لا يتوقف القضاء الموالي للانقلاب عن إصدار أحكامه الجائرة بالإعدام ضد رافضي الانقلاب العسكري، ليجعل العسكر من عام 2017 عام لتنفيذ أحكام الإعدامات.
وكان آخر تلك الأحكام الجائرة، ماصدر اليوم الاثنين، حيث قضت محكمة الطعون العسكرية بتأييد حكم الإعدام بحق 7 مواطنين أبرياء بقضية استاد كفر الشيخ.
وكانت المحكمة العسكرية بالإسكندرية قد أصدرت حكمها مارس من العام الماضي في الجناية رقم 235، المعروفة إعلاميًا بهزلية "تفجير استاد كفر الشيخ"، بإعدام ٧ من معارضي حكم العسكر بكفر الشيخ والمؤبد لـ5 آخرين و15 عاما لشابين والسجن 3 سنوات لاثنين آخرين.
وتعود أحداث القضية إلى أبريل 2015؛ حيث تم تفجير عبوة ناسفة بجوار استاد كفر الشيخ (موقف لأتوبيس الكلية الحربية) وراح ضحية الحادث 3 طلاب من الكلية الحربية.
وأكدت هيئة الدفاع عن المتهمين تلفيق أمن العسكر للتهم، وأن هناك من بين المحكوم عليهم من تم القبض عليهم قبل الحادث.
إعدامات ضد الأبرياء
منذ بداية عام 2017 الجاري تتوالى أحاكم الإعدام ضد معارضي الانقلاب، ففي أبريل الماضي حكم قضاء الانقلاب على معتقلي كرداسة بالإعدام للمرة الثانية عقب نقضهم الحكم الأول أمام محكمة النقض، أعلى محكمة مدنية في البلاد.
وقررت المحكمة إحالة أوراق 20 معتقلًا للمفتي للتصديق على أحكام إعدامهم بتهمة قتل رجال شرطة خلال موجة العنف التي تلت فض اعتصام ميدان رابعة عام 2013، على أن يكون يوم الثاني من يوليو المقبل موعد النطق بالحكم على جميع المعتقلين في القضية والبالغ عددهم 156 معتقلًا.
وفي يونيو الجاري قررت محكمة جنايات القاهرة إحالة أوراق 30 شخصًا إلى المفتي، لاستطلاع الرأي الشرعي في إعدامهم، بعد تلفيق الاتهامات لهم في قضية اغتيال النائب العام هشام بركات، وحسب القانون، فإن رأي المفتي بإقرار شرعية حكم الإعدام أو رفضه ليس ملزمًا للمحكمة، غير أن القضاء المصري غالبًا ما يأخذ برأي المفتي في مثل تلك القضايا.
وكان بركات قد اغتيل في هجوم على موكبه، أثناء خروجه من منزله بالقاهرة، في يونيو من عام 2015، عن عمر يناهز 65 عاما، ومن بين الثلاثين المحكوم عليهم، حضر 15 المحاكمة بينما حُكم على الآخرين غيابيا.
وخلال يونيو الجاري أيضًا أيّدت محكمة النقض حكم الإعدام بحق ستة من الشباب الصادر ضدهم في القضية الهزلية المعروفة إعلاميًا بـ«مقتل الحارس»، وينتظر ذووهم تنفيذ حكم الإعدام ضدهم.
وأطلق نشطاء حملة توقيعات على موقع أفاز لوقف تنفيذ حكم الإعدام بحق شباب المنصورة، وكتب الناشطون على موقع أفاز: "ستة شباب مظاليم مُثبَت عليهم حُكم الإعدام، يقبعون الآن في زنازينهم الانفرادية في رُبع الإعدام، ينتظرون التنفيذ، لم يرتكبوا جُرمًا ولم تُثبت عليهم تهمة، ولكن كان للقضاء رأيٌ آخر، ساعد الشباب وانضم لحملة التوقيع لوقف عقوبة الإعدام ضد شباب بريء".
وقُوبل حكم المحكمة باستهجان شديد من قبل المتابعين للقضية، ودشن عدد من مستخدمي "تويتر" هاشتاج "لا_لإعدام_الشباب"، للمطالبة بوقف حكم الإعدام بحق شباب المنصورة.
الإخوان المسلمين: لم يردعهم شهر القرآن
استنكر المتحدث الإعلامي باسم جماعة الإخوان المسلمين، طلعت فهمي، استمرار قضاء الانقلاب في إصدار أحكامه بالإعدام ضد عدد من رافضي الانقلاب العسكري، قائلًا: "لم تردعهم حرمة شهر القرآن، ولم يوقظ ضمائرهم الخوف من غضب الله عليهم، فواصلوا إطلاق أحكامهم الظالمة المتجبرة على الأبرياء بناء على أدلة ملفقة ومتهافتة".
وأضاف في بيان له مساء أمس الأحد 18 يونيو : "بالأمس القريب حكم نهائي بإعدام ستة من الأبرياء، وقبل ذلك أحكام بإعدام آخرين، ويوم السبت الماضي حكم بإعدام واحد وثلاثين وجميعهم من خيرة شباب مصر بتهمة قتل النائب العام هشام بركات، وسط صمت العالم بمنظماته الحقوقية والقانونية وتغاضي الحكومات التي تصدعنا ليل نهار بحقوق الإنسان وتواري أدعياء الوطنية والحرية".
واستطرد "فهمي" قائلا: "لقد قامت الداخلية بعد الحادث مباشرة بقتل العديد من الأبرياء وأعلنت أنهم قتلة النائب العام، ثم خرج من يتحدثون باسم الداخلية في الإعلام المصري معلنين صراحة أنهم عجزوا عن العثور على القاتل الحقيقي".
وتابع: "ثم فوجئنا في قفص الاتهام بسبعة وستين من الشباب، ظل القضاء يحاكمهم لمدة عامين ولم يأبه القاضي لشكاوى العديد منهم بتعرضهم لتعذيب شديد على امتداد عشرين ساعة متواصلة لانتزاع اعترافهم بالجريمة، ورغم ذلك أصدر حكمه الظالم الذي سمعه العالم أمس الأول، فأي تلاعب هذا بأرواح الأبرياء؟ وأي استخفاف بعقول الشعب المصري والرأي العام؟".
وشدّد على أن "إهدار الدماء البريئة بهذا الشكل الهمجي لا يقل خيانة ولا حرمة عن التفريط في الجزر والأرض والسيادة"، مضيفا: "لقد باع قضاة الأرض أنفسهم رخيصة لشيطان الانقلاب فأهدروا العدل وداسوا على العدالة فويل لهم من عقاب الله المنتقم الجبار في يوم قريب".
بدورها، قالت جبهة المكتب العام للإخوان المعروفة إعلاميًا بتيار التغيير أو القيادة الشبابية: "تتوالَى أحكام الإعدام في مصر، ومع كل حكم يصدر يُؤكد (القضاء) ضلوعه في الانقلاب الفاشي على إرادة الشعب، بل واضطهاده أيضا"، مؤكدة أن "القضاء صار مُسيّسا أكثر من أي وقت مضى، وصارت أحكام الإعدام تصدر على الهوية الفكرية والسياسية لمُناهضي الانقلاب".
وأردفت في بيان لها اليوم: "نُؤكد نحن الإخوان المسلمين لشركاء الثورة على ضرورة وحتمية السعي إلى الوحدة على أرضية الثورة، ولا شيء سوى الثورة، فلا سياسةَ ستصنع حلولا، ولا انتخابات ستُغيّر هذا الوضع البائس الذي لم تشهد مثله مصر في تاريخها المعاصر".
وطالبت جبهة المكتب العام للإخوان من "شركاء الثورة كافة، والشخصيات العامة، تنسيق مواقفهم، وإعلان رفضهم وإدانتهم لهذه الأحكام الجائرة بالإعدام، والتعاون سويا في طرح هذه القضية ودعمها محليا ودوليا؛ باعتبارها هَمّا إنسانيا ثوريا مشتركا".
وأكملت: "لقد بدأنا ثورتنا معا، وارتبطت مصائرنا بعضها ببعض، شئنا أم أبينا، وعلينا جميعا الانتصار للإنسان لكونه إنسانا، والنَّأي بمصيره وحقه في الحياة عن أي خلافات سياسية؛ فإزهاق الأرواح بالباطل لا يُمكن أن يكون محلا لجدال، أو خلاف، أو مناورة".
وأضافت: "نطالبكم يا رفاق الدّرب وشركاء الثورة بحقّ الثائر على الثائر، لما وقر في قلوبنا بأنكم أهل لأداء هذا الواجب الذي لا يُمكن لصاحب مروءة أن يعتذر عنه، أو يتخلف عن القيام به. عدوّنا واحد، ومصيرنا واحد، وإن تفرّقت بنا سُبل الرّأي والفكر".
منظمات ترفض الأحكام
طالبت منظمات حقوقية عدة، سلطات الانقلاب بوقف تنفيذ أحكام الإعدام الجائرة التي يصدرها قضاء العسكر، وأكدوا- في بيان لهم "أن أحكام الإعدام المبنية على محاكمات غير عادلة لا يمكن بحال من الأحوال أن تكون سندا لإنهاء الحق في الحياة".
وكانت اللجنة الأفريقية قد أصدرت قرارا في الشكوى رقم 571 لسنة 2015 المقدمة من أحد محامي الضحايا تطالب مصر بوقف حكم الإعدام لمخالفته للمواد 5، 4، و7 من الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب.
وقالت المنظمات : "في حالة تنفيذ أحكام الإعدام في تلك القضايا وبعد إصدار اللجنة الأفريقية قرارها، سيعد هذا انتهاكًا كبيرًا للحق في عدم جواز تنفيذ حكم الإعدام أثناء نظر دعوى الاستئناف أو التماسات الرأفة، حيث لا يجوز تنفيذ حكم الإعدام حتى يستنفد المتهم جميع حقوق الاستئناف المكفولة له أو تنتهي المهلة المحددة لطلب استئناف الحكم، وحتى ينتهي النظر في طلبات الاستئناف المقدمة منه للقضاء، ومن بينها التظلمات المقدمة للهيئات الدولية ومنها اللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، والتماسات العفو أو تخفيف الحكم".
أضف تعليقك