• الصلاة القادمة

    الفجر 04:23

 
news Image
منذ ثانيتين

"وقف تراخيص البناء يعني استمرار وقف حالنا وتفاقم الأعباء المادية على المقاولين"، هكذا يصف المهندس شريف القرارات التي صدرت مؤخرا من وزارة التنمية المحلية المصرية، لتفجر عاصفة من الجدل داخل قطاع المقاولات.

واعتبارا من 24 مايو الماضي ولمدة 6 أشهر أصدرت وزارة التنمية المحلية قرارا بإيقاف إصدار تراخيص أعمال بناء المساكن الخاصة أو توسعتها أو تعليتها أو تعديلها أو تدعيمها، مع إيقاف أعمال البناء الجاري تنفيذها بمحافظة القاهرة الكبرى والإسكندرية وعواصم المحافظات والمدن الكبرى.

القرار جاء بطلب من الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال افتتاحه أحد المشاريع القومية، والذي طالب أيضا الشرطة بإلقاء القبض على مخالفي البناء وعدم الاكتفاء بتحرير مخالفات ضدهم، وذلك في محاولة لوقف البناء العشوائي، والالتزام بخطة الدولة التنموية.

وتقدم عدد من النواب بطلبات إحاطة بشأن القرار، منهم عضو لجنة الإدارة المحلية النائب سليمان العميري الذي اعتبر أن القرار باطل دستوريا وقانونيا.

وأوضح العميري في طلبه أن القرار يضر بقطاع عريض من المصريين يشمل العمالة غير المنتظمة والمهندسين والمقاولين، ومرورا بالعاملين في سوق الخامات الأولية كالطوب والحديد والصلب، وصولا إلى أدوات التشطيبات، مثل الكهرباء والسباكة وحتى الأثاث والمفروشات.

وخلال جلسة للجنة الإدارة المحلية في مجلس النواب وبحضور وزير التنمية المحلية اعترض العديد من النواب على القرار، فيما طالب بعضهم بوضع استثناءات، خاصة مع وجود قانون التصالح في البناء المخالف.

وأكد النائب عبد الحميد كمال أن القرار سلبي، فقد تأثر به المجتمع وأصحاب المراكز القانونية، وتسبب في زيادة نسبة البطالة، مضيفا أن "المعالجة يجب أن تكون صريحة وواضحة، والتراجع ليس عيبا، وعلى الوزير أن يعيد النظر في القرار".

وقال عضو لجنة الإدارة المحلية النائب عصام إدريس إن أكثر من 70% من طوائف المجتمع متضررة من قرار وقف تراخيص البناء، متابعا "أناشد الوزير إعادة النظر في القرار، لأن الناس خربت بيوتهم بسببه".

وكشف فتح الله فوزي نائب رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين رئيس لجنة التشييد في الجمعية أن الجمعية تقدمت بمذكرة إلى رئيس الحكومة مصطفى مدبولي للسماح باستمرار العمل بكافة التراخيص الصادرة بالتزامن مع المراجعة الواجبة، واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة تجاه المشروعات المخالفة، وتطوير منظومة إصدار التراخيص.

وأضاف فوزي في تصريحات صحفية أن القرار سيضر بقطاع العقارات الذي يساهم بنسبة تقارب 18% من إجمالي الناتج المحلي، فضلا عن الإضرار بالاستثمارات التي تم ضخها في القطاع العقاري، خاصة الأجنبية منها، كما سيؤثر على استحقاقات الدولة الضريبية من القطاع العقاري والقطاعات المرتبطة به.


قرار ضروري

لكن في المقابل، هناك من يؤيد القرار إلى حين رصد المخالفات، خاصة مع ارتفاع نسب البناء المخالف في مصر، وهو ما يدافع عنه الخبير الاقتصادي وائل النحاس.

وفي حديثه للجزيرة نت، يقول النحاس إن هناك قطاعا كبيرا من شركات المقاولات بنسبة تصل إلى 90% تعمل في المشاريع القومية، فيما يعمل عدد محدود منها بالقطاع الخاص، وهو ما يعني تضرر قطاع صغير من قرار وقف النشاط الإنشائي الخاص، ويمكن للدولة أن تسند مشاريع لتلك الشركات إلى حين فحص التراخيص الممنوحة والتأكد من عدم وجود أبنية مخالفة.

ويرى النحاس أن قطاع العقارات يعاني بالفعل من الركود منذ فترة طويلة، وذلك بسبب انخفاض الطلب على العقارات نتيجة ارتفاع الأسعار ونقص السيولة وتوقف البيع والشراء، بمعنى أن قرار وقف التراخيص لن يؤثر كثير على القطاع الذي يعاني من الركود بالفعل.

وأشار إلى أن البناء المخالف كان له دور في رفع أسعار العقارات خلال الفترة الماضية،  وهو ما أثر بالسلب على عملية البيع والشراء التي وصلت معدلاتها إلى نحو 286 ألف وحدة عقارية سنويا، وهو عدد محدود جدا يشير إلى ضعف الطلب على العقارات، مما يعطي الدولة الحق في مراجعة موقف تلك الشركات بصورة عامة.

ولفت إلى أن للقرار أيضا أبعادا اقتصادية تتعلق بالأزمة الاقتصادية التي تشهدها البلاد خلال الفترة الأخيرة، وهو ما يتطلب عدم ضخ أموال على الطوب والزلط، وإنما الاحتفاظ بها في ظل عدم وضوح صورة انتهاء الأزمة الاقتصادية الناتجة عن فيروس كورونا وتداعياته.

الملفت للنظر أن قرار وقف التراخيص رافقه أيضا قرار بمحاكمة المخالفين أمام المحاكم العسكرية، والغريب أنه كان بأثر رجعي، حيث شنت قوات الأمن حملة على المباني المخالفة وألقت القبض على العشرات.

وهذا ما دفع عضو مجلس النواب هيثم الحريري إلى تقديم طلب إحاطة للحكومة بشأن القرارين، موضحا أنه مع الدولة في التصدي للبناء المخالف، لكن على أن يحاكم المواطنون المدنيون أمام قاضيهم الطبيعي وليس أمام المحاكم العسكرية، مضيفا "يجب ألا يطبق هذا القرار بأثر رجعي".

وتساءل الحريري مستنكرا "هل مثل هذه القرارات في مصلحة الاقتصاد أو في مصلحة الوطن؟ الحكومة كانت ترفع دائما شعار لا للعقوبات السالبة للحريات مع المستثمرين وتفضل الغرامات المالية، أليس هؤلاء المقاولون هم الداعمين للحكومة في كل الاستحقاقات الانتخابية السابقة، وتبرعوا بالملايين لدفع المواطنين البسطاء للمشاركة في العملية الانتخابية؟".

 

أضف تعليقك