• الصلاة القادمة

    الفجر 04:23

 
news Image
منذ ثانيتين

بقلم: علي أبو هميلة

ما حدث في معهد الأورام بوسط القاهرة من مصيبة بإصابة 26 من طاقم أطبائه وتمريضه هي تعبير عن حالة من الإهمال واللامبالاة يعاني منها كل مكان في مصر..

 فقد بدأت الكارثة بنقل الفيروس عن طريق طفلة من أطفال المعهد مصابة الي ممرض - يعمل بالمعهد وبمستشفيات أخرى- وعندما اكتشف الأطباء أعراض كورونا على زميلهم طلبوا إجراء تحليل لهم؛ لكن العميد حاتم أبو القاسم رفض لتنتقل العدوى إلى باقي طاقم الأطباء والممرضين لتكون المحصلة النهائية للمرضى 26حتى الآن 3 أطباء و17 ممرض و6 من المرضى وما خفي كان أعظم نتيجة رفض العميد التحليل للمصاب الأول بحجة ارتفاع تكاليف التحليل.. إذن ارتفاع التكاليف بالنسبة للمواطن، بينما تكاليف المساعدات للصين وإيطاليا والكيان الصهيوني ليست مرتفعة!

المحاكمة

هل تصرف عميد معهد الأورام يعد شاذا داخل نموذج الإدارة في مصر أم أنه تصرف كل مدير منذ أن سيطر الأمن الوطني على اختيارات المسؤولين في مصر؟ هل كان حاتم هو حاتم الأول أم أنه حاتم في سلسلة من الحواتم الكثيرة والمتعددة؟!

 نعم قد يطالب البعض منا بمحاسبة عميد معهد الأورام بل ومحاكمته وعلى أقل تقدير إقالته من عمادة المعهد؛ لكن هل نظن أن هذا متاح في ظل نظام لا يهمه من المسؤول سوى ولائه له، حتى وإن كان بلا خبرات ولا مؤهلات أوكفاءة؟

تصرف حاتم أبو القاسم ليس بعيدا عن المنظومة، فقد سمع المتحدث الرسمي لوزارة الصحة (حاتم آخر)، عندما سئل عن عدم وجود اسم الدكتور أحمد اللواح أول طبيب مصري يموت من الكورونا في قائمة الوفيات يوم الوفاة، فأجاب المتحدث الرسمي: نحن نحدد متى نعلن عن الوفاة!

 أليس ما قاله المتحدث الرسمي دليلا على العبث بأعداد الوفيات.. فهل حاسب أحد متحدث وزارة الصحة؟.. لا، فحاتم في مصر لا يحاكم؟

حاتم آخر في مستشفى الإسماعيلية

مدير حميات الإسماعيلية (حاتم آخر) الذي طلب منه الدكتور أحمد اللواح أن يسعفه بجهاز تنفس فلم يرد عليه، فطلب الطبيب المريض أحد زملائه ليطلب له الجهاز من السيد المدير، فلم يرد المدير وهو يعرف حالة زميله الطبيب، فعرض المريض أن يكون جهاز التنفس على حسابه الشخصي ولكن لا حياة لمن تنادي..

ترك الطبيب ليصبح أول شهيد من شهداء الواجب في مواجهة الوباء الذي يجتاح العالم على الرغم من الحاجة لكل طبيب ولكل شخص من الأطقم الطبية، فهل حاسب أحد مدير حميات الإسماعيلية أم أن هذا المدير تصرف وهو يعلم أنه لا يحاكم ولا يحاسب في مصر.

عميد الأورام على الهواء

كانت أكبر مفاجآت عميد معهد الأورام حينما اعترف على الهواء مباشرة أن الحالة قادمة من مستشفى آخر وأن هذا المستشفى الآخر به حالات مصابة ولا تعالج وأن هنالك مستشفيات كثيرة بها حالات مصابة بالكورونا وأضا لا تعالج..

 ماذا يعني هذا؟ ببساطة يعني أن هناك في كل مستشفى من هذه المستشفيات حاتم يعرف أنه لن يحاكم وأن حاتم ابو القاسم ليس حالة فردية بين مسؤولي المستشفيات فكل مسؤول لدية حالات في طاقم الأطباء والتمريض مصابة بالكورونا ومع ذلك يترك هؤلاء المرضى والأطباء والممرضين يتعاملون مع الجمهور، بل ويذهبون إلى بيوتهم ويقابلون عائلاتهم ويتنشر بينهم الوباء دون أي احساس بالمسؤولية..

أليس هؤلاء جميعا يستحقون المحاكمة والمحاسبة فهل سمع رئيس الوزراء أو وزيرة الصحة هذا الحوار الصادم؟ هل طلبوا أسماء المستشفيات من عميد معهد الأورام؟ هل استدعوا مديري هذه المستشفيات لسؤالهم عن الحالات التي ذكرها حاتم ابو القاسم في حواره التليفزيوني؟ الإجابة حتى الآن لا أحد سأل ولا أحد طلب..

وزيرة الصحة في مهمة خارج البلاد

بينما يتساءل الناس عن الاهمال الذي طال معهد الأورام بإصابة هذا العدد الكبير من طاقمه الطبي وماذا سيتم؟ وهل ستتم محاسبة العميد؟ فوجئ المصريون بوزيرة الصحة في مطار نابولي بإيطاليا ومعها طائرتين عسكريتين محملة بمساعدات طبية لإيطاليا، بينما تعاني المستشفيات والأطقم الطبية من نقص الأدوات الطبية ونقص أدوات الحماية للأطباء وكذلك للشعب، ولم تذهب هذه الطائرات والمعونات لمستشفيات صعيد مصر أو شمالها ولا إلى دلتا النيل بل عبرت المتوسط إلى إيطاليا..

 حاتم وزارة الإسكان والتضحية بـ٤ ملايين عامل

أصدرت وزارة الإسكان والتشييد في مصر قرارا منذ أيام بعودة عمال قطاع المقاولات البناء والتشييد في مشروعات العاصمة الإدارية والعلمين الجديدة إلى العمل بما يعني تعريض حياة هؤلاء العاملين المقدر عددهم ب 4 ملايين عامل في هذا المجال لخطر الإصابة بالمرض، وهو ما يتعارض مع الحظر المفروض لمنع انتشار الوباء؟!

 لكن لا مانع طالما أن العمل في العاصمة الإدارية وفي العلمين الجديدة في قصور الرئاسة أو في سجونها التي تزدحم بالأبرياء من معتقلي الرأي.

ألا يستحق من يضحي بأربعة ملايين مصري من أجل مشاريع يمكن تأجيلها حتى تنقشع الغمة محاكمة ومحاسبة على هذا القرار

أليس صاحب هذا القرار أكثر جشعا من رجال الأعمال الذين يطالبون بعودة العمل إلى مصانعهم ولو على حساب أرواح المصريين وهم لديهم مبرر أقوى من بناء القصور وأضخم مسجد وأطول برج وأكبر كنيسة. لماذا نهاجمهم وها هي الدولة تقرر عودة عمال البناء إلى عاصمتها الإدارية َ ومدنها الجديدة.. هل صاحب القرار بالتضحية بهؤلاء لا يدري الجريمة التي يقترفها.. أم أنه حاتم آخر في موقع مسؤولية جديد لا يخشى محاكمة أو محاسبة؟!

حاتم لا يحاكم في هي فوضى!

 لعلك تذكرت الآن تلك الجملة الشهيرة في فيلم يوسف شاهين على لسان أمين الشرطة حاتم الذي كان يقول (حاتم هو مصر.. ومصر هي حاتم.. وحاتم لا يحاكم) هذا الفيلم الذي استعرض جرائم الشرطة في حق الشعب ممثلة في هذا الأمين حاتم دون محاسبة ودون محاكمة وهو الفيلم الذي كان يحمل نبوءة ثورة يناير.. فكم من حاتم اليوم يحتاج إلى محاكمه؟

 أليس وزير النقل الذي انفعل حينما سئل عن المترو والزحام فيه وقام في اليوم التالي بعمل جولة في مترو بلا ركاب يستحق المحاسبة على تزويره واقع يشاهد يوميا.. أليس رئيس الجمهورية الذي لا يخرج علينا كما يخرج كل رؤساء العالم على شعوبهم يستحق المسائلة أم كل هؤلاء يعتمدون على أنه لا أحد يحاسب في مصر لأنهم مصر وكلهم حاتم.. حاتم أبو القاسم أو حاتم الوزير أو حاتم الرئيس لا يحاكم!

أضف تعليقك