في حواري الذي أجريته معه في برنامجي التليفزيوني «بلا حدود» في أعقاب الإعلان عن نتيجة الاستفتاء على التعديلات الدستورية في تركيا قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بوضوح تام «للأسف لن تعود سوريا إلى ما كانت عليه قبل الحرب» وكان هذا إقراراً بالأمر الواقع الذي فرضه الروس والإيرانيون في سوريا أو الروس تحديدا لأن الإيرانيين عجزوا طوال سنوات من التدخل سواء بالحرس الثوري أو الميليشيات التي جلبوها من أنحاء مختلفة من العالم في الحفاظ على النظام العلوي الذي كان ينهار تحت ضربات المعارضة رغم تفاوت الإمكانات العسكرية بشكل كبير بين الطرفين ولولا التدخل الروسي ما تغيرت الخرائط بهذا الشكل الذي أصبحت عليه والذي أقر بشكل مؤقت في مفاوضات «أستانة» عاصمة كازاخستان يوم الخميس الماضي من خلال المناطق الآمنة التي فرضتها روسيا بضمانة روسية- إيرانية، وقد أكد الرئيس أردوغان أن هذه الاتفاقية تضمن نصف الحل وأضاف في تصريحات أدلي بها لصحفيين خلال رحلة عودته بعد اجتماعه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتن في سوتشي الروسية الواقعة على البحر الأسود إلى أن هذه المناطق ستتضمن إدلب وجزءا من محافظة حلب والرستن في حمص، إضافة إلى أجزاء في كل من دمشق ودرعا ورغم إعلان الروس أن الاتفاق دخل حيز التنفيذ منتصف ليل الجمعة إلا أن الأيام القادمة كفيلة بالتأكيد على مدى جدية الخطوة التي يراها كثيرون أنها قبول بالتقسيم المرحلي لسوريا من خلال فرض الأمر الواقع ولأن هناك تداخلا كبيرا بين السكان فإن عمليات التطهير العرقي التي تجري بشكل خفي منذ سنوات في حمص وحلب وإدلب ودمشق واللاذقية وشمال سوريا كفيلة بإظهار النوايا الحقيقية لتقسيم سوريا على أساس طائفي عرقي مقيت وأننا سنكون أمام خريطة دويلات متفرقة.
أما ما حدث في اليمن وتحديدا في عدن وحضرموت فإنه يكشف بوضوح عن أن مخطط تقسيم اليمن قد أصبح علنياً وأن الأموال التي تتدفق على بعض القوى الداعية للتقسيم أصبحت أقوى من دعوات الوحدة وكلما اقتربت الحكومة من تحقيق النصر على الحوثيين فإن الذين يعملون ضد بقاء اليمن كما كانت ويستخدمون أموالهم لتحقيق أطماع توسعية هلامية يتدخلون بسرعة من أجل تدمير أي نجاحات يمكن أن تتحقق، ورغم الغطاء الفارغ الذي يستخدمونه بأنها حرب على الإخوان المسلمين في اليمن فإنهم يعلمون جيدا أن وجود الإخوان وقوتها العسكرية في اليمن هي قوة مبالغ فيها إلى حد كبير وأن الإخوان وغيرهم من الشعب اليمني الذين يقاتلون الحوثيين وصالح إنما انتفضوا دفاعا عن أعراضهم ودمائهم بعدما استباح الحوثيون والمخلوع صالح الدماء والأعراض في بلد قبلي تحكمه الأعراف والأصول العربية، هذه الأموال التي هي أموال الشعوب والتي تنفق لحرق الشعوب ستكون عليهم حسرة ولن يتحقق لهم شيء في النهاية إلا ما شاء الله، نحن نعيش صفحات ستكون تاريخا للأجيال القادمة وهي للأسف تكرار لصفحات ماضية لم يكن العرب فيها أحسن حالا مما هم عليه الآن والسبب هو التغلب على حقوق الشعوب، فحينما تستعيد الشعوب حقوقها سيتبدل واقعنا.. وإلا فالقادم أسوأ.
أضف تعليقك