• الصلاة القادمة

    الظهر 11:01

 
news Image
منذ ثانية واحدة

وبينما كنت أيام الثورة أذهب لميدان التحرير وأعود للعمل صباحا كان موظفى الرى معى فى المصلحة والذين كان أغلبهم موظفين بنظام اليومية المهين منذ سنين طويلة تصل إلى 18 سنة ولا مجال أمامهم للتثبيت مطلقا، كانوا ينصحوننى بالابتعاد عن هذا الطريق خوفا وإشفاقا على وعندما كنت أجيبهم أن هذا لصالحهم ولصالح مستقبلهم ومستقبل أولادهم، قال أحدهم  (احنا كده كويسين يا باشمهندس وعايشين .... )

ولما نجحت الثورة وتم عزل مبارك وعمت الاحتفالات البلد، ظهروا بوجه آخر ولبسوا ثوب الثوار وخرجت أصواتهم وهتافاتهم التى حبسوها كل تلك السنين وأضربوا عن العمل للمطالبة بالتثبيت ورفع الأجور ولم يستطع المهندسون والمديرون السيطرة على الموقف.

ولأنها كانت أيام عز وكرامة حضر وكيل الوزارة من الزقازيق ليستمع إلى مطالبهم ويخبرهم بجدول التثبيت الذى يبدأ فورا وينتهى خلال شهور قليلة حسب الأقدمية، لكنهم حبسوا الرجل الذى لم يكن أحدهم يجرؤ على الوقوف أمام مكتب سكرتيره دون إذن وموعد، حبسوه فى المكتب وأغلقوا عليه أبواب مجمع الرى ومنعوه من الخروج بينما لا توجد شرطة.

وحينما ذهبت لتهدئتهم، هاج الموظفون علي ووجدت نفس الرجل الذى كان ينصحنى أيام الثورة يصيح فى وجهى ويقول .. ( معلش يا باشمهندس  احنا قمنا بثوره وعزلنا حسنى مبارك علشان ناخد حقوقنا وتزيد مرتباتنا .. مكناش قايمين بالثوره علشان تفضل حقوقنا ضايعة ) وهكذا ركبوا الثورة وأصبحوا ثوارا.

وتم تثبيتهم ورفع أجورهم وحفظ كرامتهم وتم تعيين أبناءهم من المتفوقين فى الوظائف المرموقة مثل أبناء من كانوا سادتهم وعاشوا عامين من السيادة والعز.

ثم لما قام الانقلاب ظنوها ثورة كالسابقة، خرجوا هذه المرة من أول يوم ولم يتأخروا كالمرة السابقة، ليقتسموا مع المقتسمين ويحرقوا مع من يحرقون ويضربوا مع البلطجية ويشتموا مرسى والإخوان ظنا منهم أن ذلك سيرفع مكانتهم ويعلى قدرهم، لكنه للأسف لم يكن ميدانهم ولم تكن أيام سعدهم، كان ميدان رجال الأعمال والشرطة والدولة العميقة، كانت ثورة الأسياد على العبيد.

فحملوا سادتهم على أكتافهم وهتفوا لعودة جلاديهم، ليفاجئوا بأنه تم سحقهم وسحق أحلامهم وليستيقظوا الآن على الفقر والجوع وغلاء الأسعار والعيشة التى أصبحت نارا.

 

أضف تعليقك