• الصلاة القادمة

    العصر 13:46

 
news Image
منذ ثانية واحدة

بقلم: عزة مختار

عشرات الأسئلة المطروحة والتي شغلت الكثيرين من المتابعين والمهتمين بالشأن المصري عن هوية المقاول والفنان " محمد علي " مهتمين بطريقة أو بأخرى بالشكل أكثر من المضمون، وتبلورت الأسئلة حول، من هو؟، ومن ورائه؟، وما حدود دعواته؟، وكيف يمكن أن ينهيها أو يحركها في الاتجاه الذي أعلنه بإنهاء حكم النظام القائم في البلاد؟

 وبصرف النظر عن تلك الأسئلة وأجوبتها فلا يستطيع أحد أن ينكر حالة الحراك التي نجح الرجل في إحداثها، تلك الحالة التي دفعت النظام لتنظيم مؤتمر لم يكن مقررا من قبل وإهدار المزيد من المال العام المتهم في إنفاقه بسفه وحرمان المواطن البسيط من حقوقه فيه وبناء العشرات من القصور الرئاسية وما إلى ذلك من مشروعات مجهولة الهوية والتي لا تصب بحال من الأحوال في صالح البلاد والعباد.

 أيضا استطاع أن يضع النظام في مواجهة شعبه للمرة الأولى بفتح ملفات الاقتراض ومواطن الإنفاق، هذا غير دفعه للنظام لاتخاذ اجراءات أمنية مشددة، حيث تحولت الشوارع والميادين الرئيسية لما يشبه الثكنات العسكرية، ورفع حالة الطوارئ القصوى في اليومين الأخيرين، مما يمثل عبئا على كافة أجهزة الدولة، وحالة احتقان وترقب بين المدنيين والعسكريين بما يدل على ارتباك النظام وهلعه في مواجهة فرد لا يملك سوى شاشة محمول وجزء ضئيل من حقيقة الفساد التي يغرق فيها النظام.

وعلى صعيد آخر يحاول البعض التشكيك في خلفية محمد علي وفي نجاح دعوته، وفي عدم تأثيره في عمق الرأي العام المصري، متجاهلا التجاوب الكبير من كل أطياف الشعب مع الدعوة التي خرجت من مواقع التواصل الاجتماعي.

ويحاول آخرون التقليل من شأن الحجر الثقيل الذي ألقاه المواطن محمد علي في المياه الآسنة وأنها مجرد زوبعة في فنجان ولن تؤتي أية ثمار، وسوف يكون مصيره كمصير من سبقوه كالمشير سامي عنان وشفيق وغيرهما من كافة القوى التي خرجت لمحاولة التغيير عبر وسائل مشروعة عبر الصندوق أو تكوين الحركات مثل " حركة أمل " التي ألقي القبض على جميع أعضائها وهم المحسوبون على اليسار والمشاركون في انقلاب الثلاثين من يونيو، وأن فردا واحدا لن يستطيع أن يقدم أكثر مما قدمته قوى المعارضة بالخارج عبر إعلامها على مدى سبع سنوات متواصلة ، وهؤلاء في دعواهم لم يلاحظوا الحجم الهائل من التجاوب من الشعب المصري وهذا الدعم الكبير والالتفاف حول الرجل رغم أنه يعلم يقينا أن محمد علي لا يمثل نفسه ، وربما يكون هو مجرد بوق لجهة ما ، جهة تستطيع بشكل أو بآخر ببعض المساندة الشعبية أن تزيح النظام وتعيد الأمور لما كانت عليه قبل الثالث من يوليو في ثوب جديد ، ومن هنا يجب أن تقرأ كافة النخب المشهد جيدا ، فالكلمة اليوم للشعب ، هو من يقرر فيمن يثق ، وهو من يقرر من يجب نزع الثقة عنه ، شعب تعلم جيدا من تجاربه السابقة أن يفوض أحدا عنه تفويضا كاملا ، حتى أولئك المتحمسون ، يعلنون عن تضامنهم بشروط مسبقة ، ولنقطة محددة ، يزول النظام ثم نرى من يصلح ومن لا يصلح.

وقد وجب اليوم على تلك النخبة أن تصطف خلف الشعب وليس العكس، الشعب الذي يتعامل بحيطة وحذر مع كافة الأطراف.

وأتموا الثورة لله
يأتي هذا في خضم الحديث عن قضية المعتقلين الخاضعين لأسوأ ظروف حياتية في السجون المصرية ، منهم من يقع تحت مقصلة التعذيب اليومي ، ومنهم من لم ير ضوء النهار منذ سبع سنوات، ومنهن من تتعرض لجرائم غير إنسانية أو لوحوش بشرية ، وقد شغلت تلك القضية معظم المهتمين بالشأن المصري بشكل إنساني ومن منطلق أخلاقي قبل الانتماء السياسي أو الأيديولوجي ، لدرجة أن يطالب البعض جماعة الإخوان المسلمين بالتنحي عن المشهد السياسي والتنازل عن بعض ثوابتها في مقابل الإفراج عن هؤلاء المظلومين ، والذين تخطى تعدادهم المائة ألف ..
ومن وسط تلك الظلمة يخرج المتحدث الرسمي للجماعة الدكتور أحمد عارف في وقت سابق ينادي بإحياء ثورة الخامس والعشرين من يناير بصوت جهوري داخل قاعة المحكمة في مقولته التي هزت قلوب المتابعين " وأتموا الثورة لله " في الوقت الذي يعلم فيه "عارف " بالقبضة الأمنية خارج أسوار المعتقل ، وسوء المعيشة وتدهورها ، وعجز المواطن عن توفير أدنى مقومات الحياة لأسرته ، لكنه ينادي بالثورة علي تلك القيود والدبابات والمدافع شرط ألا  تخرج عن إطار السلمية المتفق عليها والتي تعتبر منطقة محرمة في أدبيات الجماعة منذ خروج الاستعمار وحل الجهاز الخاص في عهد المؤسس البنا رحمه الله ، وهنا تقفز لأذهاننا عدة تساؤلات طالما كررنا التغريد بها والبحث عن جواب دون مجيب :

لقد وصل الحراك في العام 2015 ليصل لاعتصام بالمطرية وحلوان ، اعتصام بث الرعب في المؤسسة الأمنية فلم تجرؤ علي الإقدام علي فضه وذلك لسبب بسيط ، أن من معظم المعتصمين لم يكونوا تابعين للتنظيم ، كذلك أن الاعتصام كان يقع في حي سكني شعبي مكتظ بالسكان يصعب الولوج فيه ، غير أن المعتصم بالقرب من منزله يستطيع الدفاع عن نفسه بصورة أكبر من ذلك المعتصم في منطقة مكشوفة محاطة بالأبنية العسكرية الحساسة من كل جانب ، وفجأة تتخذ جهة ما قرارا بفض الاعتصام وإنهائه بشكل فوري ، يليها على الفور قرار بوقف الحراك بشكل كلي في كافة أنحاء مصر ، في الوقت الذي كان ينعم فيه المعتقلون بالمعاملة شبه الإنسانية إبان كل فعالية ، وكانت إدارة السجون تضع في اعتبارها أن هؤلاء لهم ظهير بالخارج يمكن أن يزيد من حدة غضبه ليتطور الأمر لأكثر من فعالية ثورية ، والآن لن نبكي على اللبن المسكوب ، ولن ننتظر جوابا لأنه لن يأت ، فلنتعامل مع واقع الأمر وتلك هي الفرصة تتكرر بشكل غريب ، وربما لا تتكرر مرة أخرى إن هي مرت دون تجاوب شعبي كبير وسريع يتخطى الهاشتجات والكتابة على وسائل التواصل ، يكون واجهة أمام العالم لأي جهة تحاول الخلاص من الاستبداد الجاثم على صدور الجميع ، لتعود البلاد لأهلها ، ثم يستطيعون فيما بعد وضع قواعد جديدة لإدارتها ، واتباع من يختاره الشعب بإرادة حرة ..
ليس مهما من يكون؟، المهم يخرج من رحم وعي جديد ، وعي اكتسبه الشعب من خبرات متراكمة بدءا من الخامس والعشرين من يناير ، علينا أن نتجرد وننتهز تلك الفرصة ، نتجرد لتحرير البلاد والعباد ، نتجرد للفكرة وليس للحزب أو التنظيم أو المغنم العاجل ، نتجرد لإنسانيتنا ومستقبل أبنائنا قبل فوات الأوان ، نتجرد للغد الذي لن يأتي إلا بالمزيد من الإذلال والإفقار والتجهيل والإمراض لهذا الشعب إن لم نتحرك في الوقت المناسب ، نتجرد للمعتقلين الذين دفعوا ثمنا غاليا وأثبتوا أنهم رجال بصمودهم الأسطوري ، منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وعلى رأسهم الرئيس الشهيد محمد مرسي ، نتجرد لنساء انتهكت أعراضهن على يد عصابة لا تخشى الله ، باعت وخانت وخضعت لإرادة العدو وسلمت البلاد حتى صارت خرابة ، نتجرد للماضي والحاضر ، للتاريخ والجغرافيا ، للإنسان البسيط الذي وقف في طوابير طويلة ومنحنا ثقته ذات يوم ، نتجرد حتى التحرير ثم نعيد الإرادة للشعب الذي يستحق العيش بكرامة مرة أخرى ، وقفة لن تطول ، هي فقط تعبير عن ظهير شعبي يكمل عليه الأحرار ويستندوا إليها ، مع صعوبة الواقع الذي أدركه الشيخ أحمد ياسين رحمه الله حين قال " مظاهرة في قلب القاهرة ، كعملية فدائية في تل أبيب " .

الحراك الخارجي لا يقل أهمية
وإذا كنا نطالب الداخل المصري بالنزول والتجاوب مع دعوات الثورة ، فهناك مئات الآلاف ، بل ملايين بالخارج يملكون حرية أكثر من الداخل ، وعليهم أن ينظموا فعاليات تلفت انتباه العالم للوضع المأساوي في البلاد، التظاهر لساعة أو أقل في وقت واحد حول السفارات الأمريكية ، والإسرائيلية ، والمصرية والاتحاد الأوربي والأمم المتحدة ، فعاليات منظمة بشكل متحضر تكون ظهيرا للشعب في مصر ، وتبعث فيه الأمل وتعيد إليه روح يناير من جديد ، إن التظاهر حول السفارات المصرية وحده لا يكفي ، ففي البيت الأبيض هناك من يقرر ومن يساند ، لا بد من إبلاغ الرسائل الجديدة من الشعب المصري أن هناك قرارات حاسمة تهدد مصالحكم إن استمرت أنظمتكم على تبني المجرمين وغرسهم في بلادنا ، لا بد من وصول تلك الرسائل التي تنم عن فهم المشهد وكيفية تسييره جيدا ، فإن نحن استطعنا تنظيم أنفسنا في أيام معدودة ، فلن يبقى النظام طويلا ، وسيرفع العالم يده عن حمايته والرغبة في الإبقاء عليه ، والمسألة أولا وأخيرا تحكمها المصالح وليس العلاقات الشخصية ، هذا علاوة على أنه شخصية غير مرغوب فيه ، هي أيام قليلة تتسارع فيها الأحداث ، إن استطعنا تطويعها وتحريكها بذكاء وعدم تسرع فسوف تكون نتيجتها الحرية والإصلاح الشامل وبناء مصر جديدة يملكها شعبها الأبي .

أضف تعليقك