• الصلاة القادمة

    الفجر 04:23

 
news Image
منذ ثانية واحدة

شكل وجود الرئيس المنتخب محمد مرسي على رأس سدة الحكم في مصر أزمة حقيقية للولايات المتحدة الأمريكية وحليفها الكيان الصهيوني، فالرجل ذو الخلفية الإسلامية ومنذ اليوم الأول لحكمه رفض رفضا قاطعا أن يذكر كلمة "إسرائيل" في أي من حواراته أو خطاباته، وكان له دوره البارز في إيقاف العدوان الصهيوني على قطاع غزة في تشرين الثاني/ نوفمبر 2012، مما دعا مجلة التايم البريطانية لأن تعلن في غلافها السنوي الشهير أن مرسي هو رجل عام 2012، وأنه أقوى رجل في الشرق الأوسط بعد نجاحه في إيقاف العدوان الصهيوني على قطاع غزة في ساعات معدودات، وسحب السفير المصري في تل أبيب وأغلق السفارة الصهيونية في القاهرة، بل وأرسل رئيس وزرائه هشام قنديل لأول مرة على رأس وفد رفيع المستوى إلى قطاع غزة مباشرة بعد العدوان لمناصرة أهل القطاع، وشكل وجوده دعما قويا لحركة المقاومة الإسلامية حماس وكل قوى المقاومة، وقام بتخفيف الحصار المفروض عليهم منذ سنوات. 

وهو الرئيس الوحيد الذي أعلن دعمه المباشر والواضح للثورة السورية، وأغلق سفارة النظام السوري في القاهرة، وسحب السفير المصري من دمشق، ودعا لانسحاب المليشيات الإيرانية وحزب الله من سوريا، وقال بشكل واضح وصريح أمام الجماهير المحتشدة في استاد القاهرة "لبيك يا سوريا"، "لا مكان لحزب الله في سوريا" وغيرها من المواقف التي شكلت قلقا وتهديدا مباشرا للكيان الصهيوني وحليفته أمريكا.

ورفض أن يحج إلى البيت الأبيض كغيره من الرؤساء والزعماء العرب، في تحد واضح للهيمنة الأمريكية وفي رسالة واضحة مفادها أنه رئيس خرج من رحم ثورة الشعب المصري، يستمد شرعيته من هذا الشعب وليس من أمريكا أو الكيان الصهيوني، كما كان حسني مبارك وغيره من الحكام العرب، فهو في النهاية يسعى لرضى شعبه الذي جاء به إلى سدة الحكم بطريقة ديمقراطية شهد بها العالم، لذلك فلا عجب أن تخطط أمريكا وحليفها الكيان الصهيوني للإطاحة به عبر انقلاب عسكري دموي مخطط ومُدبر، كما قال السيسي بنفسه في حواره مع صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية بعد الانقلاب العسكري مباشرة، حيث قال بالنص: "الولايات المتحدة لم تكن بعيدة عما يجري هنا، لقد كنا حريصين للغاية على تزويد كافة المسؤولين الأمريكيين بمعلومات شديدة الوضوح، منذ شهور قلنا لهم إن لدينا مشكلة كبيرة في مصر، وطلبت دعمهم ومشورتهم ونصيحتهم"، وقال إنه كان على اتصال دائم و يومي بوزير الدفاع الأمريكي آنذاك "تشاك هيجل" وأنه حزين من كون أوباما لم يتصل به أثناء الانقلاب..

وفي محاضرة بمعهد دراسات الأمن القومي الصهيوني يوم 17 تشرين الثاني/ نوفمبر 2012 قالت وزيرة الخارجية الصهيونية السابقة تسيبي ليفني "إن كل قائد ودولة في المنطقة يجب أن يقرروا أن يكونوا إما جزءا من معسكر التطرف والإرهاب أو معسكر البراجماتية والاعتدال، وإذا قررت دولة أو قائد دولة ما مسارا آخر فسيكون هناك ثمن لهذا، بينما شريكها في الحوار "برنارد ليفي"، الكاتب الفرنسي اليهودي، أكد أن الإسرائيليين والغرب "لا يمانعون في أن تكون هناك بحور من الدم واضطرابات مستمرة في مصر وذلك مقابل ألا يكون هناك دولة إسلامية على رأسها جماعة الإخوان المسلمين، وأنهم سيشجعون العسكر على الاستيلاء على السلطة كما حدث في الجزائر مهما كانت الفاتورة باهظة".

وقال المفكر الصهيوني "بوعاز بسموت" في صحيفة إسرائيل اليوم؛ إن إسقاط مرسي مثل نهاية الربيع العربي، وهذا يمثل تحولا استراتيجيا يفوق أهمية حرب عام 1967.

في السياق ذاته، قال "دان حالوتس" رئيس هيئة أركان الجيش الصهيوني الأسبق، لإذاعة الجيش الإسرائيلي: "الانقلاب العسكري ليس المقصود منه القضاء على الربيع العربي وإنهاء الحلم المفترض بدولة إسلامية، بل الهدف منه أيضا إضعاف الجيش المصري، وأن أهم نتيجة لخطوات السيسي الأخيرة هي إضعاف الجيش المصري على المدي البعيد وإسدال الستار على إمكانية تطويره".

وجاءت أخطر الشهادات الصهيونية على الإطلاق من المفكر الصهيوني الشهير "دان مرغليت" الذي قال: "سنبكي دما لأجيال إن سمحنا بفشل الانقلاب وعاد الإخوان للحكم". وفي مقالة نشرها في صحيفة إسرائيل اليوم، أوضح مرغليت الذي يُعد من أقرب المقربين لنتنياهو أن "العالم إذا سمح بعودة الإخوان للحكم فإنه يتوجب على إسرائيل فعل المستحيل لضمان عدم حدوث ذلك، لأن الإخوان سيتوجهون للانتقام من إسرائيل في حال عادوا للحكم لإدراكهم دور إسرائيل في دعم السيسي. إن السيسي يمعن في القتل لأنه يدرك مغزى فشله وعلينا التجند لإنجاح حكمه فهذه قصة حياة أو موت ليست بالنسبة له بل لنا أيضا"..

وقال وزير الحرب الصهيوني الأسبق بنيامين بن إليعازر "إن مصلحتنا القومية تقتضي الإبقاء على الحكم العسكري في مصر".

وكذلك قدم الصهاينة دعما ماديا ومعنويا غير مسبوق للسيسي، حيث دعا وزير القضاء الصهيوني الأسبق "يوسي بيلين"؛ أوباما لتعديل القانون الذي يحظر مساعدة عسكر انقلبوا على حكم منتخب، بينما قال المستشرق الصهيوني "إيل زسر": "عندما يكون هناك السيسي فلا حاجة لمبارك".

وقال المفكر الصهيوني "د.إيدر" في صحيفة إسرائيل اليوم: "مع كل الألم يجب أن يغض الغرب الطرف عن مجازر السيسي ضد شعبه لأنها السبيل الوحيد لمنع دولة إسلامية".

وكتب الباحث الصهيوني بنيامين بن ستفي في الصحيفة ذاتها: "إن الانقلاب العسكري المصري بقيادة السيسي يؤذن بشرق أوسط جديد أقل تطرفا وأكثر خضوعا للغرب"..

كل هذه الشهادات الصهيونية وغيرها قبل الانقلاب العسكري وبعده؛ تؤكد أن مشهد 30 حزيران/ يونيو وما تبعه من انقلاب هو صناعة صهيونية بامتياز، لإخراج الانقلاب العسكري المرتب والمخطط على شكل ثورة شعبية وهو أكبر عملية خداع استراتيجي تعرض لها الشعب المصري طوال تاريخه، لكن كل الأحداث التي سبقت هذا الانقلاب وتلته، وبحور الدماء التي سالت بغير حق نتيجة جرائم العسكر، والتقارب غير المسبوق بين قادة العسكر والصهاينة، تؤكد أن هذا انقلاب صهيوني بامتياز نفذه عسكر مصر لمصلحة الصهاينة. ولا بد أن يعلم الشعب المصري أن بقاء هذا الحكم العسكري معناه خراب مصر وتدمير مقدراتها وأمنها القومي وحاضرها ومستقبلها لمصلحة الكيان الصهيوني، وعلى الشعب المصري أن يضطلع بدوره في إنهاء هذا الحكم العسكري ومحاكمة قياداته الخائنة العميلة للصهاينة من أجل استعادة الحياة الديمقراطية من جديد، ومن أجل استعادة البلاد المهددة بالضياع والفقر والتفكك..

أضف تعليقك