• الصلاة القادمة

    الفجر 04:23

 
news Image
منذ ثانيتين

من الألقاب التي أطلقها العلماء والأدباء على شهر رمضان أنه مدرسة الثلاثين يومًا، أو معهد علم وتربية وعبادة ومعاملة أو جامعة إسلامية كبرى، وهو بالفعل كذلك؛ حيث تتخرج من مدرسته ربانيًا؛ إذ إنه يقدم للبشرية شخصية مسلمة متميزة بثلاث دعائم رئيسة (تقية- قرآنية- مسجدية) يقوم عليها صلاح الفرد والأمة معًا.

شخصية تقية

إن الله عز وجل حين قال لنا: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ﴾ (البقرة: من الآية 183) جعل الهدف الحقيقي منه اكتساب ملكة التقوى ﴿لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ(183)﴾ (البقرة)، وهو هدف جامع إن حققه العبد فاز بخيري الدنيا والآخرة. إن مصر الآن والأمة الإسلامية أحوج ما تكون إلى هذا المنتج الرمضاني التقي الذي يخاف الله تعالى في أحواله كلها.. في سره وعلانيته، ليله ونهاره، بيته وعمله، وفي سلوكه وتصرفه، وشعاره الدائم: ﴿قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (13)﴾ (الزمر).

إنه النموذج الذي عناه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: "اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن" (رواه الترمذي).

إننا نريد الحاكم الذي يخاف الله في شعبه، ويقيم العدل بين الناس، ويعلن دستوره لهم كما أعلنه ذو القرنين: ﴿قَالَ أَمَّا مَن ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُّكْرًا (87) وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاء الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا (88)﴾ (الكهف).

نريد المسلم الذي تمنعه تقواه عن الجريمة بكل صورها. كما منعت الصديق يوسف عليه السلام ﴿قَالَ مَعَاذَ اللّهِ﴾ (يوسف: من الآية 23).

سئل صلى الله عليه وسلم عن الإحسان فقال: "أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك" (رواه البخاري).

- فالمسلم الذي صام طوال رمضان عن الحلال إيمانًا واحتسابًا أولى به أن يصوم عن الحرام بعد شهر رمضان إيمانًا واحتسابًا، ويستحْيِي من الله تعالى، فلا يراه آكلاً للربا أو آكلاً لأموال الناس بالباطل، أو مانعًا للزكاة، أو مقترفًا للذنوب والمعاصي.

شخصية قرآنية

القرآن الكريم هو دستور الأمة، وهو مفتاح سعادتها في الدنيا والآخرة، وأما الإعراض عنه ففيه الشقاء والعنت والضيق.

قال تعالى ﴿... فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (123) وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا...﴾ (طه).

ولذلك من الواجب على المسلم:

أولاً: أن يستقيم على التعبد لله تعالى بالقرآن تلاوة واستماعًا وحفظًا؛ فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "من استمع إلى آية من كتاب الله كتبت له حسنة مضاعفة، ومن تلاها كانت له نورًا يوم القيامة" (الترغيب والترهيب).

ثانيًا: التخلق بأخلاق القرآن والعمل بأحكامه، سئلت السيدة عائشة رضي الله عنها عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: "كان خلقه القرآن، يرضى لرضاه، ويسخط لسخطه" (رواه مسلم وأحمد).

ويقول الحسن بن علي رضي الله عنهما: "إن من كان قبلكم رأوا القرآن رسائل من ربهم فكانوا يتدبرونها بالليل، ويتفقدونها بالنهار" (تبيان في آداب حملة القرآن للنووي).

شخصية مسجدية

شعار المسلم دائمًا: (رجل قلبه معلق بالمساجد)؛ ولذلك فالمسجد بيته وعنوانه.

فالمسجد بيت كل تقي، إنه بيت الطاعات، ومنزل الرحمات، ومحل البركات، وهو أفضل البقاع، وعنوان الأمة، ورمز حضارتها، وبوابة صلاحها.

ولو حيل بينك وبين المسجد لحائل فإنك ترى قلبك يهفو إلى المسجد يصلي في البيت وشعوره أنه في بيت الله لا ينقطع.

أضف تعليقك