تارةً تأخذك من حيث لا تشعر إلى الشهوات..
قال يحيى بن معاذ- رحمه الله-: من سعادة المرء أن يكون خصمه فهِمًا، وخصمي لا فهمَ له، فقيل له: ومن خصمك؟ قال: نفسي، تبيع الجنة بما فيها من النعيم المقيم بشهوة ساعة.
وتارة تزين لك إعجابا بها واحتقارا لغيرها..
قال أبو عثمان سعيد بن إسماعيل- رحمه الله-: الخوف من الله يوصلك إليه، والعُجب يقطعك عنه، واحتقار الناس في نفسك مرضٌ لا يداوَى، وقال: حقَّ لمن أعزه الله بالمعرفة أن لا يذل نفسه بالمعصية.
عودي يا نفس إلى ربك فاذكريه على كل حين، ولتدركي تمام الإداراك أن الذكر الكثير أن تذكر في ذكرك له أنك لا تصل إلى ذكره إلا به وبفضله.. وأن الذي حجب الناس عن التوبة طول الأمل، وأن علامة التائب إسبال الدمعة، وحب الخلوة، والمحاسبة عند كل همة.
وقال بعض السلف: إذا نطقت فاذكر من يسمع، وإذا نظرت فاذكر من يرى، وإذا عزمت فاذكر من يعلم.
إن النفس إذا أُطمعت طمِعت، وإذا أُقنعت باليسير قنعت، فإذا أردت صلاحَها فاحبس لسانها عن فضول كلامها، وغُضَّ طرفها عن محرم نظراتها، وكُفَّ كفَّها عن مؤذي شهواتها، إن شئت أن تسعى لها في نجاتها.
واحذ أن تُستدرج، وعلامة الاستدراج: العمى عن عيوب النفس، ما ملكها عبدٌ إلا عزَّ، وما ملكت عبدًا إلا ذلَّ..
قال سفيان الثوري- رحمه الله- يومًا لأصحابه: أخبروني لو كانَ معكم من يرفع الحديث إلى السلطان أكنتم تتكلمون بشيء؟! قالوا: لا.. قال: فإن معكم من يرفع الحديث إلى الله عز وجل.
ووعظ أعرابي ابنه فقال: أي بني، إنه من خاف الموت بادر الفوت، ومن لم يكبح نفسه عن الشهوات أسرعت به التبعات، والجنة والنار أمامك.
وقال ابن الجوزي- رحمه الله-: يا هذا لا نومَ أثقل من الغفلة، ولا رقَّ أملك من الشهوة، ولا مصيبةَ كموت القلب، ولا نذيرَ أبلغ من الشيب، وقال: يا من أجدبت أرض قلبه، متى تهبُّ ريحُ المواعظ فتثير سحابًا فيه رعودٌ وتخويفٌ، وبروق وخشية، فتقع قطرة على صخرة القلب فيتروي ويُنبت، وقال: ميزان العدل يوم القيامة تَبيْن فيه الذرة، فيُجزى العبد على الكلمة قالها في الخير، والنظرة نظرَها في الشر، فيا من زادَه من الخير طفيفٌ، احذر ميزانَ عدلٍ لا يحيف.
وسمع سليمان بن عبد الملك صوتَ الرعد فانزعج، فقال له عمر بن عبد العزيز: يا أمير المؤمنين هذا صوت رحمته فكيف بصوت عذابه؟
اللهم زكّ نفوسنا وطيّبها، واهد قلوبنا وأرشدها، وأصلح شأننا كله ولا تكلنا إلى نفوسنا وإلى أحد من خلقك.. وأخرجنا من شهر رمضان خيرا مقاما وأقوم سبيلا.
أضف تعليقك