• الصلاة القادمة

    الفجر 04:23

 
news Image
منذ ثانيتين

رغم إقرار الجميع خبراء ومسؤولين أن غالبية المناطق السكنية المصرية غير مخططة ويتسم إنشاؤها بالعشوائية دون مراعاة الاشتراطات الهندسية، فإن عدد المناطق العشوائية غير معروف بدقة حتى الآن. وبالتالي، فإن عدد سكان العشوائيات غير معروف. 

فهناك ثمانية أرقام لذلك العدد تتراوح ما بين 909 منطقة إلى 1221 منطقة، ولكنه حتى العدد الأخير لا يلقى إجماعا؛ لأنه يعود إلى حصر تم عام 1992، وما بين ذلك العام والعام الحالي، أي خلال 24 عاما، تم تطوير بعض المناطق، وفي الوقت ذاته نشأت مناطق جديدة لم تدخل في الحصر القديم، وهي مناطق محرومة من المرافق والخدمات الصحية والتعليمية والمواصلات العامة.

 واكتفى حصر 1992 بعشوائيات المدن فقط، ولم يشمل عشوائيات الريف الأكثر عددا، وحتى رقم عشوائيات المدن غير دقيق؛ لأن التعريف الذي تم الحصر على أساسه اختلف من محافظة إلى أخرى، فبعض المحافظات اعتبرت المركز الإداري منطقة عشوائية واحدة، كما حدث بمحافظة المنيا، بينما حصرت محفظات أخرى عدة مناطق عشوائية داخل المركز الإداري الواحد. 

ولأن الحديث عن تطوير العشوائيات امتد من أوائل تسعينات القرن الماضي وحتى الآن دون أن تتحقق غالب الوعود الحكومية، فقد تفتق ذهن الحكومة عن الاكتفاء بالمناطق العشوائية الخطرة، البالغ عددها 351 منطقة يعيش بها 850 ألف نسمه، وأصبح الحديث والاهتمام الحكومي مقتصرا على تلك المناطق، مع نسيان العدد الأصلي الأكبر الذي كانت البيانات الرسمية تتحدث عن عدد سكان بها بلغ 18 مليون نسمه قبل سنوات. 

وعادة لا تتحرك الحكومات المصرية تجاه المناطق العشوائية إلا في حالات حدوث خطر كبير، فلم يبدأ الاهتمام بالمناطق العشوائية أوائل التسعينات من القرن الماضي إلا عندما اختبأ فيها بعض الهاربين من السجن من تنظيم الجهاد. 

وعقب سقوط صخرة ضخمة من مرتفع المقطم على سكان العشوائيات ،و مقتل العشرات منهم، تم إنشاء صندوق لتطوير العشوائيات، وتم رصد مخصصات مالية له، لكنها لم تكف لمواجهة المشكلة الضخمة؛ حيث تشير بيانات جهاز الإحصاء لوجود مناطق عشوائية في 226 مدينة مصرية من إجمالي 234 مدينة.

 كما تم الحصول على منح من جهات دولية للغرض ذاته، وفي عام 2014 تم إنشاء وزارة للتطوير الحضاري والعشوائيات، لتكون هناك وزارة عن مواجهة المشكلة، لكنه تم إلغاء الوزارة بعد عام واحد، وإسناد المسؤولية عن العشوائيات إلى نائب لوزير الإسكان والمرافق. 

وأعلن صندوق تطوير العشوائيات عن حاجته لنحو 14 مليار جنيه؛ لمواجهة عشوائيات المناطق الخطرة، البالغ عددها 351 منطقة خلال عامين، لكنه لم يتم تخصيص سوى مليار ونصف جنيه فقط له بموازنة العام المالي الحالي. 

وساهم اتحاد البنوك المصرية في تمويل بعض عمليات التطوير تلك، بالإضافة إلى تبرع رجال أعمال لإثبات الولاء للنظام، في ضوء ما شهدوه من تحفظ على شركات وأموال أقرانهم.

وسعيا من الجنرال المصري نحو جلب بعض الرضا الشعبي وسط حالة الغلاء والبطالة المتفشية، فقد اتجه لإنشاء تجمع سكني بمنطقة المقطم؛ لنقل سكان عشوائيات الدويقه إليه، وكانت مرحلته الأولى تشمل 6156 وحدة سكنيه بمساحة 65 متر للوحدة، والمرحلة الثانية 4824 وحدة سكنية بنفس المساحة، أي بإجمالي حوالي 11 ألف وحدة سكنية.

من خلال التبرعات التي تم توجيها لصندوق تحيا مصر، الذي أسسه الجنرال وضم إليه أصول الصناديق الخيرية السابقة له، ثم دفع جمعية الأورمان الخيرية لفرش تلك الوحدات، لكنه لم يتم إشغال سوى عدد محدود من وحداته السكنية، رغم افتتاحه في مايو الماضي.

ثم كان المشروع الثاني، الذي نال دعاية ضخمة، بإنشاء 1632 وحدة سكنية بمنطقة غيط العنب بالإسكندرية، مع توجيه جمعية الأورمان الخيرية لتوفير الفرش، وتوجيه البنك الأهلي المصري المملوك بالكامل للدولة، والذي يتم تعيين رئيسه وقياداته من قبل الحكومة لدفع 190 مليون جنيه للمشروع. 

وهكذا، نحن إزاء 12 ألف و612 وحدة سكنية بمشروعي المقطم بالقاهرة وغيط العنب بالإسكندرية، تقوم وسائل الإعلام بتصويرها على أنها حلت بهما مشكلات العشوائيات، لكنه مازال البون شاسعا حتى مع ما تم وبين احتياجات عشوائيات المناطق الخطرة البالغ سكانها 850 ألف نسمه.

 ناهيك عن سكان المناطق العشوائية الأخرى، الذين لا يقل عددهم في أقل التقديرات عن عشرين مليون نسمه، فعندما يقول جهاز الإحصاء الرسمي إن المناطق العشوائية تمثل نسبة 39 % من الكتلة العمرانية لمصر، فإن النسبة ذاتها من سكان مصر تعادل 35 مليون نسمه، دون الأخذ في الحسبان التكدس السكاني بالمناطق العشوائية الأكثر ازدحاما من المناطق المخططة هندسيا، حيث تقيم كل أسره بحجرة واحدة مهما زاد عددها. 

أضف تعليقك