• الصلاة القادمة

    العصر 13:46

 
news Image
منذ ثانية واحدة

شرع نظام الانقلاب في فصل جديد من منهجه القمعي، بعد حملة الاعتقالات التي نفذتها الشرطة، فجر أمس الثلاثاء، بالقبض على مجموعة من النشطاء السياسيين المعارضين وغير الإسلاميين، ووصفهم بأنهم أعوان لـ"الإخوان المسلمين"، وتربطهم بهم علاقات وتنسيق لـ"إثارة الزخم الثوري".

وشملت الحملة المحامي الليبرالي زياد العليمي، والمتحدث باسم التيار الشعبي حسام مؤنس، والصحفي المتحول من الماركسية إلى الناصرية هشام فؤاد، والمحلل الاقتصادي الليبرالي عمر الشنيطي صاحب مكتبات "ألف" الشهيرة بمصر والذي سبق أن تمّ التحفظ على أمواله وإدراجه على قائمة الإرهاب بزه تمويل جماعة "الإخوان".

كما شملت رجل الأعمال مصطفى عبد المعز عبد الستار وهو قريب وزير الإسكان الأسبق أحمد المغربي وأحد المستثمرين الرئيسيين في "مجموعة المعزّ" العقارية المتحفظ على بعض مشروعاتها أيضاً بتهمة "تمويل الإخوان".

واستخدمت وزارة الداخلية في روايتها للأحداث طريقة قديمة وتتبعها كثيراً، بتركيز الضوء على مجموعة من المتهمين وانتزاعهم من سياقهم السياسي والحركي الواقعي، والربط بينهم وبين قيادات "الإخوان" في الخارج، فضلاً عن اختراع روابط بين ما يحدث خارج مصر وداخلها، وتصوير الأمر على أنه "مخطط شيطاني لاستهداف الدولة"، وفق التعبيرات المدونة في بيان "الحرب" الذي استيقظ عليه المصريون أمس لتبرير حملة الاعتقالات.

وقطع الناشط السياسي والحقوقي بهي الدين حسن، المقيم خارج مصر، الشكّ باليقين عندما أعلن عبر حسابه على موقع "تويتر"، أنّ القبض على العليمي ومؤنس تحديداً، يهدف إلى تصفية مشروع يسمى "تحالف الأمل" بين الحركة المدنية الديمقراطية وتحالف "25-30" البرلماني وحزب "المحافظين" وعدد من الشخصيات العامة الليبرالية واليسارية، والذي كان مقرراً الإعلان عنه خلال أيام.

وأشار حسن إلى أنّ الأمن الوطني الذي زعم أخيراً اتصال العليمي ومؤنس بـ"الإخوان"، كان على علم بهذا التحرك، واستدعى عدداً من القيادات في التحالف وحذرهم من مواصلة العمل والاجتماع، على الرغم من أن الهدف الرئيس للتحالف هو الإعداد للانتخابات البرلمانية المقبلة عام 2020.

وقالت مصادر إنّ فكرة تحالف الأمل ولدت من التواصل بين عدد من نشطاء كل من أحزاب المصري الديمقراطي الاجتماعي، والتحالف الشعبي الاشتراكي، والعيش والحرية، وعدد من الشخصيات الناصرية المعروفة، على رأسهم أحمد الطنطاوي الذي يعتبر الآن أبرز معارض تحت قبة برلمان العسكر، بالإضافة إلى بعض أعضاء مجموعة حمدين صباحي دون حضوره شخصياً، وهيثم الحريري، ثمّ في مرحلة لاحقة تمّ طرح ضم أكمل قرطام.

وبحسب المصادر، فإنّ التحالف كان يعدّ لخوض انتخابات برلمان العسكر المقبلة بشخصيات عدة، منها العليمي، وأنّ هذا الأمر تحديداً أغضب الأمن الوطني، باعتبار العليمي شخصية غير مرغوب في التعامل معها بالنظر لماضيه كعضو في "ائتلاف شباب الثورة"، والواقعة الشهيرة لسبه المشير حسين طنطاوي، رئيس المجلس العسكري الحاكم سابقاً.

وذكرت المصادر أنه كان هناك اتفاق بين أعضاء التحالف على ضمّ شخصيات معروفة في مجالات التنظيم السياسي والاقتصاد والرياضة والإعلام بخلفيات علمانية ــ مدنية، شرط عدم ضمّ أي شخصية يمكن احتسابها مؤيدة لجماعة "الإخوان"، وأن يتم العمل من داخل الإطار الدستوري والقانوني الحالي، حرصاً على حرية وحياة الشخصيات المساهمة والشباب العاملين معهم، أخذاً في الاعتبار تجربة القبض على شباب حملة خالد علي لرئاسة الجمهورية، ورغبة المساهمين في عدم تكرارها.

ووفقاً للمصادر، فإنّ الأمن الوطني تواصل أكثر من مرة في الأسبوعين الماضيين مع شخصيات كوسطاء مع قيادات التحالف، وتمّ توجيههم إلى ضرورة عدم التواصل مع شخصيات عسكرية سابقة أو حالية، وعدم التواصل مع الدكتور محمد البرادعي، ورئيس حزب "غد الثورة" أيمن نور، وكان هناك خلاف حول مدى إمكانية إقامة مؤتمر صحفي لإعلان تفاصيل التحالف في الذكرى السادسة لتظاهرات 30 يونيو، أو الاكتفاء بالإعلان من خلال مواقع التواصل الاجتماعي.

واعتبرت المصادر أنّ ضمّ شخصيات للقضية، مثل المحاسب حسن محمد بربري، والقيادي بحزب الاستقلال المعارض الدكتور أسامة العقباوي، اللذين تمّ اعتقالهما أيضاً، يأتي كمحاولة للتشتيت، وافتعال وجود صلات غير منطقية بين الشخصيات المساهمة في التحالف، كالعليمي ومؤنس والشنيطي، وبين شخصيات أخرى لخدمة الرواية الأمنية غير المنطقية.

وفي السياق، قال مصدر أمني لـ"العربي الجديد"، إنّ حسن بربري كان أول المقبوض عليهم في هذه القضية، وهو شخص لا ينتمي لأي تيار سياسي ومعروف في الأوساط الحقوقية كمحاسب بارز وذي خبرة لإنهاء أعمال المنظمات مع الدولة والجهات المانحة، مشيراً إلى أنّ القبض عليه جاء رداً على تقارير سلبية عن مصر أعدتها منظمات دولية كان يعمل معها حتى وقت قريب.

أمّا العقباوي، فقد تمّ القبض عليه باتباع أسلوب الرهينة القديم، إذ تمّ القبض على ابنته مودة (18 عاماً)، لحين حضوره وتسليم نفسه لأقرب مقر للأمن الوطني. ورجح المصدر الأمني أن يكون القبض عليه بهدف التعتيم على السبب الرئيس لهذه الحملة، نظراً لانتمائه الإسلامي المعروف وقربه فكرياً من جماعة "الإخوان".

وكشف المصدر الأمني أنّ القائمة الكاملة للكيانات الاقتصادية التي تحدّث بيان الداخلية عن تورطها في تأمين مسارات التمويل من قيادات "الإخوان" بالخارج لما وصفه البيان "خلية الأمل" - التي لم تأخذ من التحالف السياسي المجهض إلا اسمه - تتضمّن العديد من المفارقات، أبرزها أن 12 كياناً من 19 كياناً تحدّث عنها البيان "متحفظ عليها، وليست تحت إدارة أصحابها منذ 2015".

 

أضف تعليقك