• الصلاة القادمة

    الظهر 11:01

 
news Image
منذ ثانية واحدة

توالت في الأسبوع الأخير اعترافات من مسئولين بحكومة الانقلاب، تؤكد ما ذكرناه مرارًا، بأن الأرقام التي تعلنها وزارة الصحة والسكان بحكومة الانقلاب لا تتوافر فيها أي مسحة من مصداقية بشأن أعداد الوفيات والمصابين بفيروس كوفيد 19، المعروف بكورونا، وأن الأرقام الحقيقية أعلى بكثير من الأرقام المعلنة التي تتحكم فيها الحكومة بالريموت كنترول.

ويوم الخميس الماضي، اعترف وزير التعليم العالي خالد عبد الغفار، أمام زعيم الانقلاب عبد الفتاح السيسي بأن الأرقام الحقيقية للإصابات بالعدوى 5 أضعاف المعلن رسميا، في تصريحات مثّلت تشكيكًا واضحًا في صحة بيانات وزارة الصحة بحكومة الانقلاب.

وأوضح أن حجم الإصابات يصل إلى أكثر من 71 ألفًا وليس 14 ألفا فقط، وفقا للأرقام الرسمية المعلنة من جانب وزارة الصحة. وقال نصًا أمام رئيس الانقلاب: "لدينا سيناريوهات افتراضية لمعدلات الإصابة، ومنها أن الحالات المُصابة في مصر الآن تبلغ 5 أضعاف الأرقام المُعلنة، وقد تكون الأرقام في الواقع أكبر من ذلك، لكن معدل النمو لا يزال عند حدود 5.5 في المائة".

وكان آخر هذه الاعترافات مساء أمس الجمعة 29 مايو 2020م، حيث كشف عضو اللجنة العليا للفيروسات التابعة لوزارة التعليم العالي، عادل خطاب، في حوار مع الإعلامية ياسمين سعيد على قناة "إم بي سي مصر"، مساء الجمعة، عن أن "أعداد الإصابات الفعلية بفيروس كورونا بين 5 و7 أضعاف الأعداد المُعلنة في بيانات وزارة الصحة، والبالغة حتى الآن أكثر من 22 ألف إصابة".

ويقول خطاب إن "فيروس كورونا منتشر في المجتمع المصري بأعداد كبيرة للغاية، والكثير من المواطنين حاملون للعدوى، ولا يعانون أعراضا، حيث إن أعلى معدلات لحالات الإصابة تكون في المدن الكبرى"، مضيفا "من المتوقع أن تصل أعداد الإصابات بالفيروس في مصر إلى 10 أضعاف الأعداد المُعلنة، ولكن القياس هو بعدد الحالات الحرجة، وليس إجمالي الإصابات"، على حد تعبيره.

ورغم هذا الاعتراف، إلا أن المسئول الحكومي يبرر موقف الحكومة ويعزو السبب إلى المواطنين، مدعيا أن "الدولة لا تُخفي الأرقام الحقيقية للإصابات، بل يعود ذلك إلى عدم ذهاب المصابين إلى المستشفيات، ممن لم تظهر عليهم أعراض الإصابة بالمرض".

 

أسباب زيادة الضحايا

ويفسر أسباب تزايد معدلات الإصابة خلال الفترة الأخيرة بسببين:

الزيارات المتبادلة بين الأقارب والأصدقاء في إجازة عيد الفطر"، ويتوقع أن يتزايد معدل الإصابات قائلا: "حالات الإصابة مرشحة للزيادة خلال الفترة المقبلة، لأن الكثير من المصريين مصابون بالفيروس، ويتحركون بشكل طبيعي بوصفهم لا يعانون من الأعراض".
الحاملون للعدوى دون  ظهور أعراض عليهم، وهؤلاء يمثلون الخطر الأكبر؛ لأنهم ينقلون العدوى بين المواطنين دون سابق إنذار.
لكن المسئول الحكومي تجاهل دور الوزارة في نشر العدوى؛ فبرتوكول الوزارة لمكافحة العدوى يتضمن عدم إجراء مسحات للأطباء والطواقم الطبية إذا ظهرت حالة إصابة بينهم، ما يعني تحويل الأطباء والمستشفيات إلى بؤر لنشر العدوى.

 

كما أن الفترة بين أخذ المسحة وإعلان النتيجة سلبا أو إيجابًا والتي تصل ما بين يومين إلى أربعة أيام، تضمن انتشار العدوى طول هذه الفترة لمن تأتي نتائجهم إيجابية بالفيروس، والسبب أن الوزارة تحتكر تحاليل الكشف عن كورونا ولا تسمح للمعامل الخاصة بذلك للتحكم في أرقام المصابين، وهو ما يؤدي إلى تفشي العدوى بصورة مرعبة.

وحول ذروة انتشار المرض، يرى خطاب أن مصر لم تصل بعد إلى ذروة انتشار العدوى، متوقعا أن تكون خلال الأسابيع القليلة المقبلة مع عودة المواطنين من محافظات الدلتا والصعيد إلى أماكن عملهم في المدن الكبرى عقب انتهاء إجازة العيد".

هذه الاعترافات تثير التهكم والسخرية على هجوم سلطات الانقلاب وأذرعها الإعلامية على صحيفة الجارديان البريطانية التي نشرت، في منتصف مارس الماضي، تقريرا حول دراسة كندية تؤكد أن أرقام الإصابات الحقيقية في مصر أعلى بكثير من الأرقام الحكومية المعلنة؛ وهل اعترافات وزير التعليم العالي أمام السيسي إلا صدى لما أورده تقرير الجارديان وتأكيد على كل ما ورد فيه؟! فلماذا انخرس السيساويون وبات الكثيرون غير عابئين؟

 

إصرار على الخطأ

بخلاف كل دول العالم التي تفرض العزل والحظر الكلي والشامل للتجوال في وقت الذروة، فإن نظام الطاغية عبد الفتاح السيسي يصر على العكس تماما، بفتح المجال العام وتخفيف القيود على الحركة والتنقل، بالتزامن مع دخول مصر خلال الأسبوعين المقبلين مرحلة ذروة تفشي الوباء.

وتصر حكومة الانقلاب رغم كل هذه التحذيرات على تخفيف قيود الحظر اعتبارا من اليوم السبت، ولمدة أسبوعين، بحيث تقتصر فترة حظر التجول بين الثامنة مساءً والسادسة صباحا، فضلا عن تشغيل المحال التجارية والحرفية والمراكز التجارية (المولات) على مدار الأسبوع، وإعادة تشغيل الخدمات الحكومية تدريجيا.

كما أعلنت وزارة الداخلية بحكومة الانقلاب عن استئناف العمل بكافة وحدات المرور على مستوى الجمهورية، اعتبارا من الإثنين المقبل، لاستخراج وتجديد رخص القيادة لكافة أنواع المركبات، مشددة على ضرورة التزام جميع المواطنين المترددين على وحدات المرور بكافة الإجراءات الوقائية والاحترازية، وارتداء الكمامة الطبية كشرط أساسي للتردد عليها.

 

مآرب خبيثة!

هذه الإجراءات من جانب نظام العسكر تفتح الباب واسعا أمام كثير من التساؤلات حول الهدف منها، وماذا يريد السيسي بالضبط منها، ويمكن تفسير ذلك بأن النظام يسعى إلى تحقيق عدة مآرب شديدة الخبث والإجرام.

أولا: بهذه الإجراءات فإن النظام يعلن عن تبنيه بشكل سافر لنظرية مناعة القطيع، والتي تعتم على ترك العدوى تفتك بالناس تصيب بعضهم وتقتل بعضهم ويتعافى فريق ثالث وتتكون مناعة ذاتية عند قطاع عريض من الناس؛ فإن تكونت هذه المناعة عند 60 إلى 70% سوف تتشكل مناعة ذاتية داخل المجتمع، ويبدأ الفيروس في الانحسار والتراجع لأنه لن يجد مجالا  للنمو والتكاثر.

وهو ما يعني أن السيسي يريد للعدوى أن تصل إلى 60 أو 70 مليونا ربما يموت منهم نحو مليون مصري ليكتسب المجتمع مناعة القطيع ويتمكن من صد الوباء. مشكلة هذا السيناريو أن الوصول إليه وفقا للأرقام المعلنة ربما يستغرق سنتين أو ثلاثة، فهل يمكن للنظام تحمل عواقب هذا المسار؟

ثانيا: يؤكد النظام أن أولوياته هي فتح أبواب النشاط الاقتصادي وعودة فتح المصانع والشركات وعودة العمل والنشاط الاقتصادي بأقصى قوته، حتى لو كان ذلك على حساب صحة وحياة ملايين المواطنين؛ ذلك أن التداعيات الاقتصادية لتعليق وغلق المصانع والشركات والمحال التجارية والأسواق يمكن وصفها بالكارثية، خصوصا مع الشلل التام الذي أصاب قطاع السياحة وتوقعات بتراجع إيرادات قناة السويس استنادا إلى تراجع معدلات التجارة العالمية وتباطؤ النمو التجاري بناء على تعليق النشاط الاقتصادي في معظم دول العالم وتراجع أسعار النفط. بخلاف ذلك فإن مشاكل الاقتصاد المصرية مزمنة، ولا يزال يعتمد على الجباية والرسوم والضرائب الباهظة التي تبلغ نحو 80% من إيرادات الموازنة العامة للدولة.

ثالثا: يريد النظام حصد المليارات من جيوب المواطنين؛ وذلك لأن تفعيل غرامة الـ4 آلاف جنيه لعدم ارتداء الكمامة سيبدأ من اليوم، وهو باب واسع للفساد وسوف تمتلئ جيوب الشرطة ومن لهم حق الضبطية القضائية بالملايين، وسوف يضاعف من الفساد بين عناصر الشرطة بشكل واسع وغير مسبوق فيمكن تهديد أي مواطن بالغرامة؛ لأن عشرات الملايين من الناس  لن تتمكن من ارتداء الكمامة وسيتهاونون في ارتدائها، وبذلك ينتهز عناصر الشرطة ذلك لأخذ رشاوى ربما تصل إلى ما بين مائة إلى ألف جنيه بدلا من الـ4 آلاف غرامة.

أضف تعليقك