• الصلاة القادمة

    العصر 13:46

 
news Image
منذ ثانية واحدة

رسالة سابقة للإخوان المسلمين نشرت قي 10 يوليو 2014

يحمل العاشر من رمضان ذكرى عظيمة للمصريين والعرب والمسلمين، أضافت إلى ذكريات انتصار بدر وفتح مكة انتصارا كبيرا صنعه الجيش المصري بتضحيات جسيمة، حرر فيه الأرض وطهر فيه العرض، وقضى على خرافة الجيش الذي لا يقهر.

صنع الجيش هذا النصر بعد أن تخلص هو أولاً من كل الانحرافات التي كبله بها قادته السابقون الذين قادوه وقادونا إلى أكبر هزيمة ونكبة في عام 1967، وحين تخلص من الانغماس في السياسة والانشغال بما من شأنه إسقاط أعتى الجيوش، ومن ذلك:

-      مطاردة المعارضين السياسيين.

-      مصادرة أموال وأراضي الميسورين بزعم تصفية الإقطاع.

-      الترفيه الذي انغمس به القادة في الشهوات بزعم تشجيع الفن.

-      التورط في حروب على بعد آلاف الأميال بقرار من رئيس الجمهورية وحده.

-      الإنعام بالرتب العسكرية على من لا يستحقها، حتى غدا القائد العام للقوات المسلحة مشيرا في الوقت الذي وقفت فيه خبرته العسكرية عند رتبة الرائد.

-      رفع الروح المعنوية بإثارة الشهوات من خلال توزيع صور الفنانات على الجنود.

تخلص الجيش من كل هذا، وتولى القيادة قادة عسكريون محترفون دارسون، وانحصرت مهمة الجيش في وظيفته الوحيدة الطبيعية وهي الدفاع والحرب، واهتم قادته بالتسليح والتدريب والتخطيط، ووقف الشعب وراءهم يمدهم بأبنائه وأمواله، ويدعمهم ويرفع معنوياتهم، وعندما جد الجد وبدأت الحرب كان أقوى سلاح معنوي هو صيحة (الله أكبر) والإسراع إلى الشهادة أو النصر.

وكلل الله جهدهم بالنصر، فعبروا القناة، وحطموا خط بارليف الذي زعم فيلسوف النكبة أنه لا يمكن تحطيمه إلا بقنبلة ذرية، فحطمه الضباط والجنود بخراطيم المياه، وحرروا الجزء المرسوم من الأرض في الخطة العسكرية في وقت قياسي، وبخسائر لا تكاد تذكر، واستسلم لهم جنود وضباط العدو.

ومن ثم أصبح هذا اليوم العظيم ذكرى مضيئة لا تنسى في قلوبنا، ومصدر عز وفخار بجيشنا البطل وقادته الأفذاذ، عندما يخلصون لله والوطن ويحمون الشعب ويعتصمون بالواجب الوحيد والشرف وهو الدفاع ويوجهون السلاح إلى الأعداء فقط، ويحمون الحدود والثغور والتراب والناس، ومن ثم فإننا نتوجه بالشكر والتقدير لأولئك الرجال الأبطال وبالتهنئة للشعب المصري العظيم .

ولكن للأسف الشديد تأتي هذه الذكرى هذا العام والاعتداء الصهيوني الغاشم يصب نيرانه على إخواننا فى غزة وما ذلك إلا ثمرة مرة من ثمار انغماس قائد الانقلاب السفاح وعصابته في أحلامه التى جرت الجيش إلى محاربة شعبه ثم تأتى هذه الاعتداءات فى أعقاب زيارة مدير مخابرات السفاح إلى الكيان الصهيوني.

إن القضية الفلسطينية ستظل فى قلب كل مسلم ولذلك ندعو كل الشعوب الإسلامية وأحرار العالم إلى التحرك لنصرة أهلنا فى غزة وفك الحصار عنهم ومساعدتهم بكل ما يستطيعون .

ثم تأتي هذه الذكرى هذا العام أيضا وقد انقلب قادة الجيش على الشعب وإرادته،وعادوا ينخرطون في السياسة ، واستولوا على السلطة بقوة السلاح، واختطفوا أول رئيس منتخب، وألغوا الدستور الذي استفتى عليه الناس، وحلوا مجلس الشورى الذي انتخبه الشعب، وعندما اعترض عليهم قطاع كبير من الشعب استخدموا والسلاح في قتلهم وحرقهم، وحرق مساجدهم.

وغزو المدن والقرى، واعتقال عشرات الآلاف وتعذيبهم في السجون، واغتصاب السيدات والفتيات، وأغلقوا الصحف والقنوات المعارضة، وقتلوا وسجنوا الصحفيين والإعلاميين، وصادروا الأموال، وحلوا الجمعيات، وأوقفوا أنشطتها، واستخدموا القضاء في إصدار مئات من أحكام الإعدام على الوزراء والعلماء وأساتذة الجامعات والمهنيين،.

إضافة إلى أحكام قاسية بلغت آلاف السنين من السجن، وأوعزوا للإعلام أن يمزق النسيج الوطني وأن يقسم المجتمع، وقاموا بمجازر خاضوا فيها في دماء آلاف المصريين، احتلت ذاكرة المصريين ولن تنسى أبد الدهر لوحشيتها وبشاعتها، ولأنها تمت بأيدي الجيش والشرطة المنوط بهما حماية الدماء والأعراض والأموال.

ومما يزيدنا حزناً وأسفاً أن تأتي ذكرى العاشر من رمضان هذا العام في ذكرى مذبحة الحرس الجمهوري التي راح ضحيتها مائة من المصريين وهم في الركعة الثانية من صلاة الفجر، وجرح فيها عدة مئات، لا لشئ إلا لأنهم يعبرون عن رأيهم في رفض الانقلاب الذي خان الأمانة ونقض العهد وحنث باليمين.

كما تم تقزيم مصر في نطاقها العربي والإقليمي حتى غدت أقرب لإمارة من دولة الإمارات العربية المتحدة، تتلقى منها الأوامر والدعم المالي والسياسي والمعنوي، وتتسول منها حتى الملابس المستعملة.

ولم يكتف قادة الانقلاب بالانغماس في السياسة وإنما انغمسوا أيضاً في الاقتصاد بحثاً عن المكاسب المادية فأقاموا امبراطورية من الشركات التي تعمل في المجالات المدنية وتنافس الشركات الوطنية في صميم أعمالها، مع قائمة طويلة من الامتيازات والإمكانات تتميز بها إمبراطورية الجيش في مجالات إسناد الأعمال والإعفاءات الضريبية والجمركية، واستخدموا الجنود بلا أجر .... إلى آخر الأمور التي تهدد الاقتصاد الوطني، وتملأ حسابات هؤلاء القادة بالمال الحرام.

وهذا كله إنما يهدد الأمن القومي المصري، فإذا انشغل الجيش بالسياسة ومواجهة الشعب في الشوارع وبالاقتصاد والتجارة، فكيف يستعد للحروب والدفاع عن الوطن؟ لا ريب أن هذا يهدد بكارثة أفدح من كارثة 1967.

لقد سبق لقائد الانقلاب الدموي السفاح أن قال على الملإ: إن الجيش لو نزل إلى الشارع ليضرب فتكلموا عن مصر بعد 30-40 سنة، أي أنها ستتخلف 40 سنة، ثم إذا هو ينزل ليضرب ويقتل ويحرق ويصادر ويسجن، ثم يتكلم عن الوطنية وحب الوطن ، فأين هذه الوطنية المدعاة؟ لقد جرب الشعب المصري حكم العسكر ستين سنة ثم سنة ونصفا ثم سنة ، تخلفت فيها مصر مئات السنين ، وأصبحت في ذيل الأمم في كل مجالات الحياة.

لذلك فقد ثار الشعب على هذا الانقلاب الدموي الإجرامي وتظاهر ضده سلميا، وقابل رصاصه بصدره العاري، وظل على ذلك لمدة عام كامل، لم يفتُرْ يوما واحدا، ولا يزال في حراكه الثوري السلمي، وسيظل بإذن الله حتى يكسر هذا الانقلاب، ويعيد السيادة والقيادة إلى الشعب، ويعيد الجيش إلى ثكناته، وإلى وظيفته المقدسة: الدفاع عن البلاد، مهما كلفه ذلك من ثمن؛ لأنه يعلم أنه إن تقاعس عن ثورته فسيتمكن القادة الخائنون من الهيمنة على الحكم عشرات السنين، وسيكون على أبنائنا وأحفادنا أن يبدأوا الثورة من جديد.

لذلك فإن هذا الجيل البطل خصوصا الشباب منه لن يتخلوا عن ثورتهم حتى يحققوا أهدافهم التي قاموا من أجلها في 25 يناير 2011 ، ويتخلصوا من حكم العسكر، ويسلموا الأمانة للشعب، وعندئذ يتحقق نصر عزيز لا يقل عن نصر العاشر من رمضان ﴿وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ  الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ ينْصُرُ من يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾

والله أكبر ولله الحمد.

أضف تعليقك