• الصلاة القادمة

    الفجر 04:23

 
news Image
منذ ثانيتين

لم تهدأ بعد عاصفة الردود الرسمية، ومن الإعلام التابع لنظام السيسي على ملف مجلة "إيكونومست" في عددها الأخير، حول وضع نظام السيسي، وما يعانيه من فشل على كل صعيد، وبالذات الاقتصادي.

في هذا التقرير، اتهمت "إيكونومست" الحكومة المصرية بتبذير مليارات الدولارات التي حصلت عليها كمساعدات لإنعاش اقتصادها، وتساءلت عما إذا كانت مصر، الحكومة تحديدًا، مستعدة للإصلاح.

وتقول المجلة: "بعدما رحب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بكبار المسؤولين الأجانب في منتجع شرم الشيخ العام الماضي، وقدم لهم عرضا بسيطا، وقال السيسي، الذي أطاح بسلفه الرئيس الإسلامي، إن الاضطرابات التي أعقبت الربيع العربي قد انتهت، وإن البلد جاهز لاستقبال استثماراتهم، ووعد بتوفير الاستقرار، والشروع بإصلاحات اقتصادية، وفي المقابل، كافأ زواره مصر بأموال نقدية، وقروض ومشاريع اقتصادية جديدة، ووصفت مديرة البنك الدولي كريستين لاغارد الاجتماع بأنه (فرصة)، إلا أن هذه الفرصة تم تبديدها".

وتضيف المجلة أن "فريقا من صندوق النقد الدولي عاد من جديد إلى مصر؛ للتفاوض معها حول حزمة من القروض، التي تقدر بحوالي 12 مليار دولار على مدى ثلاث سنوات، فالسيسي بحاجة ماسة للمال، وتواجه حكومته عجزا في الميزانية العامة والحسابات الجارية (حوالي 12% و7% من الدخل القومي العام)، خاصة أن الاحتياط المصري الأجنبي يتراجع بشكل متزايد، وانخفضت قيمة العملة المصرية؛ بسبب تخفيض قيمتها إلى مستويات كبيرة، وتكتمل الصورة البائسة في معدلات البطالة، التي تصل إلى حوالي 12%".

وتواصل المجلة قائلة إن "الحكومة المصرية ليست محلا للثقة القوية، فحزمة المساعدات التي سيقدمها صندوق النقد الدولي مشروطة بإصلاحات تحدث عنها السياسيون منذ سنوات طويلة، وفشلوا في تطبيقها، خذ مثلا ضريبة القيمة المضافة، التي ستضيف موارد جديدة، فهي مشروع بحث أمام البرلمان المصري، لكنها أثارت ضجة؛ بسبب الخوف من التضخم، الذي وصل إلى 14%، والشكوك ذاتها دفعت السيسي للتراجع عن قرار لرفع الدعم عن الوقود، بعدما خفّضها عام 2014، ويعرقل البرلمان الإصلاحات في قطاع الخدمة المدنية المتضخم، فرغم تعهدات السيسي، فإنه لم يتم عزل أي شخص".
 
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أنه "أمام هذا القصور، فإن البنك الدولي قرر تعليق حزمة مماثلة من المساعدات، وقد يتخذ بنك التنمية الأفريقي الخطوة ذاتها، وحتى دول الخليج، التي تدعم السيسي بقوة، وقدمت لمصر مليارات الدولارات، فإنها بدأت تفقد الثقة، ويعتقد أن الإمارات قامت بسحب المستشارين من البلاد، ولم تصل الدفعات الأخيرة من الدعم بعد؛ بسبب البطء في إرسالها".

وتمضي المجلة في نقدها لحكومة السيسي قائلة إن "عقم الحكومة ينسحب على مشكلات مصر الملحة كلها: العملة المخفضة، ففي الوقت الذي يصل فيه سعر التبادل الرسمي إلى 8.83 جنيه مقابل الدولار الأمريكي، فإن سعره في السوق السوداء أعلى بنسبة الثلث، وفاقت نسبة الطلب على الدولار العرض؛ وذلك بسبب التراجع في معدلات السياحة والاستثمار الأجنبي، وهما المصدران الرئيسان للعملة الصعبة، ولهذا حاولت الحكومة الحفاظ على الدولار داخل مصر، من خلال تحديد المبالغ المسموح بسحبها من البنوك، وأعلن الأزهر، المرجعية الإسلامية العليا، أن كنز العملات الأجنبية يعد إثما، إلا أن هذه الجهود لم تؤد فقط إلا إلى إخافة المستثمرين المحتملين، وعرقلت الاستيراد المصري".

ويحذر التقرير من آثار ضعف العملة المصرية على المستهلك، حيث يقول: "هناك خوف من أن يؤدي ضعف العملة إلى ارتفاع الأسعار، خاصة أن مصر تستورد معظم الحاجيات الأساسية، مثل القمح، وعلى الحكومة أن تقلق أكثر على برامج دعم المواد الأساسية، وتعد السوق الأكبر في العالم للقمح الذي تستورده الدولة وتستخدمه لصناعة الخبز المدعوم، وتشتري الدولة القمح المنتج محليا بأسعار مبالغ فيها؛ لتشجع المزارعين المحليين، وهذا البرنامج يؤدي إلى إفراغ الخزينة العامة، ويتسم بشكل مرعب بالفساد، ويقوم المزارعون بخلط القمح المستورد مع القمح الذي ينتجونه ثم يبيعونه بأسعار عالية، ويبالغ المسؤولون في البيروقراطية في حجم القمح الموجود في صوامع الحكومة، ويأخذون جزءا من القمح المدعم، وتعرض نظام (سمارت- كارت)، الذي يمكن من خلاله التعرف على عمليات شراء الخبز، للقرصنة، ما سمح لبعض أصحاب المخابز بزيادة حصصهم من الدقيق المدعم".

وتقول المجلة إن "السيسي حذر من (إجراءات اقتصادية قاسية في الطريق)، واعترف حاكم المصرف المركزي طارق عامر بأن دعم الجنيه والدفاع عنه كان (خطأ فادحا)، ومن المحتمل قيام الحكومة بتمرير عدد من الإصلاحات وحتى تعويم العملة، إلا أنه من النادر قيامها بتطبيق السياسة الاقتصادية، حيث تراجعت الحكومة، مثلا، عن خطة لشراء القمح من المزارعين بسعر السوق (مع دعم بسيط)، وعوضا عن ذلك، هلّل السيسسي لعدد من المشاريع الكبيرة- الميغا- مثل توسيع قناة السويس، لنفخ الكرامة الوطنية وتعزيز غروره، لكنها لم تفعل شيئا لدفع الاقتصاد، وفي الحقيقة، تراجعت الموارد من القناة منذ إكمال مشروع التفريعة، في شهر آب/ أغسطس الماضي"

ويلفت التقرير إلى أن هناك "مشروعا يتعلق بإنشاء منطقة اقتصادية خاصة على جانب القناة، بتنظيمات أقل، وضرائب أقل من تلك المفروضة في بقية مصر، وأكد رئيس المشروع أحمد درويش قائلا: (نحن مستقلون بشكل كامل عن عملية صنع القرار الحكومية)، ومع ذلك، فإن هناك عددا قليلا من الشركات التي تقدمت بطلبات لتشارك في المشروع؛ وربما لأن زعم درويش تم تقويضه عبر قرار زيادة معدل ضريبة الدخل حتى داخل المنطقة الاقتصادية الخاصة من 10% إلى 22.5%، مقارنة مع تلك المفروضة في ميناء جبل علي في دبي، حيث لا تدفع الشركات ضريبة لمدة 50 عاما".

وتنوه المجلة إلى أن "صناع السياسة يفكرون في البحث عن طرق للتحايل على نظام التشريعات المصري المتصلف، ويقوم السيسي مثلا باستخدام الجيش في عدد من مشاريعه، بشكل وسّع من دوره في الاقتصاد، وفي الوقت ذاته تعاني الشركات العادية من القيود، فلا شيء يتحرك دون رشوة، وتحتل مصر، وبشكل محزن، المرتبة 131 في قائمة الدول التي تتسم بسهولة إنشاء مشاريع والتجارة، فأي مستثمر يجب أن يحصل على إذن من 78 مؤسسة وهيئة رسمية مختلفة ليبدأ مشروعا جديدا، ولم تحقق الحكومة وعدها الذي قطعته قبل 18 شهرا بتخفيض الإجراءات، وقصرها على هيئة واحدة".

ويعلق التقرير بالقول إن "البيروقراطية مفترسة إلى الحد الذي يجعل العديد من المستثمرين يفضلون البقاء صغارا من أجل الهروب منها، وهناك حوالي 18 مليون مؤسسة وشركة تجارية لا تتعرض للرقابة (أو تدفع الضريبة) للحكومة، وتصل نسبة الاقتصاد غير الرسمي إلى الثلثين، أي أكبر من الاقتصاد المصري".

وتستدرك المجلة بأن "الشركات غير الرسمية تجد من الصعوبة اقتراض المال، ولهذا فلا مجال أمامها للنمو، وكانت الحكومة المصرية قد اشترطت هذا العام تخصيص نسبة 20% من قروض البنوك للشركات الصغيرة والمتوسطة، وليس من الواضح الكيفية التي سيتم فيها التعامل مع الشركات غير الرسمية، وقد تواجه البنوك صعوبة في تمويل هذه الخطة؛ لأنها تكافح من أجل إقراض الحكومة".

ويتطرق التقرير لمشكلة أخرى، وهي "فشل مصر بتزويد شبابها بالمهارات المفيدة"، مشيرا إلى أن "هناك نسبة 40% منهم دون عمل، ومع أن التعليم الجامعي مجاني، إلا أن نوعيته رديئة، ولا تقوم الجامعات إلا بجهود قليلة لتعليم المهارات التي يحتاجها سوق العمل، وتخرج مصر العديد من الأطباء، إلا أن عددا كبيرا منهم ينتهي في السعودية لا مصر، ويعتمد بقية الخريجين على القطاع الخاص ليوفر لهم فرص عمل، إلا أن الفرص المتوفرة تقل بشكل مستمر".

أضف تعليقك