• الصلاة القادمة

    الفجر 04:23

 
news Image
منذ ثانية واحدة

تتعدد وسائل العسكر في تنفيذ جرائمهم وقتلهم للمصريين بدم بارد، حيث تتمعن سلطات الانقلاب، في التنكيل بالمعارضين لهم، من خلال إهمالهم طبيًا والتعنت في تقديم الرعاية الطبية اللازمة للمرضى والحالات الحرجة منهم، في الوقت الذي لا يوجد فيه محاسبة أو عقاب لهم على جرائمهم في حق الشعب.

القتل البطئ

لا يكاد يمر أسبوع دون وقوع حالة وفاة لمعتقل داخل سجون الانقلاب بسبب الإهمال الطبي، حيث توفي اليوم الأربعاء المواطن أحمد محمد طه مرزوق فرغل، 62 عامًا، من أبناء مركز قلين - محافظة كفرالشيخ بالإهمال الطبي المُتعمد.

وبحسب ما ورد للمنظمة السويسرية لحماية حقوق الإنسان، فقد توفى صباح اليوم 17 مايو، بمستشفى سجن طره، بالإهمال الطبي المُتعمد، حيث رفضت سلطات الانقلاب الإفراج عنه صحيًا، رغم سوء حالته الصحية.

ولم تكن حالة طه مرزوق هي جريمة الإهمال الطبي الأولى، فقد انتشرت في الآونة الأخيرة عدة قصص لفضح جرائم العسكر منها قصة أحمد الخطيب "21 عام" والذى اعتقل عام 2014 وتم الحكم عليه في قضية عسكرية بالسجن عشرة أعوام، ثم ساءت حالته الصحية بشكل كبير داخل السجن وهزل جسده حتى هبط وزنه دون الخمسين كيلوجرامًا، ومع ذلك لم تقبل السلطات تحويله إلى مستشفى السجن لإجراء تحاليل وفحوص إلا مؤخرًا.

 ورغم أن معاناة الخطيب بدأت قبل نحو سبعة أشهر، وظهرت عليه لاحقًا أعراض تشير إلى احتمال إصابته بمرض اللوكيميا "سرطان الدم"؛ فإن هذا لم يكن كافيًا لإقناع سجّانيه بالسماح له بإجراء الفحوص المطلوبة إلا بعد حملات نفذها نشطاء وحقوقيون على مواقع التواصل الاجتماعي.

ومؤخرًا تم إجراء الفحوص التي أشارت إلى إصابته بمرض نادر هو "طفيل الليشمانيا الحشوية"، الذي كان من مضاعفاته تضخم الكبد والطحال وارتفاع الحرارة وفقدان الشهية ونقص الوزن، وفق ما ذكرت شقيقته فاطمة.

 وطالبت 183 منظمة حقوقية وشخصية عامة بالإفراج الصحي عن الشاب أحمد الخطيب، محذرين من تدهور صحته بشكل خطير بعد إصابته بمرض الليشمانيا، وقالت إن حالة "الخطيب" ساءت بشكل ينذر بالخطر، مؤكدة أنه إذا لم يتم علاجه فإن الإصابات الداخلية تنذر بالوفاة.

وتبقى قصة الشاب مهند إيهاب، هي أيقونة جرائم العسكر ضد الشباب المصري، فقد شارك مهند في ثورة 25 يناير عام 2011، وعمره قرابة 15 عاما، وبعد انقلاب 3 يوليو 2013، ألقي القبض عليه بتهمة تصوير المظاهرات، وتعرض في السجن للإصابة بسرطان الدم، وإهمال العلاج.

وقد تباطأت إدارة السجن في إطلاق سراحه أو السماح له بالعلاج، ثم أُطلق سراحه بعد أن تمكن المرض منه، وخاض رحلة علاج صعبة في الولايات المتحدة، إذ تبرع لتجربة علاجات جديدة، بعد ثبات عجز العلاجات القائمة عن التعامل مع حالته، قبل أن يتوفاه الله، في أكتوبر 2016، بعد أقل من أسبوع من إتمامه 20 عاما. 

كما توفي الشاب كريم مدحت البالغ من العمر 19 عامًا، الطالب بالفرقة الأولى في كلية الآداب جامعة الإسكندرية، في 13 أبريل الماضي، بعد دخوله في غيبوبة لأكثر من أسبوع نتيجة الإهمال الطبي المتعمد بحقه، من قِبل إدارة سجن برج العرب رغم تدهور حالته الصحية.

وظهرت على "كريم" منذ فترة أعراض التعب التي تمثلت في إغماءات وزرقان في الجسم ودوخة مستمرة، نظرًا لتردي وسوء أوضاع الاحتجاز، حيث ظل محتجزًا منذ أكثر من عامين، وكلما تم عرضه على مستشفى السجن، كانت تقرر في كل مرة أنها حالة غير هامة، حتى تدهورت حالته بشكل ملحوظ، فقامت مستشفى السجن بتحويله على مستشفى خارجي والتي اكتشفت وجود ورم في المخ.

يذكر أن "مدحت" معتقل منذ أكثر من 26 شهرًا، وتم اتهامه في 3 قضايا تشمل قضيتين عسكريتين وواحدة جنائية، وقد حكم عليه بأحكام وصلت لخمس سنوات. 

وشهدت مصر، خلال إبريل الماضي فقط، مقتل 177 خارج إطار القانون، و13 وفاة في مكان الاحتجاز، منهم 6 نتيجة الإهمال الطبي، و5 نتيجة هبوط حاد في الدورة الدموية، وحالتا تعذيب، وفق تقرير مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب.

يقتلون دون محاسبة

لا توجد إحصائية رسمية بعدد المتوفين داخل سجون الانقلاب العسكري بسبب تدهور حالتهم الصحية نتيجة الإهمال الطبي أو رفض مصلحة السجون نقلهم لمستشفيات مجهزة. وحسب مراقبين فإنه لا يمتلك أرقامًا دقيقة لأعداد المتوفين لأسباب صحية إلا النيابة العامة ووزارة داخلية الانقلاب، وهو لايودون الكشف عن الأرقام الحقيقة كي لا يكشفون حجم جرائمهم، التي يرتكبونها ضد المعتقلين.

وتتوالى انتقادات الحقوقيين لحالات الإهمال الطبي في السجون، مؤكدين أنها أصبحت متعمدة ووسيلة للتنكيل بالمعارضيين، ذلك بالإضافة إلى أن النيابة في كافة الحالات ترفض السماح بالإطلاع على ملف القضايا لتعرض المتهمين للاختفاء والتعذيب.

وينص الدستور المصري في مادته 18 على أنه لكل مواطن الحق في الصحة والرعاية الصحية المتكاملة وفقًا لمعايير الجودة، وتكفل الدولة الحفاظ على مرفق الخدمات الصحية العامة الذي يقدم خدماته للشعب ودعمه والعمل على رفع كفاءته وانتشاره الجغرافي العادل.

ويتضمن قانون السجون رقم 396 لسنة 1956 عددًا من المواد التي تضع القواعد العامة لعلاج السجناء والمحتجزين داخل السجن، وكثيرًا من التفصيلات التي تتضمن دور الطبيب في التأكد من عجز السجناء عن العمل، ودوره في اعتماد الإفراج الصحي.

وتتوالى مطالبات المنظمات الحقوقية لسلطات الانقلاب بالإفراج الصحي عن كل السجناء المرضى لعدم توافر إمكانيات علاجهم داخل السجون بشكل عام، وعلى رأسهم "أحمد الخطيب" المصاب بعدوى طفيلية نادرة تهدد حياته، والصحفي والباحث "هشام جعفر" الذي يعاني من ورم في البروستاتا، وضمور في العصب البصري، إلى جانب أمراض مزمنة، بينها الضغط، بالإضافة إلى المرشد العام السابق لجماعة الإخوان المسلمين مهدي عاكف الذي يعاني من أمراض عديدة، حيث أن الفحوصات الطبية التي أجريت له بمستشفى القصر أثبتت أن السرطان تمكن من الكبد وامتد إلى الكلى، وغيرهم من السجناء المرضى الذين لا يشكلون أي أخطار بسبب أمراضهم القاتلة بعد تعرضهم للإهمال الطبي في السجون.


 

 


 

أضف تعليقك