• الصلاة القادمة

    الفجر 04:23

 
news Image
منذ ثانية واحدة

بقلم الناقد الرياضي أحمد سعد

ليس لدى الرياضة المصرية ما تبكي عليه إذا ما استمرت الأوضاع السياسية على نفس اضطرابها سواء برحيل عبد الفتاح السيسي أو استمراره، فالرياضة في مصر منذ ثورة 25 يناير حتى وقتنا الحالي مرت وتمر بفترة هي الأسوأ والأصعب في تاريخها، وزادت أوضاعها سوءا بوقوع الانقلاب العسكري في يوليو 2013 بعد أن وضع العسكر يده على كل مقدراتها وأصبح هو المهيمن عليها والمتحكم فيها، يحتكر عوائدها المالية ويديرها وفقا لما يخدم مصالحه وأجندته السياسية..

ساحة للقتل

لم تجن الرياضة المصرية خلال تلك الفترة سوى الدم والموت، فبدلا من أن تكون ملاعب الكرة مكانا للمتعة والتسلية وأماكن واسعة للتغيير والترفيه، أصبحت مسرحا للقتل وساحات للاغتيال، فتحت حكم العسكر 2012 (قبل انتخاب الراحل محمد مرسي رئيسا للجمهورية) شهد استاد بوسعيد أسوأ مذبحة بشرية في تاريخ ملاعب الكرة والتي سقط فيها 74 مشجعا من مشجعي النادي الأهلي، وفي حكم العسكر أيضا شهد استاد الدفاع الجوي 2015 مذبحة لا تقل بشاعة سقط فيها 21 مشجعا من مشجعي نادي الزمالك..

وإذا كانت تلك المجازر لم يظهر فيها جان حتى الآن، إلا أنه بدا من سياق الأحداث فيما بعد أن عمليات القتل في الملعبين كانت ممنهجة ومدروسة بعناية، الهدف الأول منها هو إرهاب جماهير قطبي الكرة المصرية الأهلي والزمالك وإخضاعهم لقوة العسكر حتى لا يعودوا لما كانوا عليه من قبل بالهتاف في المدرجات ضد النظام وضد العسكر، فلم ينس العسكر أن جماهير الناديين كان لها دور مهم وكبير في المظاهرات التي خرجت تطالب بسقوط حكم العسكر، أما الهدف الثاني، وهو الأكثر أهمية من وجهة نظري، فهو "عسكرة الرياضة" كما تمت عسكرة كل شئ في مصر، حيث الملاعب تمت عسكرتها فلا تقام مباريات إلا على الملاعب التابعة للقوات المسلحة، والجمهور في المدرجات من العسكر، حتى نتائج المباريات يتحكم فيها العسكر، وعوائد إعلانات المباريات في خزينة العسكر..

وفي ظل هذه الهيمنة انزوت وتوارت كل مؤسسات الرياضة المدنية لتسير وفقا لخط السير الذي رسمه لها العسكر، بل وصلت الهيمنة إلى السيطرة على موزانة وزارة الشباب والرياضة للصرف والإنفاق على المنشآت الرياضية العسكرية، ولم يترك للأندية والاتحادات إلا الفتات، ورأينا كيف أن اتحادا بحجم اتحاد كرة اليد عجز عن مكافأة فريقه الفائز ببطولة كأس العالم..

حتى مبارك

ما فعله نظام السيسي في الرياضة المصرية خلال تلك الفترة لم يفعله أي نظام سابق، حتى مبارك الذي قامت ضده ثورة يناير وأعتبره الشعب الرئيس الأشد فسادا بين من حكم مصر، كان يهتم بالبنية التحتية للمنشآت الرياضية المدنية، ففي عهده أنشئ أكبر وأضخم مجمع للصالات المغلقة في الشرق الأوسط وأفريقيا، وهو مجمع ستاد القاهرة، كما أنشأ العديد من الملاعب المفتوحة والصالات المغلقة وملاعب الكرة بالعديد من محافظات مصر، بل أنه سهل للأندية الحصول على الأراضي للتوسع في إقامة فروع لها وبناء منشآت رياضية جديدة.. أما نظام السيسي فقد قضى على الأخضر واليابس في الرياضة المصرية بعد أن أهتم بالمنشآت العسكرية على حساب المنشآت المدنية، ولو قدر له واستمر لفترة أخرى فستعود الرياضة المصرية سيرتها الأولى، حيث الملاعب الترابية والسباحة بالترع والمصارف. حتى وإن رحل الآن فسوف تحتاج الرياضة في مصر لفترة طويلة من الزمن لإصلاح ما تم إفساده، والدخول من جديد في منافسة مع الدول الأخرى..  

رحيل السيسي الآن ينقذ الرياضة المصرية من الضياع.

أضف تعليقك