ذهبوا إلى محطة الأتوبيس وبحثوا عن أتوبيس الإسكندرية .
كانوا معجبين بالإسكندرية وسمعتها الجيدة كشاطئ جميل وهواء عليل كما أخبرهم أصدقائهم الذين زاروها منذ عدة شهور حتى تملكتهم الحماسة لزيارتها والجلوس فيها .
سمعوا المنادى فى المحطة المليئة بالأتوبيسات الذاهبة إلى كل مكان ينادى . الإسكندرية يا حضرات . بصوت عال ومسموع .
ركبوا السيارة وظلوا طوال الرحلة سعداء مسرورين بأنهم ذاهبون للمكان الذى يحبون .
وحين وصل الأتوبيس إلى مشارف الإسكندرية الجميلة كان الأمر مختلفا هذه المرة .
قابلتهم فى وجوههم الثلوج والعواصف والرياح والأمطار الغزيرة سيول منهمرة وغبار وأتربة .
وحينها قال أحدهم ليتكم ذهبتم إلى أسوان فالجو سيئ هنا والحياة صعبة فى هذا المناخ والشتاء في أسوان جميل .
قاموا إلى سائق الأتوبيس يلومونه ويوبخونه على أنه لم يذهب بهم إلى أسوان متهمين إياه بالجهل وقصر النظر وانعدام الرؤية .
صاح فيهم الكمسرى . ولكنكم سمعتم المنادى فى المحطة ينادى على الإسكندرية وكانت سيارة أسوان وغيرها من السيارات واقفة لمن أراد أن يركب ولكنكم ركبتم إلى الإسكندرية بمحض إرادتكم وبكامل علمكم وأنتم على دراية بالطريق . بل وأغلبكم يعرف درجة حرارة الإسكندرية هذه الأيام وطبيعة الجو وتم التحذير من قبل الركوب وقطع الطريق .
عبثا حاول السائق إقناعهم أن الذنب ليس ذنبه ولكنهم أصروا على أنه سار بنا فى الطريق الخطأ .
وأنه يجب أن يذهب بهم إلى أسوان الآن .
صاح فيهم . يا جماعة يستطيع من يريد الذهاب إلى أسوان أن ينزل ويأخذ طريقه إلى هناك .
ولكن كان كلهم إصرار ألا يتركوا هذا السائق ولا هذا الأتوبيس إلا أن يذهبوا معهم . بل ولن يتحركوا إلا أن يذهب معهم جميع ركاب الأتوبيس حتى المقتنعين منهم بوجودهم في الإسكندرية رغم العواصف والرياح .
ولا زالت المهاترات مستمرة والجدال مستمرا والإصرار مستمرا والخلاف بين الركاب مستمرا فلا السائق قادر على أن يستكمل رحلته إلى محطة الإسكندرية ولا هو يستطيع مخالفة خط سيره المكتوب والمقرر سلفا والذي يسير فيه طوال عمره . ولا بعض الركاب ينتهون عن اتهامه بالفشل واتهامه بخطف الأتوبيس وسرقة حلمهم في الجو اللذيذ والرحلة اللطيفة التي كانوا يظنون .
أضف تعليقك