• الصلاة القادمة

    الفجر 04:23

 
news Image
منذ ثانية واحدة

واجه الانقلاب العسكري في مصر نقصا في الموارد الأجنبية عند وقوعه، وزاد الأمر سوءا تراجع النشاط السياحي في ضوء إعلان حالة الطوارئ وانخفاض الاستثمارات الأجنبية المباشرة وحصيلة التصدير.

ولجأ الانقلاب للدول الخليجية المساندة له، التي أغدقت عليه المنح البترولية والسلعية والنقدية، والتي بلغت بالعام الأول للانقلاب 12 مليار دولار، حسب بيانات البنك المركزي، ثم كان تراجع سعر النفط بداية من منتصف عام 2014، فتأثرت المنح الخليجية بذلك، لتنكمش إلى أقل من 3 مليار دولار بالنصف الثاني من العام. 

ومع بداية عام 2015، بدا واضحا نضوب المعونات الخليجية، فتحول النظام المصر لطلب ودائع وقروض من الخليج، ليحصل الانقلاب حتى منتصف العام الحالي على 5ر12 مليار دولار في صورة ودائع وقروض، ثم أضيفت إليها مبالغ أخرى بعد ذلك من الإمارات والسعودية والصين والبنك الدولي وجهات أخرى.

وفى ضوء إخفاق المؤتمر الاقتصادي العالمي الذي عقده النظام في استقدام استثمارات أجنبية مباشرة كبيرة، وتراجع إيرادات السياحة وعزوف كثير من المصريين العاملين في الخارج عن إرسال تحويلاتهم لذويهم عبر الجهاز المصرفي، وتراجع إيرادات قناة السويس، وتراجع حصيلة الصادرات، وكذلك دخول الدول الخليجية في إجراءات تقشف محلية وتراجع احتياطياتها من النقد الأجنبي. 

من هنا اضطر النظام المصري للجوء للقروض المشروطة من المؤسسات المالية الدولية والإقليمية، من خلال البنك الدولي وبنك التنمية الأفريقي وغيرهما، ومع تأخر البنك الدولي في الموافقة، لجأ النظام لصندوق النقد الدولي، ولأن شروط قروض تلك القروض معروفة، فقد بدأ النظام في تنفيذ بعضها منذ منتصف عام 2014، حين رفع أسعار الوقود، مع إداركه بتأثير تراجع سعر النفط على مدى استمرار الدعم الخليجي له. 

وتضمنت اتفاقية قرض البنك الدولي الصادرة بقرار جمهوري بأواخر ديسمبر 2015 مطالب: خفض فاتورة أجور موظفي الحكومة، وزيادة مساهمة ضريبة الشركات والمبيعات من الناتج المحلي، والتزام الحكومة بفرض ضريبة القيمة المضافة، وخفض فاتورة دعم الطاقة.

وتم النص على أن يتم تعليق القرض حال وقوع حدث يعيق تنفيذ البرنامج أو جزء مهم منه، وحق البنك الدولي في حجب الشريحة إذا لم يقر رضاه عن التقدم المحرز في تنفيذ البرنامج الاقتصادي للحكومة، ورغم موافقة مجلس مديري مجموعة البنك الدولي على القرض بديسمبر 2015، إلا أنه لم يتم اعتماد صرف مبلغ الشريحة الأولى، والبالغة 1 مليار دولار، إلا في سبتمبر من العام الحالي.

 وجاء مضمون برنامج الحكومة متسقا مع مطالب البنك الدولي، وأيضا مع مطالب صندوق النقد الدولي المعروفة، والتي يتم التأكيد عليها سنويا خلال الزيارة الدورية لخبراء الصندوق لمصر.

وفي بيان الصندوق للإعلان عن الموافقة على إقراض مصر، أكد على القيام بإجراءات للتقشف المالي تتضمن خفض نسبة الدين للناتج بنسبة 10% خلال سنوات البرنامج الثلاثة، من خلال زيادة الإيرادات الضريبية، وخفض الدعم واحتواء فاتورة الأجور، وزيادة أسعار الوقود، وتركيز السياسة النقدية على احتواء التضخم من خلال السيطرة على الائتمان الموجه للحكومة والبنوك، ووضع إجراءات جديدة للإعسار والإفلاس، وتحسين الإشراف على الضمانات الصادرة عن الحكومة من خلال إعداد التقارير. 

ويظل السؤال الجوهري: هل تتحقق المنافع التي تحدث عنها الصندوق نتيجة لتنفيذ مطالبه، والتي حددها في: استعادة ثقة المستثمرين، وجذب الاستثمار الأجنبي، وتخفيض العجز بالموازنة إلى خانة الآحاد، وإعادة بناء الاحتياطيات الدولية وتعزيز الموارد العامة، وتشجيع النمو بقيادة القطاع الخاص وزيادة الصادرات والسياحة وخلق فرص العمل؟

حيث تثور التساؤلات عن إمكانية سداد كل تلك القروض الضخمة، وأن كثيرا من تلك المنافع تواجهها مصاعب تجعل تحققها أمرا صعبا، ومن ذلك زيادة السياحة كنتيجة لخفض سعر الصرف للجنيه، بينما تعثر السياحة يعود لمخاوف أمنية، وحتى مع زوال المخاوف الأمنية فقد أدت القرارات الاقتصادية الأخيرة إلى زيادة تكلفة الخدمات السياحية.

 فزيادة أسعار الوقود زادت من تكلفة الرحلات النهرية والبحرية، ومن تكلفة النقل السياحي البري والجوي، كما زادت أسعار الأغذية والخدمات التي تقدمها المنشآت السياحية للنزلاء.

أيضا الحديث عن تشجيع النمو بقيادة القطاع الخاص يصطدم بتوسع النشاط الاقتصادي للجيش، وعدم تكافؤ الفرص معه بسبب المزايا النسبية التي يتمتع بها من حيث وفرة الأراضي والتمويل والعمالة الرخيصة، وعدم الالتزام بنفقات للجمارك والضرائب، وهي العوامل التي يعاني القطاع الخاص من صعوبتها في الوقت ذاته.

ولم تأخذ الأمور السياسية والانقسام المجتمعي وسمعة التقاضي والتوترات الأمنية المتكررة، التي ينجم عنها إصابة البلاد بالشلل في كثير من المناسبات وخروج آليات الجيش والشرطة للشوارع بما يخيف المستثمرين والسياح، بل والمواطني،ن في ظل استمرار حالات الاعتقال والاختفاء القسري والتصفية الجسدية.

أضف تعليقك