شهد اليوم التاسع من رمضان 4 وقائع تاريخية تأتى على رأسها نزول المسلمين على شواطئ جزيرة صقلية عام 212 هجرية، وفك الحصار وإنهاء الحريق عن الفسطاط عام 559 هجرية، ووفاة العالم الشيخ يوسف النبهاني عام 1350 هجرية.
ويستعرض الباحث في التراث، وسيم عفيفي، تلك الأحداث ويقول إنه في 9 رمضان من عام 212 هجرية تمكن القائد أسد بن الفرات من فتح جزيرة صقلية في البحر الأبيض المتوسط، والتي تعتبر همزة الوصل بين شمال إفريقيا من ناحية وبين إيطاليا من ناحية أخرى، بالإضافة إلى الأهمية التجارية والحضارية، حيث سهَّل الفتح أمر الاتصال بالشعوب صاحبة الحضارة على شواطئ المتوسط منذ قديم الزمان.
ويقول عفيفي إنه في ذلك اليوم توقف الحصار عن مدينة الفسطاط عاصمة مصر فمع نهاية العصر الفاطمي شهدت مصر مرحلة من الانهيار الكامل على كافة المستويات، السياسية والاقتصادية والعسكرية، خاصةً في عصر العاضد الفاطمي الذي كان يؤلب وزراءه على بعضهم البعض.
كان هناك وزيران، هما شاور حاكم الصعيد وضرغام أمير فرقة العسكر المغاربة، وكلاهما يريد أن يصل لكرسي الوزارة على جثة الآخر. ولم تفلح عمليات الاغتيال في حسم الأمر، فتمت الاستعانة بالقوى الخارجية، حيث استغل شاور أطماع الصليبيين المتعلقة بمصر والشام لإقامة إمارة بهما، فأرسل لهم يحثهم على مساندته ضد ضرغام نظير ثلث الناتج الاقتصادي المصري.
كان عموري ملك بيت المقدس ينتظر هذه الفرصة، فسافر إلى مصر بجيش جرار بحجة أن شاور لم يدفع الضريبة، ليستنجد شاور بالأمير نور الدين محمود، كي ينقذه من الصليبيين. إلا أن نور الدين كان على درجة من الذكاء مكنته من فهم غرض شاور فأراد التخلص من مثلث الخطر وهو شاور، الفاطميين، الصليبيين، فأرسل جيشاً بقيادة أسد الدين شيركوه وصلاح الدين للتخلص من المثلث المزعج وضم مصر للشام.
وجد شاور نفسه أمام جيشين، الجيش الصليبي وجيش نور الدين محمود، فقرر اللعب على الطرفين، حيث قام بدفع ثلث الاقتصاد المصري إلى نور الدين محمود ليحميه من الصليبيين، وفي نفس الوقت قام بتحذير عموري من قدوم جيش نور الدين ليكسبه في صفه.
ولكي يعرقل شاور دخول الصليبيين للقاهرة، أصدر أمراً بحرق الفسطاط، وأعلن لأهلها ضرورة المغادرة وترك منازلهم ومحالهم، والتوجه لقاهرة المعز خلال 72 ساعة.
ميدنة الفسطاط
تمت عملية النزوح ومع نهايتها اشتعلت الفسطاط، حيث أحرق شاور المدينة بالكامل عبر 20 ألف قارورة نفط، وعشرة آلاف مشعل نار، واستمر حريق الفسطاط 54 يوماً لدرجة أن اللهب والدخان كانت العين المجردة تراهما على مسيرة 3 أيام، ليكون حريق الفسطاط أطول حريق شهدته مصر بالكامل، وانتهي ذلك الحريق في 9 #رمضان 559 هجرية.
انتهت حياة شاور بالإعدام على يد الأيوبيين، ولم يتبق من الفسطاط أي شيء منذ أن بناها عمرو بن العاص سوى مسجده.
وفاة الشيخ النبهاني
في ذلك اليوم أيضا من العام 1350 هجرية توفي شيخ من شيوخ الفقه الإسلامي، وصاحب طريقة في التصوف، ورائد من رواد الأدب العربي في العهد العثماني، الشيخ يوسف بن إسماعيل بن يوسف النبهاني.
ولد الشيخ سنة 1265 هجرية موافق ميلادية 1850 في قرية إجزم قضاء حيفا، وينتسب إلى بني نبهان من عرب البادية في فلسطين الذين استوطنوا في تلك القرية.
كان والده المعلم الأول له، حيث علمه القرآن الكريم، وحفظ على يديه الكثير من المتون في علوم الفقه والنحو والبلاغة قبل إرساله إلى الأزهر الشريف في مصر سنة 1283 هجرية 1866 ميلادية.
أمضى النبهاني في الأزهر ما يزيد على ستة أعوام، تعلم خلالها العلوم النقلية والعقلية، ثم عاد بعد تلك المدة إلى فلسطين سنة 1289 هجرية 1872 ميلادية، وأقام في مدينة عكا مدرساً للدين وعلوم العربية.
يوسف النبهاني
تولى العديد من الوظائف والمناصب غير التدريس، فقد تولى نيابة القضاء في جنين سنة 1873 ثم توجه إلى دار الخلافة في الآستانة سنة 1293 هجرية 1876 ميلادية، وظل فيها مدة سنتين ونصف.
عمل محرراً في جريدة "الجوانب"، ثم قاضياً في ولاية الموصل. وتوجه إلى دار الخلافة في الآستانة سنة 1897 ميلادية وأقام بها نحو عامين، وفيها ألّف كتابه الشرف المؤيد لآل محمد صلى الله عليه وسلم.
تولى رئاسة محكمة الجزاء في القدس، وغادرها رئيساً لمحكمة الحقوق في بيروت التي وصلها سنة 1905 ميلادية، وألف فيها سائر كتبه، وطبع أكثرها، ثم غادرها إلى المدينة المنورة مجاوراً لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
ظل النبهاني في المدينة المنورة حتى إعلان الحرب العالمية الأولى سنة 1914، ثم عاد إلى قريته إجزم وبقي فيها حتى توفي سنة 1932 ميلادية الموافق 9 رمضان 1350 هجرية.
أضف تعليقك