، مؤكداً أن السيسي يؤدي مهمة شرطي المنطقة لصالح إسرائيل والولايات المتحدة.

وفيما يلي نص الحوار..

* تنتهى اليوم عملية التصويت في استفتاء التعديلات الدستورية التي تمكن السيسي من البقاء لعام 2030.. هل هدف السيسي من التعديلات هو مد فترة حكمه فقط؟

اعتقد أن السيسي يريد من هذه التعديلات الدستورية بشكل رئيسي البقاء في السلطة لفترة أطول، حتى يغلق جميع المجالات أمام المعارضة خصوصا جماعة الإخوان المسلمين للعودة إلى السلطة مرة أخرى، وهو يستغل وجود الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لتوفير الغطاء والضمانات لتحقيق ما يريد، وفي المقابل يحقق السيسي مخططات الصهاينة في المنطقة، وينصاع وينفذ كل ما تمليه عليه الإدارة الأمريكية، حتى أن ترامب وصفه بأنه رجل عظيم، في الزيارة التي قام بها مؤخراً إلى واشنطن.

كما يريد السيسي من هذه التعديلات أيضا السيطرة والهيمنة على القضاء، وإحكام قبضته عليه، وكذلك السماح للجيش بالتحكم في الحياة السياسية بغطاء دستوري، ما يعني أن المؤسسة العسكرية يتسنى لها فيما بعد إزاحة من يعرقل مسيرتها أو من يقف أمام الدولة المدنية والديمقراطية "بحسب ادعائهم" وهذا في تقديري أخطر ما في التعديلات.

وبالتالي اعتقد أننا أمام إجراء سيؤخر مصر عشرات السنوات، بعد أن يستحوذ السيسي على كل السلطات ويتحكم بها، وخاصة القضاء. فوفقا لهذه التعديلات من حق السيسي أن يختار رئيس وأعضاء المحكمة الدستورية العليا، والنائب العام، وتقليص صلاحيات واختصاصات مجلس الدولة.

هيبة القضاء

*لكن ألا يدرك القضاة المشرفون على الاستفتاء وغيرهم خطورة هذه التعديلات؟

الكل يعلم أن السيسي أفسد مرفق العدالة المتمثل في القضاء، ونزع منه الاستقلال، وقلّل من ثقة عموم الناس في نزاهته. وفي رأيي إن مشاركة القضاء في تمرير هذه التعديلات المطروحة تعد إساءة بالغة لا يغفرها له التاريخ، وستكون وصمة عار في جبين القضاء المصري، وسيفقد هيبته على المستويين الداخلي والخارجي.

ما رأيك في الدعوات التي أطلقها البعض للذهاب إلى اللجان والتصويت بـ "لا"؟

اعتقد أن المشاركة حتى بالتصويت بـ "لا" ستكون فرصة ذهبية للسيسي للتباهي أمام الرأي العام بحضور الحشود لتأييده ودعمه، وبدوره سيقوم بالتزوير لا محالة! وأنا أستغرب ممن يدعون للمشاركة حتى لو بـ"لا"، فهل يضمن أصحاب هذا الرأي أن تصل أصواتهم إلى الصناديق؟!.

تجميل التعديلات

*روج النظام وإعلامه أن التعديلات تهدف بالأساس لمنح المرأة والأقباط حقوقهم من خلال كوتة خاصة بهم في البرلمان.. ما رأيك؟

هذه الأمور شكلية، وقد قصد السيسي من خلالها تجميل التعديلات.

*برأيك لماذا يصمت المجتمع الدولي على انتهاكات النظام المصري لحقوق الإنسان وجرائمه بما في ذلك التعديلات الدستورية؟

للأسف، المجتمع الدولي ينظر إلى السيسي باعتباره رجل المرحلة والقنطرة التي سيعبر من خلالها إلى "صفقة القرن" ليحقق آمال وطموحات الصهاينة.

*إذاً، ما الدور الذي يمكن أن تقوم به المعارضة في الداخل والخارج للتصدي لأجندة السيسي ومنع استمراره في الحكم؟

*المعارضة المصرية الداخلية عليها دور كبير في مواجهة ما يحدث، سواء أكانت في الداخل أو الخارج، من خلال توعية الناس عبر وسائل التواصل الاجتماعي بخطورة استمرار السيسي في الحكم، وتسببه بشكل قطعي في تراجع الاقتصاد وتردي الحالة المعيشية للمواطن المصري، وإغلاق المجال السياسي، وتقزيم الدور المصري دولياً وإقليميا، وإعطاء الفرصة لدولة مثل الإمارات لتتحكم في شؤون الدولة المصرية، وتستولي على مقدراتها وثرواتها، ومن ثّم تجعلها في خدمة الصهاينة.

أما المعارضة الخارجية فعليها أدوار كثيرة ومتنوعة، من خلال القيام بإجراءات من شأنها فضح السيسي والتحذير من خطورة بقائه. فمثلا يمكن للبرلمانيين الشرعيين الموجودين في الخارج اللجوء إلى المؤسسات الدولية والمجتمع المدني والمنظمات الحقوقية، وتعريفهم بحقيقة دور السيسي، وكذلك تركيز إعلام الخارج على توعية المواطنين وتسليط الأضواء على انتهاكات السيسي، وأيضا من المهم وضع أجندة موحدة لقوى المعارضة المختلفة في الخارج، حتى يطمئن الشعب أن هناك معارضة حقيقية في الخارج تدافع عنه وتطالب بحقوقه.

طبيعة المستبدين

*بعيداً عن التعديلات.. كيف ترى إقدام السيسي على تصعيد أبنائه وتنصيبهم في المواقع العليا بالدولة؟

*في الحقيقة، هذا الإجراء يندرج في إطار طبيعة المستبدين الذين يفعلون ذلك عندما يتمكنون من مفاصل الدولة، ففي الفترة الأخيرة وجدنا السيسي يدفع بأبنائه إلى المناصب العليا سواء في الرقابة الإدارية أو المخابرات العامة، مثلما فعل مبارك حين أراد توريث الحكم لنجله جمال، بعد أن صعده وفوضه في إدارة العملية السياسية وتهيئة كل مؤسسات الدولة للقبول بوصوله إلى سدة الحكم، ولكن المقادير جاءت عكس ما يريد، وقامت ثورة يناير لتقضي على أحلامه، وبالتالي لا استبعد ان يحدث للسيسي ما حدث لمبارك.

*يتردد على الساحة المصرية والدولية أنباء عن خلافات داخل بنية النظام المصري تتعلق بصفقة القرن والتعديلات وغيرها.. هل نظام السيسي على قلب رجل واحد؟

بكل تأكيد، النظام المصري ليس على قلب رجل واحد، والدليل قيام السيسي بتغييرات كثيرة في مناصب عديدة ومهمة في الدولة بشكل عام، وفي المؤسسة العسكرية بشكل خاص، كما أن اصطحاب السيسي لقيادات الجيش في كل تحركاته حتى في المؤتمرات التثقيفية والشبابية، وتشديده على ان الجيش هو عصب الدولة، مؤشرات على وجود خلافات.

واعتقد أن هناك الكثير من القيادات العسكرية لديها اعتراض "مكتوم" على هيمنة السيسي على مؤسسات الدولة وخاصة المؤسسة العسكرية، وهذا ما يظهر جليا في محاولة عباس كامل لتوحيد كل مؤسسات الدولة وتوظيف وسائل الإعلام في إطار خلق جبهة موحدة للسيسي ضد معارضيه.

زيارة واشنطن

*أخيرا.. ما سر زيارة السيسي لواشنطن؟ وهل حققت نتائج ايجابية بالنسبة له؟

اعتقد انه قد تم استدعاؤه للاتفاق على بعض الأشياء، مثل صفقة القرن والأوضاع في ليبيا، وإمكانية دعم حفتر لاقتحام طرابلس، وهذا مؤشر واضح على أن السيسي يؤدي مهمة شرطي المنطقة لصالح إسرائيل والولايات المتحدة اللتين تستخدمانه لحماية مصالحهما وتحقيق أهدافهما، التي تتمثل في تمكين الصهاينة من السيطرة على مصر والمنطقة.

 

أضف تعليقك