• الصلاة القادمة

    الفجر 04:23

 
news Image
منذ ثانية واحدة

بسم الله الرحمن الرحيم

بيان صادر عن مجلس علماء الشريعة في جماعة الإخوان المسلمين (في الأردن) بخصوص مواجهة وباء كورونا

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين، ورضي الله عن الصحابة أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد..

فقد تدارس مجلس علماء الشريعة في جماعة الإخوان المسلمين في الأردن بمسئولية عالية الظرف الدقيق الذي يمر به الأردن مع انتشار وباء (كورونا) على مستوى العالم، وما تبع ذلك من إجراءات رسمية شملت تعطيل مرافق مهمة من الحياة العامة منها قطاع التعليم، والمعابر الحدودية، وشمل ذلك منع الصلوات جماعة في المساجد؛ وذلك من باب الأخذ بالاحتياطات اللازمة كإجراء وقائي لمنع انتشار المرض، ومواجهته في أضيق دوائره حفاظًا على الصحة والسلامة العامة.

وإنَّ مجلس العلماء ليدعو الجميع إلى رصّ الصفوف باتباع الإجراءات الحكومية الصادرة بمسئولية عالية دون تهاون؛ وذلك لخطورة الموقف (دون تهويل أو استخفاف) وللحاجة الماسّة لمواجهة هذه الأزمة بأقل الخسائر إن شاء الله تعالى.

هذا ويؤكد مجلس العلماء ما يلي:

1- ضرورة اتّباع الإرشادات الصحية الصادرة عن الجهات المختصة، والتي هي من صميم التوجيهات التي حثنا عليها الإسلام، ودعا إليها في الأوضاع العادية، وتتأكد في حالة انتشار الأمراض والأوبئة، ومن ذلك: المحافظة على النظافة الشخصية، والمداومة على الطهارة والوضوء، والاغتسال، وغسل الأيدي، وعدم التقبيل أثناء اللقاء، والتحية عن بعد، وترك المصافحة تجنبًا للعدوى.

2- أكَّد الإسلام صلاة الجماعة في المسجد، ورغَّب فيها، وعدها من شعائره الظاهرة، وحث على أدائها في أوقاتها المحددة؛ ولكن وبما أنَّ هذا المرض ينتقل بشكل سريع أثناء التجمعات ويصعب تمييز من كان مصابًا به عن غير المصاب واتخاذًا للتدابير الوقائية؛ فإنَّ عدم إقامة الصلاة في المسجد جماعة وإقامتها في البيوت إجراء سليم يتفق مع مقاصد الإسلام في حفظ النفس والوقاية من انتشار المرض عملًا بالقاعدة الفقهية (لا ضرر ولا ضرار).

3- تؤكد مجموع الأحاديث الواردة عن النبي- صلى الله عليه وسلم- وجوب الأخذ بأسباب الوقاية من المرض؛ ومنها إجراء الحجر الصحي على المرضى أو من يشتبه في إصابتهم بالمرض؛ فمن ذلك: ما ورد عن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "إِذَا سَمِعْتُمْ بِالطَّاعُونِ بِأَرْضٍ فَلاَ تَدْخُلُوهَا، وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلاَ تَخْرُجُوا مِنْهَا" رواه البخاري، ومنها قول النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لاَ يُورِدَنَّ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ" رواه البخاري. ومعنى الحديث: أنَّ من له إبل مرضى لا يأتي بإبله إلى مورد الإبل الصحيحة؛ ويكون هذا من باب أولى في حالة الشخص المريض أو من يشتبه بحمله للمرض أن تطبق عليه قواعد الحجر الصحي؛ فالإسلام يؤكد وجوب توظيف العلوم المعاصرة في فهم أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم والالتزام بها؛ فلكل زمان علومه وفنونه التي يستفيد منها المسلم لتحقيق مقاصد الشريعة وغاياتها.

4- على المسلم أن يوثق صلته بالله تعالى وأن يلجأ إليه سبحانه بالدعاء والتضرع بإخلاص وتوكل بأن يرفع هذا الوباء عنا وعن البشرية فلا كاشف للغمة إلا الله تعالى، وعلى المسلم أن يتحلى بالصبر على الابتلاء إذا أصابه هذا المرض؛ فقد ابتلي الأنبياء والصالحون بالأمراض وصبروا على ذلك وكانوا قدوة حسنة للمؤمنين في كل زمان. قال تعالى: {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (83) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ} [الأنبياء: 83، 84].

5- يحث مجلس العلماء الإخوة المواطنين على أخذ الأمر على محمل الجد والابتعاد عن الشائعات أو الاستخفاف بالإجراءات المتخذة أو السخرية من الآخرين واختراق خصوصياتهم؛ فكل هذا يتنافى مع المنهج الإسلامي في مواجهة الأزمات، فقد أمرنا الله تعالى في الأزمات إلى رد الأمر إلى أهله وأن نأخذ المعلومة من مصدرها الصحيح، قال تعالى: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ } [النساء: 83].

6- يدعو المجلس إلى مزيد من التكافل الاجتماعي بين فئات المجتمع كافة بأن يعين القوي الضعيف وأن ينفق الأغنياء من أموالهم على الفقراء والمحتاجين فهم بأمس الحاجة في هذه الظروف لمن يسد حاجاتهم؛ وهي دعوة أيضًا للتجار للتراحم مع الناس، وعدم احتكار السلع أو استغلال الظرف برفع الأسعار، لا سيما للسلع الضرورية والأدوية، والمستلزمات الطبية، والفحوصات المخبرية وغيرها.

وختامًا فإنَّ ما يحدث في هذا الكون إنما هو بتقدير الله تعالى، والمؤمن مطمئن لقدر الله عز وجل وهو منسجم مع هذا الكون المسبح بحمد الله تعالى بكل ما فيه من مخلوقات لا تشذ عن سنن الله تعالى ونواميسه وهي من آيات الله تعالى التي وعد أن يريها للناس ليؤمنوا بقدرته سبحانه على الخلق والتدبير قال تعالى: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ } [فصلت: 53]..

نسأل الله تعالى أن يحمي بلدنا الأردن من هذا الوباء وبلاد المسلمين كافة، وأن يديم علينا النعم ظاهرة وباطنة والحمد لله رب العالمين.

مجلس علماء الشريعة

جماعة الإخوان المسلمين- الأردن

أضف تعليقك