• الصلاة القادمة

    الفجر 04:23

 
news Image
منذ ثانية واحدة

سجل المدافعون عن حقوق الإنسان، انتصارا جديدا على سلطة القمع في مصر، بدفعها الأمم المتحدة لتأجيل مؤتمر حول التعذيب، كان مقرّراً عقده في مطلع سبتمبر، في القاهرة.

وكان من المقرر عقد المؤتمر الذي يحمل عنوان "تعريف وتجريم التعذيب في تشريعات العالم العربي"، يومي 4 و5 سبتمبر، في القاهرة، بالتعاون مع المجلس القومي المصري لحقوق الإنسان.

والثلاثاء، قال المتحدّث باسم المفوّضية العليا لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة روبرت كولفيل، في تصريحات أوردتها "فرانس برس"، "لقد قرّرنا تأجيل هذا المؤتمر وإعادة فتح عملية التشاور مع كل الأطراف المعنيين (...) قبل اتخاذ قرار نهائي بشأن موعد ومكان انعقاد هذا المؤتمر".

انزعاج متزايد

وأضاف أنّ القرار اتّخذ بسبب "انزعاج متزايد لدى بعض أجزاء مجتمع المنظمات غير الحكومية بشأن مكان" عقد المؤتمر، مشيراً إلى أنّ المفوضية "فهمت ذلك وأحسّت به".

والإثنين، رفضت منظمة "يوروميد رايتس" الحقوقية غير الحكومية، الدعوة التي وجّهت إليها لحضور هذا المؤتمر، مشيرة إلى أنّ لديها "تحفّظات عميقة على قرار عقده في مصر، البلد الذي تستخدم فيه قوات الأمن التعذيب بشكل منهجي".

صدمة

وجاء قرار المفوضية الأممية بعد اعتراضات حقوقية داخل وخارج مصر من منظمات منها منظمة "العفو الدولية" التي أعلنت عدم مشاركتها في المؤتمر اعتراضا على وضع حقوق الإنسان في مصر.

والثلاثاء قبل صدور قرار التأجيل، وجهت 80 شخصية عامة وحقوقية مصرية خطابا إلى مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة أكدوا فيه وقوفهم ضد انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة عن التعذيب في مصر.

وجاء ضمن الموقعين على الخطاب كل من: ليلى سويف الحقوقية والأكاديمية، وعايدة سيف الدولة من مركز النديم، وجمال عيد، وآخرين.

وأعرب الموقعون على هذا الخطاب عن "صدمتهم الشديدة من مشاركة مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة في تنظيم مؤتمر حول تعريف وتجريم التعذيب المزمع انعقاده في القاهرة يومي 4 و 5 سبتمبر 2019".

وقال الموقعون إنه بالرغم من ورود أنباء عن تأجيل المؤتمر إلا أنهم يؤكدون "رفضهم انعقاد المؤتمر في مصر حتى بعد التأجيل، وأن يتم تغيير مكان انعقاد المؤتمر إلى إحدى الدول التي تتمتع بالحد الأدنى من احترام حقوق الإنسان والتي ليست مصر بكل تأكيد".

وعدد الخطاب أسباب الدعوة إلى عدم عقد المؤتمر في مصر، وهي أن "سلطات الدولة المصرية تمارس التعذيب الممنهج ضد المحتجزين في كافة أماكن الاحتجاز من سجون وأقسام في كافة أنحاء الجمهورية"، مشيراً إلى أن "هناك العديد من الحالات الموثقة التي أدى فيها التعذيب إلى وفاة الضحايا وفي أغلب الأحوال لا تتم محاسبة من قاموا بالتعذيب بل تحميهم السلطات المصرية كافة من المساءلة".

وأضاف أن "السلطات المصرية تلاحق المنظمات الحقوقية وقد تعرض العديد من العاملين في مجال حقوق الإنسان إلى الحبس، وإغلاق منظماتهم، ومصادرة أموالهم وأموال منظماتهم، والمنع من السفر، والتشويه الممنهج في وسائل الإعلام المملوكة للدولة أو تلك التي تخضع لنفوذها".

تعذيب وقتل داخل السجون

وأكد الخطاب أنه في الفترة من 2014 إلى 2018 رصدت بعض المنظمات الحقوقية المستقلة ما نشر من حالات التعذيب والوفاة في أماكن التعذيب معتمدة على ما ينشر عنها في الإعلام الإلكتروني؛ فسجلت 1723 شكوى من تعذيب فردي و677 شكوى من تعذيب وسوء معاملة جماعية في أقسام الشرطة والسجون المصرية، إضافة إلى 534 حالة وفاة في أماكن الاحتجاز كان 189 منها نتيجة التعذيب بحسب شهادات الأسر والمحامين. أما النصف الأول من عام 2019 فقد شهد 283 شكوى من التعذيب الفردي، و44 شكوى من التعذيب الجماعي، و30 حالة وفاة في أماكن الاحتجاز؛ كان ثلاثة منها نتيجة التعذيب إضافة إلى حالة محتجز انتحر نتيجة ما تعرض له من تعذيب. وأوضح أنه في الأسابيع الأربعة الماضية وحدها، توفي ستة محتجزين في أماكن الاحتجاز: خمسة منهم بسبب الحرمان أو إهمال الرعاية الطبية، والسادس ظهرت عليه علامات تعذيب.

ملاحقة الحقوقيين

ومن ضمن الأسباب أيضاً ذكر الخطاب أن السلطات المصرية تلاحق من يتواصل مع لجان الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان، وذكر كمثال على ذلك القبض على إبراهيم متولي المحامي من مطار القاهرة في 10 سبتمبر 2017 وهو في طريقه إلى جنيف للاجتماع بالفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري بالأمم المتحدة، وقد تعرض متولي عقب القبض عليه للإخفاء لمدة يومين قام محتجزوه أثناءها بتعذيبه وذلك قبل أن يعرض على نيابة أمن الدولة العليا، وما زال محبوسا حتى الآن ولم يحل للمحاكمة.

وقال الموقعون على الخطاب إنه من كل ما سبق "يتضح أنه في حال عقد المؤتمر في القاهرة لن يتمكن أي حقوقي مصري مستقل لا يخضع لنفوذ السلطة المصرية من حضور فعالياته، وهو ما يعني أن تغيب عنه أصوات الضحايا وتهيمن عليه أصوات جلاديهم".

وأضاف الخطاب: "كنا نتمنى ألا تشارك مفوضية حقوق الإنسان في هذه المحاولة الفجة لتبييض وجه النظام المصري وصرف الأنظار عن جرائمه".

وتابع "نحن ندرك أن هذا مؤتمر إقليمي، غير مقتصر على مصر، ولكننا نعتقد أن مصداقية آليات الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بل وخطاب حقوق الإنسان كله يتطلب أن يعقد هذا المؤتمر في بلد ذي سجل أفضل في حقوق الإنسان والتي قدمت أدلة على وجود إرادة سياسية للتصدي لجرائم التعذيب وسوء المعاملة. ومصر لم تثبت أيا من ذلك".

وحذر الموقعون من أنه "لو مضى مكتب المفوض السامي قدمًا في رعاية مثل هذا الحدث، فلا يمكننا، نحن الموقعين أدناه، أن نعتبر ذلك سوى محاولة واضحة لتبييض جرائم النظام المصري قبل مثوله للمراجعة الدورية الشاملة في نوفمبر 2019 لعرض ما "أنجزه" من تقدم في مجال حقوق الإنسان". وقالوا إنهم في انتظار إعلان موقف رسمي من مكتب المفوض السامي.

فضيحة

وبدوره، اعتبر بهي الدين حسن،  مدير مركز القاهرة لحقوق الإنسان، تأجيل المؤتمر" صفعة قوية لنظام السيسي والتعذيب وتحول القاهرة لعاصمة التعذيب في العالم العربي" ووجه شكره لمسئولي الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية الدولية الذين رفضوا المشاركة في هذه "الفضيحة".

رأى عمرو مجدي، من منظمة هيومان رايتس ووتش، أن تأجيل مفوضية حقوق الإنسان المؤتمر الخاص بالتعذيب في القاهرة "إلى أجل غير مسمى" معناه "عدم تنظيمه في القاهرة" واعتبره "تصحيح مسار" يساهم في وقف التعذيب وليس "تبييض وجه حكومة طاغية مستبدة".

الجوازة باظت

فيما قال محمد زارع، مدير برنامج مصر في مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، إنه "لا يمكن لدولة يكون التعذيب فيها منهجيا أن تستضيف مؤتمرا للتعذيب" وأبدى سعادته لإلغاء المؤتمر قائلا "الجوازة باظت".

وبين أحمد مفرح أن تأجيل المؤتمر جاء بعد "مجهود رائع بذل خلال الفترة الماضية من قبل المنظمات الحقوقية المصرية لإيقاف هذا المؤتمر" ووصفه بأنه "نجاح جديد".

وقال معتز الفجيري من منظمة (فرونت لاين) الحقوقية، إن إلغاء المؤتمر "في بلد التعذيب والسجون والمعتقلات انتصار لحركة حقوق الإنسان المصرية المستقلة".

وعدّ جمال عيد، مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، فكرة أن تستضيف مصر مثل هذا الحدث مزحة، مضيفًا "السخرية الأكثر أن ذلك يأتي عن طريق المجلس القومي".

وذكر عيد أن المجلس ظل دوره "تلميع صورة الحكومة والتواطؤ على حالة حقوق الإنسان"، وأبدى ترحيبه بإلغاء عقد المؤتمر بمصر.

أدلة التعذيب

ويعتبر معهد (كارنيجي) الأمريكي للسلام، أن "التعذيب هو وسيلة القمع الأساسية في مصر"، وأن التحقيقات العالمية أثبتت أن مسئولين على أعلى مستوى في الأجهزة الأمنية يشرفون على التعذيب الذي أصبح "غاية في ذاته".

كذلك أكد حقوقيون مصريون وأجانب في ندوة للأمم المتحدة في جنيف، عقدت في يونيو 2018 عن "التعذيب والعدالة في مصر"قتل 106 مصريين في أماكن الاحتجاز والتعذيب (من سبتمبر 2017 إلي مايو 2018).

وبمناسبة "اليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب"، كشف تقرير لـ "مركز عدالة" بعنوان" تعذيب أفضى إلى موت" قتل الشرطة 32 حالة تعذيب أثناء الاحتجاز، في الفترة من يونيو 2014 حتى بداية يونيو 2018.

وفي يناير 2017 انتقد البرلمان الأوربي بيع الحكومات الأوربية أجهزة تعذيب لمصر، وصوّت على مشروع قانون (غير ملزم) يمنع تصديرها وطالبت عضو البرلمان ماريتا شخاكا، الاتحاد الأوربي بوقف اللهجة الناعمة ضد نظام يقوم بتعذيب مواطنيه.

وقالت منظمة هيومان رايتس وواتش، في سبتمبر 2017 إن 30 شخصا ماتوا تحت التعذيب أثناء احتجازهم بين أغسطس 2013 وديسمبر 2015، و14 ماتوا من التعذيب أثناء الاحتجاز.

ورصدت التنسيقية المصرية أن "التعذيب جريمة في حق الإنسانية"، 32 حالة وفاة إثر التعذيب المباشر، و1344 حالة تعذيب في الفترة من يناير 2015 وحتى نهاية يونيو 2016.

فيما اعترف المجلس القومي لحقوق الإنسان، في التقرير السنوي عن حقوق الإنسان في يوليو 2016 بـ 32 حالة وفاة بمصر في أماكن الاحتجاز زعم أن 30 منها بسبب الظروف الصحية السيئة، وأن نسبة التكدس في المعتقلات بلغت 300 %.

 

أضف تعليقك