• الصلاة القادمة

    العصر 13:46

 
news Image
منذ ثانية واحدة

عاد الغرب إلى القانون الرومانى يحيى دراسته منذ القرن الثانى عشر الميلادى، وذلك عن طريق تدريسه فى الجامعات الأوربية، ثم نشطت حركة إحياء الدراسات القانونية طوال هذا القرن، حتى اعتبر أهم العصور فى تاريخ القانون منذ العصر القديم.


وتعد مدرسة بولونيا فى إيطاليا, والعالم ( ارنريوس ) أبرز معالم النهضة القانونية فى هذا القرن, ويرجع الفضل لارنريوس فى جعل القانون علماً مستقلاً, وفصله عن البلاغة، وقد اعتمد ارنريوس اعتماداً أساسياً فى دراساته على موسوعة جستنيان.


وانتشرت فى أواخر القرن الثانى عشر، وأوائل القرن الثالث عشر دراسة القانون الرومانى فى كثير من الجامعات الأوربية الأخرى التى نشأت فى ذلك الوقت.
وكان الإمبراطور الألمانى ( فريدرك برباروس ) من أشهر من استفاد من دراسة القانون الرومانى، مما ساعد على انتشار الدراسات القانونية فى بولونيا، والبلدان الأخرى .
كما كان انتقال أساتذة الجامعات من جامعة لأخرى، ومن بلد لآخر من العوامل التى ساهمت فى انتشار دراسة القانون الرومانى فى البلاد الأوربية، ومن ثم تطبيقه عملياً فى الحياة الأوربية .
وقد وصل هذا الانتشار الشديد لدراسة القانون الرومانى فى أوربا فى القرنين الثانى عشر، والثالث عشر إلى حد شكوى القديس برنار من أن محاكم أوربا تدوى بشرائع جستنيان، ولم تعد تسمع قوانين الله .
واستمرت دراسة القانون الرومانى بعد ذلك فى أوربا ـ علماً وتطبيقاً ـ حتى أصبح مصدر القوانين الأوربية الحديثة، التى هى مصدر القوانين المعاصرة فى كثير من الدول، ومنها مصر .
وذلك أنه لو تتبعنا ما حدث عند الاقتباس فى المجال القانونى، لوجدنا أنه تم بالمخالفة لكل الضوابط  التى ذكرناها فى المقال السابق؛ ففضلاً عن أن القانون هو أحد العلوم الاجتماعية التى كان ينبغى الحرص الشديد عند الاقتباس من القوانين الأخرى، فقد تم الاقتباس من ثقافة واحدة؛ بل من دولة واحدة هى فرنسا، وتم هذا النقل جملة واحدة, دون تفرقة ـ إلا نادراً ـ بين المفيد، وغير المفيد, وبين ما يتعارض مع قيم الأمة وثوابتها، وما لا يتعارض معها، كما أن الأمر انتهى بهذا الاقتباس، وأهملت الشريعة الإسلامية ـ القانون الوطنى للبلاد ـ فلم يتم إحياء دراستها، ولا إدخالها إلا نادراً فى القوانين الجديدة، ولم يكن الحديث عن الامتزاج بين الشريعة الإسلامية والقوانين الفرنسية ممكناً؛ لأن الاقتباس كان كلياً، ودفعة واحدة، دون تدرج واضح منظم، ودون وضع فى الاعتبار طبيعة الشريعة الإسلامية التى تقوم أساساً على الدين، بعكس القوانين الفرنسية التى هى قوانين مادية بحتة. 
فكان الاقتباس بهذه الطريقة كما وصفه الأستاذ المرحوم : مصطفى الزرقا: ( إعلان إفلاس, ليس باقتباس, وهو عجز لا إبداع ) .

أضف تعليقك